إسرائيل دولة ممانعة!

- الممانعة اصطلاح سياسي جديد، وهو صفة مشرّفة أطلقتها بعض الأنظمة العربية على نفسها كبديل لإصطلاح الصمود والتصدي، الذي استنفد أغراضه وانتهت صلاحيته عندما اتضح أنه لم يكن هناك صمود ولا تصدي.
في الحالتين فإن دول الصمود والتصدي السابقة ودولة الممانعة الراهنة لا تعبر عن الاعتزاز بما أنجزت، بل بما رفضت وما زالت ترفض، أي الخضوع لإرادة قوة مهيمنة ذات خطط وأطماع (إسرائيل وأميركا).
صفة الممانعة استعملت بكثافة من قبل النظام السوري بالذات، وكان المقصود أن سوريا صامدة في وجه الضغوط الأميركية والإسرائيلية، وترفض المفاوضات والصلح مع (العدو الإسرائيلي). والحقيقة أنه لم تكن هناك ممانعات ذات قيمة، فليست هناك عروض مقدمة حتى يمكن رفضها.
سوريا مثلاً لم تسمح بمقاومة الاحتلال في الجولان، فالمهم نقل العبء إلى لبنان، حيث المقاومة هناك بالوكالة أقل كلفة، ولم تمتنع عن التقرب من أميركا بل أصدرت رسالة بعد أخرى لعل بالإمكان الحصول على دعوة لزيارة البيت الأبيض، أما التعاون بين المخابرات السورية والأميركية فقد وصل إلى درجة عالية جدأً كجزء من الحرب على الإرهاب.
وفيما يتعلـق بالسلام مع إسرائيل، وقـّعت سوريا على المبادرة العربية، وهي أبعد ما تكون عن الممانعة. وتفاوضت ليس مع رابين فقط الذي تتمسك بوديعته حتى الآن، بل مع اليمين الإسرائيلي أيضاً، وعقدت في انقرة مفاوضات غير مباشرة برعاية تركية، طالب الرئيس بشار الأسد على أثرها بسرعة التحول إلى التفاوض المباشر، ولكن إسرائيل مانعت.
إسرائيل هي دولة الممانعة الحقيقية، فهي التي ترفض التفاوض لأنها لا تريد السلام، ولا تريد أن تدفع ثمنه بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها قبل 45 عاماً. إسرائيل رفضت المبادرة العربية التي قدمها مؤتمر قمة عربي وأيدتها منظمة المؤتمر الإسلامي، حيث عرض عليها السلام والاعتراف والعلاقات الطبيعية مع 22 دولة عربية أو 55 دولة إسلامية، ومع ذلك مانعت وما زالت تمانع ، لأنها لا تريد الانسحاب من الأراضي المحتلة والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وحتى أميركا التي تزود إسرائيل بالمال والسلاح والغطاء السياسي، لم تستطع إقناع إسرائيل بتجميد الاستيطان لمدة 90 يومأً.
بجميع المقاييس، إسرائيل هي دولة الممانعة الحقيقية، وما عدا ذلك إدعاءات فارغة.
(الراي)