شروط نجاح الربيع العربي

-ما زالت الأوضاع في بلدان الربيع العربي ، وخاصة مصر وليبيا واليمن وسوريا ، في حالة ارتباك أو فوضى عارمة. وما زال الباب مفتوحأً على مصراعيه لكل الاحتمالات الإيجابية والسلبية ، ذلك أن بعض شروط نجاح الحراك الشعبي وتحوله إلى ثورة بناءة لم تكتمل.
لكي ينجح الحراك ، عربياً كان أو أميركياً ، يجب أن تتوفر له رؤية واضحة لما يراد أن يكون عليه المستقبل المنشود ، وخطة واضحة وقابلة للتطبيق على أرض الواقع لأسلوب الوصول إلى تلك الرؤية ، وتموضع للحراك ضمن مسار الحراك العربي ، وانسجام مع حركة التاريخ والتطور البشري في هذا العصر.
هذه الرؤية لا تتوفر عندما يكون التحرك تلقائياً وغير منظم ، وعندما يكون النجاح نتيجة انقلاب عسكري كما حدث في تونس ومصر ، أو تدخل خارجي كما حدث في ليبيا. وليس وراءه تنظيم وطني معين أو قيادة محددة ، كما هي الحال في مصر. والنيتجة في مثل هذه الحالة أن يركب الموجة أي تنظيم جاهز ، ولو لم يكن تقدمياً أو ديمقراطياً أو يمت بصلة إلى هذا العصر.
أما خطط تحقيق أهداف الحراك فليست موجودة ، بدليل أن الحركات العربية ما زالت موضوعأً ساخناً في الأخبار اليومية: سلسلة من المفاجآت غير المحسوبة ، وتحركات مثيرة للخلاف ، ومواعيد مفتوحة للتغيير ، وأسماء صاعدة وأخرى هابطة.
الرفض والشجب للواقع السيء ضروري ومشروع ، ولكنه ليس كافياً ، فهناك مثلاً شبه إجماع على فساد الأنظمة العربية وفشلها في تحقيق أدنى درجات الوحدة أو التضامن أو النمو أو الديمقراطية أو الحرية ، ولكن هناك اختلافاً واسعاً بل تناقض حول ما يجب أن تؤول إليه الأمور ، فليست هناك خارطة طريق بل خرائط متقاطعة ، وهناك من يريد أن يتقدم ليلحق بركب الإنسانية المتقدمة التي تتمتع بالديمقراطية والحرية والنزاهة والشفافية والعدالة والمساواة والكرامة ، وفي المقابل هناك من يريد الرجوع إلى الخلف وإعادة إنتاج بعض التجارب الماضية التي كانت استثناء من القاعدة ولم تصمد لسنوات معدودة.
الربيع العربي يمكن أن يتحول على أيدي هؤلاء إلى خريف يعيدنا إلى الخلف ، وأن يفرز دكتاتورين جددا لا يتحملون مجرد رأي آخر ، لانهم يملكون الحقيقة المطلقة ، فالجنة لهم والنار لغيرهم.
(الراي)