الامساك بالعصا من طرفيها

انظروا الى نبرات المتباكي: بينما يمسك العصا من طرفيها، ينجح في أن يقول بانه لا يمكن الامساك بالعصا من طرفيها.
هكذا كان رئيس وزرائنا. لا يكتفي بالاقوال. بل يقول ويفعل العكس ايضا. نتنياهو هو رمز وقدوة. مثال ومرشد لطريقة الامساك المزدوج: يبني في المستوطنات ويبعث بالمحامي مولخو الى محادثات السلام في نفس الوقت. يبقي على حكومة يمينية متطرفة ويتحدث عن حل سلمي في نفس الوقت. يحمل راية الديمقراطية بحماسة ولا يقبل بارادة الشعب الفلسطيني في نفس الوقت.
لسنوات واسرائيل الرسمية تدعي بان عرفات، وبعده أبو مازن، ليسا الممثلين الشرعيين للشعب الفلسطيني. حقيقة أن الشعب الفلسطيني منقسم ومنشق سهلت علينا فقط التنكر للواجب والمسؤولية في ادارة مفاوضات جدية.
"مع من بالضبط سنجري المفاوضات؟" سألوا من حاولوا التملص من اجراء المفاوضات. طالما كان المجتمع الفلسطيني ممزقا، فما معنى التقدم مع جناح واحد منه؟ الحجة المتكررة تجاه حماس كانت انه طالما لا تعترف بدولة اسرائيل – فلن تكون جزءا من المفاوضات، وطالما لم تكن جزءا من الاتفاقات – فلن يكون ممكنا تحقيقها. مفارقة اسرائيلية نموذجية. ما الذي لا يقولوه ولا يفعلوه كي لا يفعلون شيئا.
هذا الاسبوع، عندما وقع اتفاق تاريخي بين السلطة الفلسطينية الفتحاوية وبين حماس – مرة اخرى غضب رئيس الوزراء وادعى، ليس أقل، بان هذا هو "بصقة في الوجه". وهكذا تنجح اسرائيل بدهاء في تقييد كل أمل بالمفاوضات. عندما يكونون منقسمين هذا ليس جيدا لنا وعندما يكونون متحدين فانه ليس جيدا لنا ايضا. ربما ببساطة ليس جيدا لنا. نقطة.
لعله يجدر لغرض الحذر، كي لا أُعتبر ساذجة، أن أذكر بان اتفاق المصالحة الفلسطينية الداخلية ليس المحاولة الاولى من الفصائل الفلسطينية لخلق قيادة موحدة ومتعاونة، وكثيرة الاحتمالات الا تكون هذه هي المحاولة الاخيرة.
غير أن النواقص والعلل في الطرف الاخر لا ينبغي أن تشغل بالنا. مهمتنا ان ننظر الى أنفسنا وان نسأل كيف يحتمل الا ترحب عناوين الصحف عندنا ببداية عصر يكون فيه للمجتمع الفلسطيني تمثيل متفق عليه ومتبلور.
التقارب المتجدد بين فتح وحماس يدل ضمن امور اخرى على أن الفوارق بينهما في كل ما يتعلق بالمسألة اليهودية – الصهيونية ليست كبيرة جدا. خط تفكير كهذا يؤدي الى الاعتراف بانه يحتمل أن تكون نشأت فرصة متجددة لمفاوضات جدية وموضوعية. أخيرا يوجد مع من يمكن الحديث.
ولكن خط التفكير المتابع للفرص والنوافذ المفتوحة ليس خط تفكير حكومة اسرائيل. فهذه تحب اغلاق النوافذ والفرص وليس فتحها، احباطها بدلا من بنائها والاحتفاظ بدلا من التسريح.
النائبة تسيبي حوتوبلي النشيطة الى جانب وزير المالية قفزا على اللقية – مرة اخرى سنبقي عندنا اموال الضرائب التي تعود للشعب الفلسطيني وسنعاقب المواطنين في الجانب الشرقي من جدار الفصل فقط لانهم تجرأوا على التطلع الى حياة افضل. سلب أموال الضرب الفلسطينية التي تعود لهم حسب القانون يعبر عن المفهوم الاسرائيلي في أنه يمكن للتلاعبات البخيلة ان تغير الواقع.
يقال عن الفلسطينيين انهم لا يفوتون فرصة لتفويت الفرص، ولكننا نحن لا نسمح حتى لهذه الفرص بان تسنح.
عن الصحافة الاسرائيلية