بهجت أبو غربية.. سجلّ النضال الفلسطيني!!

- قامةٌ عربيةٌ فريدة, بلغ السادسة والتسعين من العمر, وهو واقفٌ منتصب مثل شجرة النخيل, لم يتحوّل عن درب النضال, ولم يترجّل عن خيل الجهاد, حظي باحترام أغلبية السياسيين والنخب, حتى وإن خالفوه في الرأي, ودّع الحياة وهو ثابتٌ على مبادئه برجولةٍ ورباطة جأش.
ولد أبو غربية في خان يونس عام (1916م) وتوفيّ في عمّان عام (2012م), ليجعل من حياته سجلاً ناطقاً لنضال الشعب الفلسطيني من النكبة إلى الانتفاضة, فقد عاش الجزء المبكر من حياته في القدس وتعلّم دروسه الأولى فيها, ثم عمل في التعليم في الكلية الإبراهيمية في القدس لمدة تزيد على (20) عاماً, وكان خلالها يعمل مراسلاً لجريدة (الجامعة الإسلامية).
لقد انخرط المناضل الكبير بهجت أبو غربية في كلّ معارك فلسطين وثوراتها منذ البدايات الأولى بلا كللٍ ولا ملل, فقد استشعر الخطر الصهيوني في وقتٍ مبكر, واشتمّ رائحة المؤامرة بحاسة الشمّ القوية لديه, فقد شارك في انتفاضة فلسطين عام (1933م), وحمل السلاح منذ عام (1936م), وسجن عدّة مرات في عهد الانتداب البريطاني.
التحق بالحزب العربي الفلسطيني في أشدّ اللحظات الفلسطينية حرجاً وخطورة 1940م ¯ 1949م, ثمّ التحق بقيادة جيش الجهاد المقدس مع عبد القادر الحسيني في معركة "القسطل" (1945م ¯ 1949م), وقد جرح في هذه الحرب عدّة مرات.
ثم انتسب إلى حزب البعث بين عامي (1957م ¯ 1959م) وانتخب في القيادة القطرية فيه, وتعرض للاعتقال والسجن أكثر من مرة .
أسهم في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية مع المرحوم "أحمد الشقيري", وأصبح عضواً في اللجنة التنفيذية لعدة دورات, وهو أحد قيادات الكفاح المسلح في عمّان من (1968م ¯ 1971م), وأصبح عضواً في قيادة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني (1968م ¯ 1991م), كما كان عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني حتى استقال عام (1991م), على خلفية الموافقة على قرار (242) الذي يعترف بدولة العدوّ ويعطي الشرعية للاحتلال الصهيوني في فلسطين (48).
وهو عضوٌ في التجمّع القومي العربي الديمقراطي, كما ترأس اللجنة العربية الأردنية لمجابهة الإذعان والتطبيع من عام (1993م ¯ 1995م), كما أنّه عضوٌ في اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الأردني لحماية الوطن ومجابهة التطبيع.
لقد كان أبو غربية مثالاً للوطنية الصادقة, وعنواناً للنضال والجهاد, ورمزاً للثبات, حتى وافته المنيّة, ولسان حاله يقول كما قال خالد بن الوليد: لم يبق في جسمي موضع شبر إلا وفيه طعنةٌ من رمح أو ضربةٌ من سيف, وكنت أطلب الموت في مظانّه, وها أنا ذا أموت على فراشي... فلا نامت أعين الجبناء. (العرب اليوم )