زيارة مشعل لعمان.. قراءة هادئة!

- لا أريد أن أحمّل زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل أكثر مما تحتمل ولا ان أهون منها كما يذهب البعض رغم أن الاعلام الغربي تحديداً صنع لهذه الزيارة ضجيجاً وتوسع في تناولها لأمر في نفس ذلك الاعلام وأهدافه وحتى الجهات التي يريد أن يخدمها...
في يوم واحد سألتني أكثر من محطة فضائية ووكالة أنباء وصحفيين أجانب وقد أجبت على أسئلة وقابلت فضائيات منها الحرة الأميركية والاخبارية السعودية والعربية وإم بي سي واعتقد ان للزيارة دلالات عدة..فهي تأتي في اطار تطبيع العلاقات مع هذا الفصيل الفلسطيني بعد أن جمدت اثر ابعاد قادة حماس من عمان عام 1999 على خلفية أمنية وبعد ان تعرض خالد مشعل في عمان عام 1997 الى محاولة اغتيال على يد الموساد الاسرائيلي وقد كان الدكتور عون الخصاونة في وقتها رئيساً للديوان وكان الجهد الشجاع والكبير الذي بذله الملك الراحل الحسين في انقاذ حياته حين ساوم على عملية السلام ومعاهدتها مع الأردن مقابل انقاذ حياة مشعل بأن توفر اسرائيل الترياق الذي يعالج الحالة المعقدة التي دخل اليها مشعل في المستشفى وقد استجابت اسرائيل وانقذ رئيس المكتب السياسي..
زيارة مشعل الى عمان اذن تفتح باب تطبيع العلاقات مع الاردن وثانياً تجعل للأردن دوراً أكبر وأكثر مرونة في المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية اذ لم يكن الاردن فيما مضى يتعامل مع الطرفين وانما في طرف واحد هو السلطة الوطنية الفلسطينية وما زال يحرص على التعامل معها ولذا كانت زيارة الملك عبدالله الثاني الى رام الله أخيراً تسبق زيارة مشعل الى عمان أو حتى تطبيع العلاقات مع حماس وفي ذلك اشارة واضحة على أن الاردن يعترف بحماس كفصيل وطني فلسطيني وليست ممثلاً للشعب الفلسطيني..وفي الزيارة توظيف آخر إذ انها ترسل رسالة للاخوان المسلمين في الأردن لمزيد من طمأنتهم وبالتالي أيضاً التأثير عليهم لجهة تفهم أكثر لتطورات الوضع في المنطقة لا سيما وأن رئيس المكتب السياسي يمتلك الان خطاباً مختلفاً عن المقاومة التي دعا الى ان تكون شعبية ليلاقي بذلك موقف السلطة وغالبية فصائلها واذا كانت الجامعة العربية ارادت من خلال أمينها العام والمنظمة ان يقوم خالد مشعل بوساطة بين النظام والمعارضة في سوريا فإن مثل هذا قد يكون لائقاً أكثر في الأردن منه في سوريا التي لم يعد خالد مشعل يجد فيها مكاناً مناسباً للاقامة والعمل لان ذلك يكلفه استحقاق موقف صعب لجهة تحديده في أن يقف الى جانب النظام السوري أم المعارضة ذات العمق الاخواني وهو ما لم يستطعه مع الوقت ولذا فإن مشعل يبحث في هذه النقطة عن مخرج..
لا اعتقد أن الأردن سيقدم لمشعل ما قدمته سوريا فلا قواعد أو تنظيم معلنا ولا امدادت لوجستية ومكاتب وغير ذلك مما يجمع عليه مسؤولون اردنيون وانما وجود أفقي يجري فيها التعامل مع جهات محددة ربما تكون ذات طبيعة أمنية لأن التمثيل السياسي هو من خلال سفارة دولة فلسطين ومؤسسات السلطة الفلسطينية وحتى المجلس الوطني الفلسطيني..
أعتقد ان خالد مشعل يتفهم حساسية الجغرافيا الاردنية ويقدر طبيعة المرحلة فالرجل ذو خبرة سياسية مناسبة كما ان جناحه وهي حماس في الخارج أصبحت بقيادته أكثر اعتدالاً منها في الداخل في غزة بعد أن كان الامر مختلفا قبل عدة سنوات..
في الأردن ما زالت وجهات نظر الرأي العام الاردني تتوازى وتتقاطع حول الزيارة التي لا يجوز تحميلها أكثر مما تحتمل كما لا يجوز الاستغراق في التحليل والخروج بنتائج مضلله كما لو كان حضور مشعل صحبة ولي العهد القطري تمثل صفقة لا تريد الاطراف اعلانها..
في الزيارة خطوة أخرى باتجاه تطوير العلاقات مع قطر الشقيقة واستكمال لما بلغته العلاقات الثنائية من تطور ومناخ صحي كما انها فرصة للقاء ولي العهد القطري مع الأمير حسين ولي العهد..
لا اعتقد أن للغرب وخاصة الولايات المتحدة دورا في هذه الزيارة التي قرأها البعض خطأ انها جاءت بعد زيارة الملك لواشنطن وبالتالي لتعكس الرغبة الأميركية حيث تنفتح الولايات المتحدة على الاخوان المسلمين واحزابهم وهم يعملون على الانفتاح عليها كما جاء في تصريحات عبد اللطيف عربيات الاخيرة..فالزيارة عند مسؤولين أردنيين هي بروتوكولية وقد يناسبها أيضاً الوصف بأنها استكشافية ومن المبكر توظيفها أكثر وان كانت في مصلحة كل الاطراف وفي المقدمة الشعب الفلسطيني الذي انتظر اليد الاردنية لتمسح جرح الانقسام فيه.. (الراي)