مؤتمر أصدقاء الشعب السوري أم مؤتمر إنقاذ الأسد
لم يخرج علينا ما يسمى مؤتمر أصدقاء سوريا أو مؤتمر أصدقاء الشعب السوري بجديد فهو قبل انطلاقه كان مقرراً له أن يبقى متمحوراً في الإطار الإنساني من خلال معالجته للوضع الإنساني للشعب السوري وذلك بمطالبته لقوات الاحتلال الأسدية بالسماح للمساعدات الطبية والغذائية بالدخول إلى المدن المنكوبة عبر الممرات الإنسانية ولقد جاء الرد الأسدي على هذا المؤتمر بالرفض لكل ما جاء فيه وبالتالي لا مساعدات إنسانية لشعب يذبح
إن هذه الاحتلال الأسدي قد أصبح يضاهي الاحتلال الإسرائيلي بشاعة وإجراماً بل أقول بكل صراحة بأن الجيش الإسرائيلي لديه من الأخلاق أكثر مما لدى جميع كتائب الأسد ومرتزقته فالجيش الإسرائيلي عندما يقوم بقصف المدن أو الأحياء الفلسطينية لا تخرج علينا وسائل الإعلام الإسرائيلية لتقول بأن من قام بعمليات القصف أو القتل هم جماعات فلسطينية مسلحة فهي تقر بما تفعله بخلاف عصابات الأسد وجيشه الذي يقتل السوريين ويقصف المدن السورية بالدبابات ثم يخرج أبواق النظام الأسدي في العالم العربي لينسبوا القتل إلى القاعدة أو الجماعات المسلحة كما أن الجيش الإسرائيلي لا يمنع المساعدات الإنسانية على غرار النظام الأسدي
الاحتلال الأسدي والاحتلال الإسرائيلي وجهان لعملة واحدة فكلاهما عدو للأمة العربية والإسلامية والغرب أشد حرصاً على بقاء أعداء الأمة ولذا لن نجد أي تحرك ضد الأسد وبالنسبة لأدعياء المقاومة وتجار القضية الفلسطينية أستغرب منهم عدم تقديمهم تفسيراً واقعياً لأسباب هذا الرفض الغربي للتدخل العسكري في سوريا أو حتى رفض فكرة تسليح الجيش السوري الحر ؟
وقد يقول بعض هؤلاء بأن الغرب يخشى الهزيمة في حالة التدخل العسكري لكن هذا التفسير لا يمت إلى الواقع بصلة فهل يمكن لجيش يفتقد للقدرة العسكرية المتطورة كجيش الأسد أن يجاري القوة العسكرية الغربية ؟ ثم كيف يمكن لجيش خسر شعبه أن يهزم الغرب ؟ لذا فإن هذا الكلام لا يصدقه إلا من يعيش في عالم الأوهام ويرفض أن ينظر إلى الأمور نظرة واقعية ثم لو قلنا جدلاً بقدرة الأسد على هزيمة الغرب فلماذا لا يقوم بتحرير الجولان ما دام أنه يمتلك تلك القدرة الخارقة حسب مزاعم أبواقه ؟
إن أمريكا ومن وراءها الغرب قادرة على إسقاط كتائب الأسد خلال أيام وبالنسبة لإيران فهي لا تستطيع دخول أي حرب لحماية لعبة بيدها قد سقطت حيث أن الوضع الداخلي الإيراني مضطرب في ظل قرب الانتخابات البرلمانية وفي ظل إدراك إيران بأن قدرتها العسكرية مهما بلغت لا تقوى على مواجهة القدرة العسكرية للغرب وبالتالي لن تكون هناك أي مغامرة إيرانية لدخول حرب خاسرة
ولو سلمنا جدلاً بأن إيران ستقدم على مثل هذه الخطوة الانتحارية فإنه من المستحيل أن تتمكن إيران وعصابات الأسد من هزيمة الغرب بل سنشهد سقوط نظام الملالي ومن قبله نظام الأسد وبالطبع لن ينفع أدعياء المقاومة وتجار القضية الفلسطينية التغني بانتصارات وهمية على غرار انتصارات حسن نصر الله الإلهية
إن الغرب لا يخشى الهزيمة في حال التدخل العسكري في سوريا لكن ما الذي يمنع في الحقيقة التدخل العسكري ولماذا كل هذا الإصرار على الحل السلمي على الرغم من أن النظام الأسدي حريص كل الحرص على الحسم العسكري للثورة ؟ ولماذا لا يسمح بتسليح المعارضة ؟ ولماذا لا تنشأ منطقة عازلة ؟
والجواب أن أمريكا لا تريد زوال نظام الأسد بالكلية فهي تريد أن تحمي إسرائيل وهذا ما يقدمه نظام الأسد ولذلك هي ترفض التدخل العسكري وترفض تسليح المعارضة خشية وصول الأسلحة إلى جماعات تفكر في مهاجمة إسرائيل من خلال الأراضي السورية وفي نفس الوقت نراها تقبل بالحل العربي القائم على تسليم السلطة إلى فاروق الشرع وبالتالي بقاء النظام بشكل ما في السلطة
إن الثورة السورية تقترب من الدخول في العام الثاني لها والعالم يشاهد نظام الأسد وهو يرتكب المجازر بحق الشعب السوري منذ اليوم الأول إلا أنه إلى الأن لم يقدم حلاً حقيقياً لوقف نزيف الدم السوري بل كل ما نراه هي الحلول التي تضمن نجاة الأسد ونظامه فالمبادرة العربية هي في جوهرها تبقى نظام الأسد في الحكم من خلال تسليم السلطة لفاروق الشرع
بل في الأمس رأينا الرئيس التونسي المنصف المرزوقي يقدم في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري حلاً لنجاة الأسد من حبل المشنقة من خلال الحصانة القضائية واللجوء إلى روسيا فهل هكذا يريد الشعب السوري ؟ ثم أليس من المعيب لهذا المرزوقي أن يطالب بمحاكمة زين العابدين بن علي الذي لم يفعل فعل الأسد بشعبه ثم يحرص على نجاة الأسد بعد كل هذه المجازر فهل الدم السوري رخيص إلى هذه الدرجة ؟ وهل هذا مؤتمر أصدقاء الشعب السوري أم مؤتمر إنقاذ الأسد ؟...