الاستثمار..من يعلق الجرس..؟

الشكاوى ترد الى الملك مباشرة وكثير منها الى ديوانه من مستثمرين عرب وحتى اردنيين وهناك شكاوى تحدث عنها رئيس الوزراء في لقاء أمس الاول بقوله «ان على الدوائر الرسمية ان تراجع التنسيق فيما بينها خصوصاً ما يتعلق بالاستثمار والمستثمرين» وقد أورد امام جلالة الملك معلومات تفيد وصول شكاوى وملاحظات مستمرة من سفراء المملكة في دول الخليج حول معاناة المستثمرين في المملكة..
اذن الملك يشكو..ورئيس الوزراء يشكو ..والسفراء يشكون والمستثمرون يشكون..فمن هو المسؤول؟ من الذي يعطل؟..هل هو شخص أم جهة أم قانون؟.وأين يبدأ دور الحكومة وأين ينتهي؟..ولماذا هذه الحال الموجعة التي تهرّب المستثمرين في وقت نحن أحوج ما نكون فيه الى الاستثمار؟
من هي الجهات التي تعاكس مناخ الاستثمار ولخدمة من تعمل هذه الجهات وما هي تصوراتها؟ ولماذا لا تكون تصوراتها تحت طائلة الحوار والنقاش وبعدها تحت طائلة المساءلة والمحاسبة حتى لا نظل نسمع كل هذا الشتم والنقد والاتهامية بالفساد لكل مستثمر أو متطلع للاستثمار في بلدنا..
هل المشكلة داخل الجهاز الحكومي الرسمي أم في الشارع؟ أم في وسائل الاعلام؟ واذا كانت في أي طرف من هذه الاطراف فهل نصمت أو نكتفي بالشكوى أم يجب المعالجة الفورية ومعاقبة كل جهة معطلة بالقانون وعدم السماح أن يكون الاتهام الجزافي وجهة نظر لان استمرار هذا الحال من التسيب والفوضى سيودي بمقدراتنا الاقتصادية الوطنية ويلحق الضرر بالمكاسب التي تحققت والتي نأمل أن تتحقق..
يجب أن نصفي الخلافات مع كل البلدان الشقيقة والصديقة وأن نفتح معها صفحات جديدة وفي هذا السياق يلفت الانتباه مشاركة رئيس الوزراء في احتفال اليوم الوطني الايراني في عمان وحصاد زيارته الى ليبيا واستعداده لاستقبال وفد اذربيجاني رفيع المستوى بعد لقائه الرئيس الاذري في دافوس..وكذلك الاعداد لزيارة مماثلة للزيارة الليبية الى الجزائر..
مطلوب الآن تعزيز الشراكة بين القطاع الخاص والعام فوراً وتقديم كل أشكال التسهيل للاستثمار في المملكة وتنشيط قطاع الخدمات وفتحه وتمكين القطاع الخاص فيه من أداء دوره وتعظيم مكاسبه على قاعدة تنظيم ذلك حتى لا تكون هناك طفرات تزعج المواطنين..
ما اطلعت عليه في وزارة الصناعة والتجارة من خطة رسمية لجذب المستثمرين قدم ملخصها الوزير سامي قموه بين يدي الملك تحتاج الى اعراب كل جملها وازالة كل الجمل المعترضة او الممنوعة من الاعراب أو الصرف...فلم يعد الكلام مجدياً حين يكون بديلاً للعمل ولم يعد أمامنا المزيد من الوقت أو ترفه لاستمرار تقديم الذرائع أو الحجج أو ترحيل المشاكل أو وضع الاخطاء تحت السجادة ..الوزير وضع اليد على كثير من مناحي الخلل التي ابرزها تعدد مرجعيات الاستثمار وعدم وجود قانون موحد يتواءم مع متطلبات المستثمرين..وهناك مشاكل وعقبات موضوعية محيطة ليس مصدرها أردني.. ما يهمنا المشاكل التي مصدرها اردني أو التي تقوم لوجود اهمال أو عدم انجاز وقد تحدث عنها الوزير..فلماذا؟..لماذا نعود دائماً وكأننا نتكلم من نقطة الصفر؟..لماذا تظل هذه الثغرات قائمة ومهددة لبقية الاستثمار رغم مرور حكومات عديدة عليها أشبعتها نقداً ووعوداً بالتغيير..هل نعيد اكتشاف العجلة؟..ومن ننتظر ليغير ان لم تقم الحكومة الان وفوراً بإصلاح كل مواقع الخلل وأن لا نعود نتكلم عن مشاكل في هذا السياق فإن كان الأمر يتعلق بالمرجعيات فلتكن مرجعية واحدة.. والسؤال ..أين صارت النافذة الاستثمارية الواحدة؟..من أغلقها واين جواز سفر المستثمر ومن جمده؟..ولماذا لا تسن قوانين جديدة تحفز الاستثمار وتكون نافذة لا تلغيها تعليمات لاحقة وتوجيهات يمارسها الموظفون ويحركها المزاج والارتجال والمصالح الضيقة..لماذا يسمح لدائرة في وزارة أو لموظف من الصف الثالث أو الرابع بتجميد قانون أو الغاء نتائج مؤتمر أو زيارة لحكومة أو حتى توجيه ملكي بجرة قلم هكذا !..ونعود للشكوى وطلب التشخيص مرة أخرى..
ما لم يصبح القانون أولاً وأخيراً..ومن يطبق القانون جاهز لفهمه وتطبيقه وعدم تعطيله فإننا سنبقى نشكو ونحيل الشكوى الى المجهول.
(الراي)