الزعماء واحتقار الشعوب

تم نشره الأحد 19 شباط / فبراير 2012 11:08 مساءً
الزعماء واحتقار الشعوب
د. رحيّل غرايبة

- من أهمّ ملامح الأنظمة الاستبدادية الديكتاتورية أنّها تحتقر شعوبها, ويظهر الاحتقار من خلال التصرفات والأقوال والتصريحات والإشارات, حيث يرى أغلبية الزعماء المستبدين أنفسهم أنّهم أحسن وأفضل وأجمل وأقوى وأعلم وأشجع من الناس, ويرون أنّ احتقار الشعب هو لونٌ من ألوان السياسة, وهو جزء مهمّ من مسيرة الحكم; لأنّ الحاكم يجب أن يبقى في مكانة عالية وسامقة وبعيدة عن العامّة, لأسباب بدهية; انّ القرب من العامة يذهب الكلفة ويزيل الحواجز فتزول الهيبة, والهيبة تُعدّ أهمّ أعمدة الحكم وعوامل استمراره, فضلاً عن أنّ القرب من العامّة يؤدي إلى التعارف العميق, والتعارف العميق ربما يكون من أهمّ أسباب زوال الهيبة.

والشيء الآخر الذي يدعو الزعماء المستبدين الى الإيغال في احتقار الشعوب أنّ الذي يعطي دائماً يواجه كثرة الطمّاعين, ومن المعروف في عرف القادة والساسة أنّ الشعوب لا تشبع ولا تقنع, ولذلك يجب أن (لا تعطى عين)!.

المصيبة الكبيرة التي تحتاج إلى علاج في هذه المرحلة أنّه يجب تفهيم كلّ الناس وكلّ الزعماء أنّ الشعوب هي المالك الحقيقي للأوطان, وهي صاحبة الشرعية بالتصرف, وهي التي تملك السيادة العليا على كلّ ذرة تراب وعلى كلّ نقطة ماء وعلى كلّ عمق في الهواء إلى أعلى سماء. وجوهر المصيبة أنّ الزعماء تولد إليهم حسّ غريب تسرب إلى أعماقهم بالوراثة أنّهم يملكون الأرض وما عليها, يملكون الوطن والشعب والمال والماء والهواء, والمعضلة أنّهم يسرقون أقوات الناس, ويستولون على كدهم وجهدهم وعرقهم, ثم يتصدقون عليهم بالنزر القليل المصحوب بالمنّة والعجرفة وكلّ صنوف الاستعلاء والغطرسة, ولكنّ المعضلة الأكبر تتجلى في مجموع المنافقين والمصفقين وضعاف النفوس الذين يرفلون بأثواب الضعف والمسكنة والاستخذاء المجبول بالنقيصة والجبن واللسان المدّاح, وصدق الله تعالى القائل عن فرعون }فاستخف قومه فأطاعوه{.

ولذلك علاج هؤلاء الضعاف الذين يعانون من ذلّة النفس, وانحطاط المروءة أصعب بكثير من مواجهة الطواغيت المستبدين, وهؤلاء أشدّ على المصلحين من الزعماء أنفسهم, ولهذا فإنّ الحريّة تحتاج إلى جيلٍ شجاع, يتمتع بفهم صحيح, ونفسية عالية, وضميرٍ حيّ, ويتحلّى بشجاعة وجرأة بقول الحق.

(العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات