بيان طاهر المصري لماذا؟
البيان الذي اصدره رئيس مجلس الاعيان ليصحح فيه ما نقل عنه دون ان يقوله في مقابلته مع تلفزيون دبي ومع مقدمة البرنامج زينة يازجي أثار الفضول لانتظار سماع مقابلته التي استمرت أكثر من أربعين دقيقة خاصة وان تسريب الكلام المنسوب لدولة الرئيس سبق بث المقابلة وهو امر مثير..
حين قرأت البيان والتقيت المصري في حفل تكريم الفريق فيصل الشوبكي بوسام الحمالة الكبرى عالي المستوى في منزل السفير المغربي بعمان واستمعت الى شكواه مما نقله موقع الكتروني محرفاُ لأقواله..انتابني القلق ليس خوفاً على المصري ولكن خوفاً على الحقيقة وحرصاً على رسالة الاعلام ودوره في ابعاده السياسية والاقتصادية وحتى الامنية واعتقدت ان الخطأ الذي وقع يمكن ان يكون لسبب من سببين اما ضعف في المهنية وعدم ادراك للفرق بين السؤال الذي سألته مقدمة البرنامج وهي حرة فيما تطرح وبين الاجابة التي قدمها المصري وهي ما يتحمل مسؤوليتها..او لأمر في نفس الموقع الذي ربما استهدف الاساءة لطاهر المصري سواء بصفته الشخصية او حتى العامة كرئيس لمجلس الاعيان وقد يكون ذلك في السياق الذي تعمل فيه بعض المواقع التي اغتالت وما زالت تغتال سمعة وسيرة شخصيات عامة عديدة وحتى اقتصادية واجتماعية ..قلت في نفسي اذا كان رجل بوزن وموقع طاهر المصري يجري التجني والدّس عليه وتحميل مقابلته وكلامه المسجل والمبثوث ما لا يحتمل فكيف بالعادي من الناس؟ لا احد يحجر على حرية التعبير التي سقفها السماء فحرية التعبير شيء ونسبة الاقوال لغير أصحابها شيء آخر لا يدخل ابداً في باب حرية التعبير لا من قريب أو بعيد ..بل انه أمر يخيف المسؤولين من الكلام اطلاقاً حتى في الكلام المباح والسهل تماماً حين يدركون أن كلامهم قد يُحرّف أو يخرج عن مواصفه أو يتحول ضدهم ..
أعود الى مقابلة المصري التي تحدث فيها بلباقة عالية وكياسة ودبلوماسية فطنة متنبهة لمرامي الكلام واهدافه وحتى سياقاته فقد كان الرجل دقيقا ويختار كلماته بعناية بل انه يسحب بعض المفردات ليستبدلها بغيرها حين يدرك انها ربما لا تفهم في سياقها أو حتى دلالاتها المباشرة..
كانت المقابلة قد اجابت بصراحة وجرأة على عديد من الاسئلة المتعلقة بالداخل الاردني ومسيرة الاصلاح والربيع العربي ودفاع المصري عنه واعتباره رداً ضرورياً على الواقع العربي المتردي ومهدداً للعدوانية الاسرائيلية وكابحاً لتوسيعتها..كما أجاب على ضرورة مشاركة الاردنيين في حراك ايجابي بصفتهم مواطنين وليس بصفتهم من مكونات ضيقة كما اجاب عن سؤال حول العلاقة الاردنية الفلسطينية وحق العودة..
ما حرف على لسان المصري وبثه احد المواقع يتعلق «بالاراضي» التي سبق وان نشر الديوان الملكي بياناً حولها نشرته الصحف وحين سئل المصري احال الاجابة لما كان نشر وامتنع عن اي تفاصيل واصفاً ان ذلك أمر لا يجدر الحديث فيه من جانبه وانه يكتفي بما نشر وكانت مقدمة البرنامج هي التي سألت وما قالته ليست هي اجابة دولة رئيس مجلس الاعيان..
ويبقى السؤال لماذا سبق الموقع في نشره هذا الجزء الصغير من المقابلة بث المقابلة نفسها؟ ولماذا لم ينشر كل المقابلة؟ ولماذا هذه الجزئية تحديداً؟ هل لأهميتها وسخونتها ورغبة الشارع في سماع شيء جديد عنها وخاصة من شخصية هامة مثل طاهر المصري واذا كان الامر كذلك فلماذا النشر على طريقة «ويل للمصلين»..أو على طريقة «ولا تقربوا الصلاة» وتدمير السياق الذي جاءت فيه اجابة مختلفة تماماً..
هذا الاسلوب الاعلامي يخيفنا ليس لانه يريد ان يقول حقائق ولكن لانه ينسب كلاماً لم يقله من ينسب الكلام اليه وتلك مصيبة اذا استمر هذا النهج او تعاظم او انتشر في الناس لان في ذلك تحريض وفتنة وصيد في تعكير المياه وضرب لمصداقية الاعلام واغتيال للشخصية العامة..
أرجو ان يكون ما نقله الموقع الالكتروني على لسان دولة الرئيس المصري قد وقع خطأ ودون قصد او اساءة واعتقد ان مقابلة المصري التي استمعنا اليها مباشرة وقد بثها تلفزيون دبي تقطع قول كل خطيب وتعيدنا الى الالتزام بالحقيقة فالرجل كان وما زال عند حسن ظن جلالة الملك وعند تقدير وتوافق معظم الأردنيين لما تميز به من موضوعية ومصداقية ووطنية.
(الراي)
