حضارة إنسانية واقتصاد معرفي

في عصرنا هذا أصبح العالم قرية واحدة ولم تعد هناك حضارة عربية أو أوروبية أو يابانية ، بل حضارة إنسانية تشبه البحيرة التي تصب فيها الشعوب في مراحل قوتها وتقدمها وتسحب منها في مراحل ضعفها وتخلفها.
البحيرة الحضارية التي تأخذ من الشعوب وتعطيها في أوقات ومراحل مختلفة أصبح مفتاحها الآن الشبكة الإلكترونية التي تضع كل البشر على ضفاف نفس البحيرة ، ليس كشعوب فقط بل كافراد وجماعات ومؤسسات أيضاً.
نخطئ كثيراً إذا قسمنا شعوب العالم إلى قسمين أحدهما يرفد بحيرة الحضارة الإنسانية ، وثانيهما يعيش عالة عليها ، فالواقع أن كل الشعوب تعطي وتأخذ في الوقت نفسه ، على الأقل عند المستوى الفردي ، فهناك مبدعون في الدول المتخلفة يرفدون الحضارة الإنسانية ، وهناك باحثون في الدول المتقدمة يسحبون عليها ، ولم يعد كل هذا يحتاج لأكثر من نقرة على الشاشة الصغيرة تفتح أبواب العالم للأخذ والعطاء.
ليس هناك ما هو أبعد عن الحقيقة من الإدعاء بصراع الحضارات ، فأين هي الحدود التي تفصل حضارة ما عن حضارة أخرى حتى يمكن أن يحدث بينهما صراع. في عصر الشبكة العنكبوتية هناك حضارة واحدة إنسانية لا تعترف بحدود المكان والزمان وهي متاحة للجميع بدون قيود أو شروط.
مرّ وقت كانت فيه المعلومات نادرة أو ناقصة أو محتكرة أو موزعة عبر المكان والزمان بحيث تصعب الإحاطة بأكثر من النزر اليسير منها ، وأصبحت بحيرة كبيرة مفتوحة للأخذ والعطاء ، ومتاحة للراغبين.
لم تعد المشكلة تكمن في غياب المعلومات أو قلتها بل في كثرتها واتساع دائرتها ، طالب المعلومات يجد أمامه بحيرة متلاطمة الامواج ، والمهم أن يعرف طريقه ولا يغرق ويتشتت ويضيع.
في عصر المعلومات والاتصالات برز الاقتصاد المعرفي الي يوظف تقنيات الكمبيوتر والإنترنت والاتصالات.
في بلدنا ما زال الاقتصاد المعرفي في أول الطريق ، وتقدر حصته بحوالي 4ر1 مليار دينار او 7% من الناتج المحلي الإجمالي ، ولكنه ينمو بمعدل 10% سنوياً. وكان انتشار الهاتف النقال قد رفع الإنتاجية بمعدل 2%.
لم يعد تصنيف الاقتصادات الوطنية بالتقـدم أو التخلف التكنولوجي فقط ، بل بمدى الاقتراب من الاقتصاد المعرفي أو الابتعاد عنه.
(الرأي)