تقشف مالي وإنعاش اقتصادي

- وصف رئيس الحكومة موازنة 2012 بأنها تقشفية ونفى أن يكون الاقتصاد الأردني في غرفة الإنعاش ، وكلاهما تشبيهان لغرض التوضيح والتبسيط ، فما معنى التقشف في حالة الموازنة ، ولماذا يحتاج الاقتصاد الأردني للإنعاش.
تقشف الموازنة يعتمد على كون النفقات الجارية المقررة لسنة 2012 لا تزيد عن النفقات الجارية الفعلية للسنة الماضية 2011 ، وتقف في طريق هذا التوصيف نقطتان ، الاولى أن نفقات سنة 2011 ليست مثالية حتى يعتبر تكرارها هذه السنة دون زيادة إنجازاً ، والثانية أن هناك من يعتقد أن النفقات الجارية الفعلية لهذه السنة سوف تتجاوز التقديرات (غير الواقعية) مما يعني صدور ملاحق للموازنة خلال السنة.
السؤال الجوهري: كيف تكون الموازنة تقشفية وهي تقبل زيادة رواتب العاملين والمتقاعدين ، المدنيين منهم والعسكريين ، فهذه الزيادات تعطى عادة في أوقات الرخاء والوفرة ، وليس في أوقات التقشف. وكيف تكون الموازنة تقشفية وثلثها يذهب لدعم الأسعار ، ليس الخبز والغاز فقط ، بل الماء والكهرباء والبنزين والمواد الغذائية والأعلاف أيضاً. وكيف تكون تقشفية وهي تتنازل عن كثير من الإيرادات المحلية بسبب الإعفاءات والحوافز.
قد تكون هناك مبررات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية للتصرف المالي السخي ، ولكنه لا يمكن أن يقع تحت باب التقشف.
أما أن الاقتصاد الأردني في غرفة الإنعاش ، فقد نفاه الرئيس ، فما زال الوقت مبكراً للإنعاش ، حيث أن (المريض) لم يخضع لعملية جراحية بالرغم من حاجته إليها ، والإنعاش يتلو العملية ولا يسبقها.
يهمنا أن لا يحتاج الاقتصاد الأردني لغرفة إنعاش لأنه ليس مريضاً ، ولكنه يعاني من صعوبات واختناقات وحالة عدم استقرار من صنع أيدينا ونحن نحمله واجبات تفوق طاقته ، فهو لا يستطيع أن يعطي أكثر مما يأخذ ، تماماً كما أن الرئيس لا يعد بما لا يستطيع أن يحقق.
التقشف الاختياري لم يحدث بعد ، ولكنه سيأتي إجبارياً إذا لم يطبق الأردن إصلاحاً اقتصادياً استباقياً لا يقل أهمية وأولوية عن الإصلاح السياسي. وغرفة الإنعاش سوف تلزم إذا بقي الاقتصاد الأردني بدون عملية أصلاح هيكلية ، لأنه في تلك الحالة سيحتاج لعملية جراحية وغرفة إنعاش.
مؤشرات الاقتصاد الأردني ما زالت عند الحدود الآمنة ، ولكن البقاء عند الحدود لا يخلو من المخاطرة ، والوقاية خير من العلاج. أليس كذلك.
(الراي)