واشنطن تتبنى رواية النظام السوري بشأن القاعدة

لمزيد من الفهم لما يجري في سورية, وحتى تكون الرؤية مكتملة, يجب الوقوف على التصريحات الصادرة من الطرف الأمريكي بشكل شامل وكلي بعيداً عن الاجتزاء والتوظيف, ومن اجل المزيد من فحص نظرية المؤامرة على النظام السوري, التي يروجُ لها بعضهم, دعونا نقرأ التصريح الصادر عن "جيمس كلابر" رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية الأمريكي: انه من المرجح أن يكون فرع القاعدة في العراق هو الذي نفذ التفجيرات الانتحارية التي شهدتها سورية مؤخراً..
وكان نظام الأسد قد أعلن عن تورط تنظيم القاعدة في تفجيرات دمشق وحلب, وقال كلابر أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي ان التفجيرات التي شهدتها دمشق وحلب تحمل بصمات القاعدة. وأعرب رئيس الاستخبارات الأمريكية عن قلقه البالغ من تسلل تنظيم القاعدة الى صفوف الثوار في سورية مما قد يؤدي الى جملة من المخاطر الكبيرة.
الشيء اللافت للنظر في هذا الموضوع أن (كلابر) يقول: ان أجهزة الاستخبارات الأمريكية تراقب بشكل حثيث الشبكة الواسعة من مخزونات الأسلحة الكيميائية السورية والتي تمثل تحدياً كبيراً في حال استيلاء القاعدة عليها, ولكنها حتى هذه اللحظة في أمان..!!
وأشار (كلابر) في مؤتمر مشترك في ألمانيا: "ان محاولة القاعدة التمركز في سورية يثير قلقنا.."
وإذا أضفنا الى ذلك تصريحات (راسموسن) الأمين العام لحلف شمال الأطلسي: "إن الحلف لا يعتزم التدخل في سورية, حتى في حال صدور تفويض من الأمم المتحدة لحماية المدنيين. وقال راسموسن: نرفض تقديم أي إمدادات أو مؤن لدعم ممرات إنسانية مقترحة لنقل مواد الإغاثة والمدن التي تتحمل وطأة حملة القمع التي يشنها الرئيس السوري ضد محتجين يطالبون بالديمقراطية".
كل ذلك يؤكد أن مخاوف أمريكا من القاعدة ما زالت قائمة وما زالت تشن حرباً عالمية عليها, وليس كما يصور البعض بان هناك تحولا في هذا المجال بين ليلة وضحاها. ويتبين بشكل قاطع انه لا تدخل من أمريكا والناتو في سورية, وليس هناك نية للتدخل مستقبلاً إلاّ في حالة واحدة, اذا ضعف النظام وآل الى السقوط أمام المعارضة وعندها سوف يفكر الغرب بالتدخل لحماية (مخزون الأسلحة السورية) ولحماية حدود إسرائيل, ومن اجل التدخل في المشاركة في صياغة البديل.
إن الذين ملأوا العالم ضجيجاً حول التدخل الدولي في سورية, كانت مسرحية ناجحة في التغطية على الجريمة الداخلية التي تجرى في المدن السورية على يد أجهزة القمع والشبيحة, وكانت عبارة عن قنبلة دخانية ومسيلة للدموع تمنع الشعوب العربية وشعوب العالم من رؤية المجزرة على حقيقتها, والحقيقة الناصعة التي لا نقيض لها أنه ليس هناك تدخل دولي الآن ولا في القريب العاجل, وليس هناك مؤامرة ولا ما تحزنون, هناك شعب يذبح وحرب إبادة تحت سمع وبصر العالم أجمع.
(العرب اليوم )