مجلس استشاري لا يستشار!

منذ البداية كنا ضد فكرة المجلس الاقتصادي والاجتماعي الاستشاري كمؤسسة أو هيئة حكومية أخرى ، فقد درج رؤساء الوزارات منذ عشرين عامأً على تشكيل مجلس اقتصادي استشاري يجتمع من وقت لآخر برئاسة الرئيس ، الذي يطرح أمامه ملفات قضايا راهنة ، ويستمع لوجهات النظر المختلفة التي قد تساعده في تحديد اختياراته.
هذا المجلس كان يتشكل من خبراء يثق بهم الرئيس شخصياً ، ويعاد تشكيله عندما يأتي رئيس جديد ، فأعضاؤه ليسوا مفروضين على أية حكومة من حكومة سابقة ، وهم لا يتخذون قرارات ، ولا حتى توصيات ، بل يبدون آراءهم كأفراد ، ليأخذ منها الرئيس ما يشاء.
آخر مجلس كهذا شكله الرئيس عبد الرؤوف الروابدة ، ولكنه لم يدعه للاجتماع نظراً لتشكيل مجلس شبيه في الديوان الملكي في نفس الوقت.
المجلس الحالي مختلف ، فهو مؤسسة حكومية ، لها رئيس وأمين عام ومبنى وموظفون وباحثون. وهو يكلف 700 ألف دينار سنوياً ولا يفعل شيئاً ، فليس له أمين عام منذ اسـتقالة إبراهيم أبو سيف ، وليس له رئيس منذ استقالة واصف عازر ، ولم تشأ أية حكومة أن تملأ الفراغ لأنها لا تشعر بالحاجة. وفي المجلس الآن عشرة موظفين وأربعة باحثين لا يوجد من يكلفهم بأي عمل.
المجلس لم يتأسس لأسباب موضوعية ، بل مالية ، فقد تعهدت فرنسا وإسبانيا بتقديم 30 مليون يورو لتمويل إنشاء المجلس ، لأن لدى الدولتين تجربة ناجحة في هذا المجال وترغبان في تصديرها للأردن. وقد نفـذّت الحكومة الفكرة للحصول على المبلغ واستعملت الجزء الأكبر منه لتمويل عجز في الموازنة.
يتكون المجلس من 44 عضواً معينأً بقرار من الحكومة ، ويعمل الأعضاء متطوعين أي بدون أية مكافآت مالية ، وكان من الممكن الاستفادة من خبرات هذه المجموعة المتميزة ، لكن الحكومات المتعاقبة لم تحاول ، ولم تكلف نفسها عناء تعيين رئيس وأمين عام ، أو إلغاء المجلس المجمد كما ألغي المجلس الأعلى للإعلام.
لماذا لا تطلق الحكومة رصاصة الرحمة على هذا المجلس وتوفر إيجار المبنى البالغ 120 ألف دينار سنوياً ، وتشطب 700 ألف دينار من باب النفقات الجارية في الموازنة.
إذا لم تتحرك الحكومة لتفعيل المجلس او إلغائه ، فعلى أعضائه أن يقدموا استقالة جماعية حتى لا يظلوا مستشارين لا يستشارون.
(الراي)