خرافة صندوق الأجيال

وردت عبارة صندوق الأجيال على ألسنة بعض المسؤولين عند الأخذ بسياسة التخاصية قبل عقدين من الزمن ، بقصد الاحتفاظ بحصيلة التخاصية لمصلحة الأجيال القادمة وعدم استهلاكها لتمويل نفقات عامة.
الفكرة منقولة عن الكويت الذي أسس صندوق الأجيال في ثمانينات القرن الماضي عندما كانت الكويت تحقق فوائض مالية هائلة نتيجة لارتفاع أسعار البترول مع زيادة الوعي لحقيقة أن البترول سوف ينضب خلال سنوات تقاس بالعشرات وليس بالمئات.
القصد في هذه الحالة نقل جزء من الثروة من عهد الوفرة الراهنة إلى عهد الشح القادم ، وأخذ مصلحة الأجيال القادمة بالحساب. وهذا تفكير منطقي وحكيم.
غير المنطقي وغير الحكيم أن يقوم بعض المسؤولين الأردنيين بتقليد الكويت ، والدعوة لتأسيس صندوق الأجيال القادمة لتودع فيه حصيلة التخاصية التي لم تزد عن 7ر1 مليار دينار تتحقق مرة واحدة.
وإذا كانت موازنة الكويت في حينه تعكس فائضاً يجدر التفكير في أفضل استعمال له ، فإن موازنة الأردن كانت وما زالت تعكس عجزاً يبحث عن التمويل عن طريق الاقتراض الداخلي والخارجي.
لا معنى لصندوق الأجيال في حالة العجز المالي ، فالجاري عملياً أننا نرحل للأجيال القادمة مديونيتنا الراهنة والمتزايدة عاماً بعد آخر.
من ناحية أخرى فإن المشاريع التي تم بيع جانب من أسهمها لمستثمرين من القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي ، سبق تمويل بعضها بالمديونية ضمن خطط التنمية ، ولذا فإن تسديد الدين هو الاستعمال المنطقي لحصيلة بيع جانب منها يتراوح بين 25 إلى 40%.
عملياً تم استعمال جزء من حصيلة التخاصية في الأردن لتسديد ديون الشركات المخصصة ، والباقي ، وهو الجزء الأكبر ، دفع لإطفاء جانب من ديون نادي باريس ، وهذا يعادل نقل المال للأجيال القادمة بإنقاص الدين الذي سينتقل إليها.
في ظل التخاصية تتجاوز إيرادات الخزينة حالياً من المشروعات المخصصة حوالي 350 مليون دينار سنوياً ، في حين كان بعضها عالة على الدولة تسدد ديونه من الخزينة ، وبعضها الآخر يحقق أرباحاً هزيلة بسبب سوء إدارة القطاع العام ، حيث كانت الشركات الحكومية مزرعة للتوظيف بالواسطة ، وكانت إدارتها مناطة بوزراء سابقين ومتقاعدين لا يجيدون سوى حساب المزايا الشخصية التي يتمتعون بها.
( الراي)