خطوط حمراء في السياسة المالية

- في تصريح مهم أدلى به وزير المالية الدكتور أمية طوقان لصحيفة (الغد) قبل أيام أن أسلوب الدعم الشامل المطبق حالياً ليس قابلاً للاستمرار، لأنه يمثل الأداة التي ستدفعنا إلى الهاوية على الطريقة اليونانية.
في هذا المجال طمأننا الوزير إلى أن دعم الخبز والغاز خط أحمر، مما يعني أن دعم باقي المواد المدعومة خط أخضر، وبشكل خاص فإن تسعير المحروقات سيعود بعد انتهاء فصل الشتاء إلى الأسلوب الذي كان قد تقرر وطبق سابقاً، وهو التسعير الشهري على ضوء تحركات أسعار البترول العالمية وفق معادلة معلنة ومعروفة.
أخيراً هناك اعتراف بوجود خطوط حمراء في السياسة المالية من منطلقات اجتماعية، ولكن الخطوط الحمراء لا تقف عند دعم الخبز والغاز فقط مما لا يثير خلافاً، فهناك خطوط حمراء اخرى كان ما زال يجري اختراقها دون تردد، وجاء الوقت لتدخل نطاق السياسة المالية، وهي عجز الموازنة الذي يزيد عن 3% من الناتج المحلي الإجمالي، والمديونية التي تتجاوز السقف القانوني وهو 60% من الناتج المحلي الإجمالي، والهدر المالي الذي كان قد تحدث عنه الوزير في بداية عهده بالوزارة.
تقول الدراسات التي اعتمدتها الحكومة واللجنة المالية في مجلس النواب أن المواطن الغني يستفيد 28 ديناراً شهرياً من الدعم الحكومي مقابل ثمانية دنانير فقط يستفيدها المواطن الفقير، ذلك أن الدعم الشامل يتناسب مع حجم الاستهلاك ، فمن كان استهلاكه أكثر كانت فوائده من الدعم أكبر. وإذا كان الامر كذلك فإن هذا الأسلوب من الدعم يشكل فسادأً وهدراً للمال العام حتى وإن كان القانون لا يعاقب عليه والمظاهرات لا تتحرك ضده، فلماذا تدعم الحكومة بأموال مقترضة فاتورة الكهرباء أو الماء او بنزين السيارة للقادرين على دفع الكلفة الحقيقية.
في لقائه مع رجال الأعمال والمسؤولين في القطاع الخاص، قال رئيس الحكومة: انتهى نهج ترحيل المشاكل، وعلينا أن نواجه التحديات وفق الأولويات. وهنا نلاحظ أن استمرار عجز الموازنة والمديونية عند المستويات الراهنة هو ترحيل للمشاكل، وهو الذي أوصلنا إلى هذا الوضع المالي الحرج، وأن الوقت حان لمواجهة الواقع بدون إبطاء ووفق الأولويات.
(الراي)