عن المركز الوطني لحقوق الإنسان

دعيت الى جلسة نقاشية خاصة نظمها المركز الوطني لحقوق الانسان ترأسها طاهر حكمت رئيس مجلس الامناء والذي يتطلع بعد تعيين الدكتور موسى بريزات مفوضاً عاماً الى انطلاقة جديدة لتغطية مساحات من النشاط المتعلق بعمل المركز بصورة أكثر فعالية واكثر اقتراباً من قضايا حقوق الانسان في الأردن يري البعض أن يذهب في تمدد عمله الافقي الى عناوين فرعية ليصبح نسخة عن مراكز دولية مما يجعله عندها أكثر اغتراباً وابعد عن اصابة الاهداف التي يتوخاها المطالبون بمزيد من حماية حقوق الانسان الأردني..ويبدو ان هذا الاغراء لم يعد يغري المركز الآن لأن المساحات البكر في ساحة حقوق الانسان الاردنية ما زالت بحاجة الى عمل عمودي أكثر قدرة على البحث عن حلول ناجعة..
أعتقد وأنا أتابع النقاش في الجلسة ان المركز قد قطع شوطاً مناسباً في قبوله لحرية التعبير والرأي الآخر واستقطاب ذلك والحرص عليه والاستماع لوجهات نظر جريئة ونافذة باحتفاء يدلل على الرغبة في الانخراط في الواجبات المنصوص عليها في نظامه الداخلي بقوة..
ما ناقشناه كان تقرير «منظمة مراسلون بلا حدود» عن حرية الاعلام في الأردن ولماذا تراجع مركز الاردن في العام 2011..
وقد جاءت التوصيات التي أفرغها المركز في ملفاته الساخنة واضحة وجلية ومشخصة للحالة ومشيرة بشكل مباشر الى الأسباب ومطالبة بتجنب العوامل التي أدت الى هبوط حرية الاعلام وتراجعها..
صحيح ان المركز الوطني لحقوق الانسان ليس منظمة مجتمع مدني خاصة بمعنى انها تدار من جانب مجموعة حزبية أو مستقلة تماماً وانه قام في حاضنة رسمية أخذت صفة (الوطني) ولكنه بانصاف استطاع حتى الآن ان يقطع مسافة مناسبة باتجاه الخروج من الشرنقة التي لبسته في البداية وان يبني لنفسه اطاراً وصورة فيها الكثير من الاستقلالية التي أزعجت عديدا من الجهات الرسمية وما زالت..والمركز في اعادة موضعة نفسه الان يرى انه بحاجة الى المزيد من الذهاب باتجاه التقاط القضايا الساخنة في حقوق الانسان الاردني وتشخيصها واقتراح حلول لها ومجابهة كل القصبات التي تمنع أو تعيق أو تصادر اي حق منها..
مصداقية المركز تزداد كلما ذهب في هذا الاتجاه أكثر أي في اتجاه ان يشارك بفاعلية في قضايا الحراك الوطني وطروحات القوى السياسية والحزبية والاجتماعية من موقع مهامه في رصد مستوى الحفاظ على حقوق الانسان وعدم انتهاكها بل وادانة هذه الانتهاكات، وحتى تكتمل صورته في ذلك فإنه نفسه يحتاج الى مزيد من الاستقلالية والحماية وان تؤشر مرجعية الى ذلك..
المركز لا بد ان يكون باروميتر فاعلا ازاء قضايا حقوق الانسان وان يتقدم صفوف المراكز والهيئات المعنية بذلك وان يكون العنوان الابرز فيها ليأخذ مكانته وينهض بدوره ويتخطى ان يكون لافتة تريد الاستجابة لوجوده..
في النقاش الذي نظمه المركز قبل أيام قدم اجابات على اسباب تراجع مكانة الأردن على سلم حريات التعبير وهو بذلك يستطيع ان يقدم تصوراُ يحد من هذه العوامل التي أدت الى ذلك بان يعيد طرح أفكار وأن يروج لها وان يخاطب مختلف الجهات التي سببت بشكل مباشر أو غير مباشر لحالة التراجع وان يحذر من ذلك وان يدعو بالمقابل لزيادة منسوب حرية التعبير في مواضيع وقضايا وممارسات تجعل الصورة الاردنية اكثر لمعاناً وابعد عن القتامة والتعتيم والتشويه..
أنا من الذين يعتقدون ان الانطلاقة يجب أن تكون من خلال ترتيب البيت الداخلي والحرص على حرية التعبير فيه بما يخدم المصلحة الوطنية..فإن انجزنا ذلك فإنني اعتقد أن سجلنا في هذا الباب سيكون اكثر وضوحاً وغسيلنا سيكون أكثر نظافة حتى مع نشره على أية حبال محلية او دولية..لأنني اعتقد أننا يمكن أن ندرك صيغة تحسين الصورة للخارج دون ان تكون كذلك في الداخل ولذلك أساليب تعرفها كثير من المنظمات الدولية التي لها معايير محددة في حين تكون الصورة الداخلية على ما هي عليه..ما يهمنا هو صورتنا امام انفسنا وليس في مرآة العالم الخارجي فقط وهذا ما اشارت اليه التوصية التاسعة المنبثقة عن الجلسة النقاشية..
(الراي)