حماس تعيق المصالحة الفلسطينية

- الانقسام المتزايد في صفوف حركة حماس ما بين الخارج الذي يمثله المكتب السياسي بقيادة خالد مشعل «أبو الوليد» والداخل بقيادة هنية والتأثير الكبير عليه من الزهار..هذا الانقسام يعيق المصالحة اذ تضع حماس الداخل شروطاً اضافية تتعلق بامساكها بوزارات الداخلية والاجهزة الامنية التي بنتها في غزة وابقائها بعيدة عن التغير أو المشاركة وبدل أن يذهب التغير باتجاه غزة لاحداث الدمج وانهاء الانقسام فإن قيادة الداخل (غزة) في حماس تريد الذهاب باتجاه الضفة الغربية وسحب شراكتها عليها..
ورغم الجهد الكبير الذي بذله خالد مشعل في الدوحة لاحداث المصالحة حين وافق على ان يتولى الرئيس محمود عباس مهمة رئيس الوزراء بدل الدكتور سلام فياض الذي تختلف عليه حماس وايضاً الموافقة على ان يرسل الرئيس عباس نائباُ له الى غزة والبدء في العمل لتشكيل حكومة فلسطينية واحدة من المستقلين والتكنوقراط على طريق المصالحة واعادة بناء الوحدة الوطنية ومؤسسات منظمة التحرير وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وأن تكون حماس فصيلاً من فصائل المنظمة وبشراكة تليق بها وبفصائل أخرى لم تكن جزءاً من المنظمة مثل الجهاد الاسلامي وغيرها..كل ذلك تعطل الان حين أصرت قيادة حماس في غزة وبموقف يتصادم مع موقف المكتب السياسي في الخارج على ان لا تحدث المصالحة اذ تضع حماس شروطاً جديدة هدفها اعاقة المشروع الوطني للمصالحة..
أمام الوضع الجديد الناشيء علمت من اتصالات مع القاهرة أن خالد مشعل طلب من الرئيس محمود عباس تأجيل تشكيل الحكومة حتى لا يقع المحظور وهو الانقسام العلني في حماس وحتى يمكن ترميم الحالة بخطوات جديدة..
ويبدو من خلال معطيات الواقع الجديد ان الاستقطاب الاقليمي ما زال يؤثر على حماس بشكل كبير فهنية (أبو العبد) يزور طهران ويلتقي قياداتها التي تعمق محاولاتها في توظيف موقف حماس لصالح الاستقطابات الساخنة الجديدة أمام المشهد السوري في حين يغادر رئيس المكتب السياسي خالد مشعل الى منفاه الدائم الجديد في قطر بعد أن لم يعد ممكناً استمرار وجوده في سوريا بانحياز حماس الى الثورة السورية كامتداد لموقف الاخوان المسلمين في سوريا وخارجها بإعادة استرجاع حماس مباشرة الى حضن الحركة..
ويبدو ان غلبة المصالح للابقاء على وضع غزة في حكم حماس وقبضتها والتكيف مع هذا الوضع وقبوله والدفاع عنه وتفضيله عن اي موقف آخر مهما كان ولو على حساب الوحدة الوطنية الفلسطينية ومصالح الشعب الفلسطيني هو الذي يدفع حماس في الداخل لاخذ هذا الموقف وحتى التحالف مع أي جهة تقبل هذا الموقف مهما كانت سواء ايران أو غيرها..
ويبدو ان ضعف الحصار المضروب على غزة ودخول بعض مواد البناء وغيرها وخطوطا اخرى سياسية فتحت باتجاهات مختلفة يغري قادة حماس في غزة للامساك بما يعتقدون انها مكاسب تكرس لهم امارة غزة التي أخذوا يتعودون الاكتفاء بها..
لم تعد المقاومة خياراً عملياً للقيادات الفلسطينية في غزة أو غيرها فقد تحول الصراع من صراع في اطار حركة تحرير وطنية تعمد الى اشكال مختلفة من أجل ازالة الاحتلال..الى صراع للاحتفاظ بالمكاسب حتى ولو على حساب تمزق وحدة التراب الفلسطيني وانقسام الشعب والحاق الضرر الفادح بقضيته..
قيادة حماس في الخارج أصبحت لا تؤثر كثيراً على الداخل وخاصة في غزة التي بدات تبني قيادتها خطوطا خارجية من وراء المكتب السياسي وبخلاف رؤيته..فقد ادرك خالد مشعل ان اعادة بناء الوحدة الوطنية ووحدة الشعب الفلسطيني والحوار الوطني لتحديد خياراته هو الاولوية ..ولما بدأ يأخذ بذلك وجد ان هناك اطرافاً في حماس لا تريد ذلك وهي تنتفع من الانقسام باستمرار الاحتفاظ به من خلال ما تطلقه من شروط جديدة كلما اقتربت المصالحة..
لم تعد هناك مقاومة ضد اسرائيل تبرر لحماس موقفها الانقسامي في غزة فقد تساوت الاطراف وأصبح شاغلها المواقع فما هو الفرق في الواقع العملي بين ما تمارسه حماس وما تمارسه السلطة الفلسطينية..
اذن لماذا يدفع الشعب الفلسطيني ثمن استمرار الانقسام ولماذا تأخر الربيع الفلسطيني لجرف هذه العقبات وفضح مقاصدها..مشروع مشعل في قبول المصالحة يفتح الافق امام حماس القادمة في حين يغلق نهج قيادة غزة هذا الافق على حماس عربياً ودولياً..
(الراي)