الصندوق متفائل باعتدال

زارنا وفد صندوق النقد الدولي لمدة عشرة أيام اطلع خلالها على الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية ، والتقى بالمسؤولين في الرئاسة ووزارة المالية والبنك المركزي ، وناقش معهم التحديات والحلول. وفي ختام الزيارة أصدر الوفد بياناً كتب بلهجة العلاقات العامة مراعاة لحساسياتنا تجاه نصائح الصندوق كي لا نأخذها كأوامر وإملاءات أو تدخل في الشؤون الداخلية.
تنسجم منطلقات البيان مع النتائج التي توصل إليها استطلاع الرأي العام الذي قام به مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية مؤخراً فالأمور تسير بالاتجاه الصحيح (ولكن ببطء شديد) ومعظم المؤشرات الاقتصادية سوف تتحسن خلال هذه السنة والسنتين القادمتين (ولكن باعتدال).
يقول البيان أن النمو الاقتصادي سيرتفع من 5ر2% في 2011 إلى 75ر2 في 2012 ، ثم إلى 3% في 2013. وعجز الموازنة سيتقلص من 6% من الناتج المحلي الإجمالي في 2011 إلى 5% في 2012 ثم إلى 5ر3% في 2013. وعجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات سينخفض من 5ر9% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 5ر7% في 2012 وهكذا.
ينطبق هذا التوجه المتفائل باعتدال في تقديرات الصندوق على معظم المؤشرات التي تناولها ، ولكنه لم يقل لماذا ستسير الامور بهذا الاتجاه الإيجابي ، ولماذا يحدث التغيير الإيجابي بسرعة السلحفاة ، وماذا يحول دون أن يحدث تراجع إضافي أو تحسن أكبر ، وهل هذه الأرقام والنسب المستقبلية االتي ذكرها الصندوق تمثل تنبؤات موضوعية أم أهدافاً مقترحة.
للإنصاف فإن البحث في ثنايا بيان الصندوق يكشف عن بعض السلبيات ولكن برفق شديد ، فالمديونية سترتفع من 64% من الناتج المحلي الإجمالي في 2011 إلى 66% في 2012 ، ومعدل البطالة مرشح للارتفاع فوق 13% ، والديون البنكية المتعثرة قد ترتفع قليلاً ، واحتياطي العملات الاجنبية لدى البنك المركزي قد يواصل الانخفاض في ظل حالة عدم التيقن الراهنة ، أما التضخم فقد يرتفع إلى 5ر5% في 2012.
في مجال النصائح كان أسلوب الصندوق دبلوماسياً للغاية ، وبدلاً من المطالبة بخفض فاتورة دعم المحروقات مثلاً ، يقول البيان أن الصندوق يؤيد توجه الحكومة لخفض فاتورة دعم المحروقات. وينطبق ذلك على نصائح عديدة يضعها البيان في صيغة التأييد لتوجه حكومي موجود أو مزعوم.
(الراي)