عن (التنخيل) و (الغربلة) في الثقافة الشعبية الأردنية

- جرى في الأيام الماضية نقاش كثير عن "التنخيل", وقد تداول المتناقشون أفكاراً حول معاني الكلمة ودلالاتها. وبغض النظر هنا عن المناسبة أو السياق الذي جرى فيها هذا النقاش, أود أن أقدم بعض الأفكار من منظور الثقافة الشعبية. ذلك أن الفعل "نخَل ينخَل" بفتح الخاء, هو فعل فصيح يعادل الفعل "نخّل ينخّل" بتشديد الخاء وهو فعل عامي, أما الاسم "تنخيل" فهو مشترك وموحد في الحالتين.
والفعل نخل (بالفتح أو التشديد) يعني صفّى واختار, غير أن "التنخيل" عندما يتعلق بالعلاقات بين الناس يصبح أداة حوار من نوع خاص, فيقال مثلاً في وصف ما فعله محاور قوي بزميله: "نخّلُه تَنْخيلْ", وقد يجري "التنخيل" بهدوء وبمنطق, مثل قولنا "نخّلُه لكن بالعلم والأرقام", غير أن التنخيل النموذجي يكون من خلال الكلام القاسي, وفي بعض الحالات يقترب التنخيل من "البهدلة". ومن المفيد ذكره هنا أن الرجل قد "ينخل" رجلاً, ولكن لا يجوز له أن "ينخل" امرأة, بينما تستطيع المرأة أن تنخّل رجلاً أو أكثر, وهو من أصعب انواع التنخيل, أبعدنا الله عنه.
التنخيل بين البشر إذن, هو أداة نقاش وحوار, باستثناء حالة واحدة تستخدم لوصف فعل جرى في الماضي وهي قولنا: "مْنَخّلْ جِسمه تنخيلْ", ويكون ذلك في حالة وصف إطلاق نار كثيف على جسد أحدهم, وهو استخدام لا يكون لأمر يجري في المستقبل, فأنت عندما تتوعد خصماً بالتنخيل, فإنك حكماً تعني النقاش الحاد أو القاسي معه.
أما إذا أردت استخدام الفعل نخّل بمعنى "صفى واختار", فقد وفرت اللهجة العامية فعلاً خاصاً بذلك, وهو "غربل يغربل", ومن أشهر استخدامات "الغربلة" في هذا السياق ما غنته المطربة الشهيرة نجوى كرم بقولها:
حُطّ صْحابك بالغربال.. صحابك لَوْ بتغربلهُن.
لَوْ دولابك مرّة دارْ.. ما بيبقى ولا واحد مِنهُن.
(العرب اليوم )