عائد من الجنادرية

قد تكون الوحدة العربية السياسية حلماً بعيد المنال كما يقول أعداؤها، ولكن الوحدة العربية الثقافية حقيقة ثابتة وراسخة، فالعرب من المحيط إلى الخليج توحدهم لغة واحدة ويجمع بينهم تراث ثقافي واحد، فالكتاب الذي يصدر في بيروت أو القاهرة أو تونس يباع ويقرأ في كل بلد عربي، لأن المؤلف يكتب لكل العرب الذين يواجهون نفس التحديات، وتسمع الأغنية العربية في كل بلاد العرب، ويلقى محمد عبده ترحيباً في كل بيت عربي.
هذه الوحدة الثقافية قيمة عليا تستحق المحافظة عليها وتغذيتها بأسباب الحياة والديمومة. والجنادرية واحدة من أهم الأدوات لإحياء التراث العربي في إطار الحداثة والأصالة التي تخاطب العرب جميعأً وتضعهم على صعيد واحد.
الجنادرية مهرجان وطني سنوي للتراث والثقافة ينظمه سنوياً الحرس الوطني السعودي منذ 27 عاماً، وقد بدأه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز واستمر في رعايته بعد أن أوكله إلى قائد الحرس الوطني أكبر أبنائه متعب، وهو مهرجان لكل العرب، أسهم فيه هذه السنة خمسة عشر مثقفاً أردنياً إلى جانب ثلاثمائة مدعو عربي من مختلف الأقطار، وكان هناك دور بارز لأردنيين مثل حيدر محمود وفخري صالح.
أبرز ما في الجنادرية الندوات الفكرية التي تنعقد بمشاركة متخصصين من جميع الدول العربية، وهذه بعض العناوين التي جرت حولها حوارات مفيدة:
- جدلية العلاقة بين السلطة والمثقف في العالم العربي.
- المثقف العربي والمتغيرات السياسية.
- دول الخليج العربي من التعاون إلى الاتحاد.
- الإصلاح المالي والإداري ومحاربة الفساد.
- العرب والقوى الإقليمية.
- المرأة والشباب والتعليم – طموحات ومعوقات.
- العرب وإفريقيا – البعد الاستراتيجي.
- الجيل الجديد والإعلام التفاعلي والمجتمع.
- الإعلام التفاعلي والشباب والمتغيرات.
مهرجان الجنادرية أخذ مكانه كشعلة تلقي الضوء على الوحدة الثقافية العربية وتعززها. وهو يستدعي التراث على أن يتم تطهيره مما لحق به في عهود الانحطاط، ويتقبل الحداثة بصدر رحب على أن يتم تطهيرها من كل ما يخدم الاستعمار.
مهرجان الجنادرية أحد وجوه الخير الذي تقدمه المملكة العربية السعودية إلى أمتها العربية المجيدة.
(الراي)