ليبيا..زيارة ناجحة..

- رافقت وفداً كبيراً عالي المستوى برئاسة الدكتور عون الخصاونة رئيس الوزراء في زيارته الى ليبيا وقد ضم الوفد مجموعة كبيرة من الوزراء والمسؤولين والنقباء ورؤساء لجمعيات رجال الاعمال ورؤساء غرف الصناعة والتجارة ومجموعة من رجال الاعمال من القطاع الخاص..
كان العمل منظماً فقد سبقت مجموعة أعدت للزيارة وقد بدأ عمل الوفد منذ لحظة وصوله حيث توزعت ورش العمل والمجموعات كل في مجال اختصاصه..تنقلت بين مجموعة الصناعة والتجارة التي يرأسها عن الجانب الأردني سامي قموه وزير الصناعة والتجارة وعن الجانب الليبي وزيري الاقتصاد والتجارة وبين ورشة وزارة الصحة التي جرى التركيز عليها كثيراً وقد اهتم الليبيون بوزير الصحة الذي تحدث اليهم اكثر من مرة اذ وصل عدد القادمين للعلاج من ليبيا الى الاردن أكثر من (25) ألفاً بين جريح ومريض ومرافق وهذا العدد ما زال يتزايد وقد ابدى الليبيون الذين استقبلوا الوفد ترحيباً حاراً وشكراً موصولاً للملك وحكومته ولأعضاء الوفد على ما قدم الأردن من دور وجهد وعطاء وتعاون ودعم منذ قيام الثورة وحتى انتصارها وقد اكبروا هذا الدور واعتبروه ديناً في أعناقهم كما جاء في كلمات رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل وكذلك كلمة رئيس الوزراء الليبي الدكتور عبد الرحيم الكيب التي القاها في المؤتمر الصحفي الذي عقد في قاعة شحات في فندق كورنثيا بطرابلس..وهي كلمة مؤثرة عكست شخصية الكيب الكارزماتية وجملته السياسية وحرصه على التعاون مع الأردن..
كنت حزيناً وأنا أعبر الى طرابلس وبعد ذلك الى بنغازي التي عملت فيها عدة سنوات (1973-1979) فنظام العقيد المخلوع لم يدمر البنية التحتية في المدن الليبية وخاصة بنغازي التي بقيت محرومة في عهده فذلك امر يمكن اصلاحه ولكنه دمر المجتمع الليبي بالتجهيل والفوضى وحرمانه من التعليم الهادف وضرب القيم الليبية بصناعة مجتمع كراهية وصراع وحقد واستثمار في الضغائن والاختلافات وبنى حكماً من القمع والتنكيل والتعذيب والطرد طوال أربعين سنة بدد فيها ثروات الشعب الليبي على مشاريع فاشلة وتدخلات في شؤون الدول الاخرى واستثمارات لا يعرف حجمها ومداها أو حتى توثيقها في العديد من الدول الافريقية التي أراد العقيد ان يكون ملك ملوكها وحتى شيوخها وزعمائها التقليدين ووجهائها ومخاتيرها باسم الجماهيرية العظمى والفضاء الافريقي ..
الليبيون بحاجة الى كل شيء لينهضوا فقد حرمهم من المؤسسات ومن جهاز اداري ومن المحاكم والتمثيل الحقيقي ومن البرلمان ومن النقابات ومن المبادرات..لقد صنع مجتمعاً مشوهاً ومغلوباً على أمره وورط هذا المجتمع في قضايا خلافية مع المجتمع الدولي ورسم لليبيين صورة سلبية خاصة حين وقع عليهم حصار السنوات العشر بعد حادثة اسقاط الطائرة (لوكربي) وحوادث أخرى عوقب الشعب الليبي عليها نتاج ممارسات حكم العقيد المدمرة..
نعم يتطلع الليبيون الى دور أردني كبير في مجالات عديدة استثمارية وخدمية وتعليمية وصحية وحتى في الادارات الحكومية والبنية التحتية فليس غير الأردن كشقيق يمكن أن يساعد بسرعة ويستجيب بسرعة رغم المسافات التي تفصل بين البلدين والتي قال الليبيون انها اختصرت بالمحبة والثقة والتشابه وانها اي المسافة لا تعنى الكثير أمام التعامل الطيب..
ما أراه أن لنا في ليبيا فرصة هامة جداً اقتصادياً واستثماريا وانه يمكن مساعدتها بالخبرات والكوادر الاردنية ومما هو متاح لنا من امكانيات كبيرة في مجالات عدة وأن ليبيا التي تمتلك ثروات كبيرة وارصدة يجري تجميعها وحاجات متزايدة بعضها يبدأ من الصفر أو حتى تحت الصفر يمكن أن تشكل لنا «خليج آخر» نحن بحاجة اليه لتصريف العمالة الاردنية الخبيرة والكفؤة وأن نقيم استثمارات واسعة في حقول مختلفة وأن نستدرج استثمارات ليبية كبيرة على المستوى الرسمي والقطاع الخاص..والأهم من كل ذلك أن نبني على هذه الزيارة الناجحة لرئيس الوزراء عون الخصاونة وفريقه بزيارات أخرى مستمرة وأن نقيم مكتباً خاصاً للمتابعة بعد أن نجح سفيرنا العيطان واستحق الثناء من المسؤولين الليبيين على ترجمته للموقف الأردني طوال فترة الثورة..نعم نحتاج الى متابعة مستمرة بقينا نفتقر اليها فيما مضى ومع كل اتفاقيات ..فهل نجعل ليبيا هدفاً أساساً؟ وهل نحصد ما زرعنا وما علينا ان نزرع ؟...اننا أمام تجربة جديدة علينا فيها ان نبني ونؤسس وننافس وأن نكسب الافضلية..
(الراي)