المصارف الإسلاميّة بين التقليد والإبداع

تم نشره الأربعاء 29 شباط / فبراير 2012 12:29 صباحاً
المصارف الإسلاميّة بين التقليد والإبداع
د. رحيّل غرايبة

- لا شكّ أنّ فكرة "المصارف الإسلامية" فكرة رائدة وعلى غاية من الأهميّة في المجال الاقتصادي والاجتماعي للعالم العربي والإسلامي بوجهٍ خاص, وللعالم أجمع بوجهٍ عامٍ وشامل, وذلك لكون فكرة المصارف أصلاً تشكّل مرتكزاً أساسياً للاقتصاد المعاصر من كلّ الوجوه, لا يمكن الاستغناء عنها أو إهمالها.

وإذا كانت المصارف الإسلاميّة قد شكلت نافذة لدخول المنظرين في الاقتصاد الإسلامي لدخول حلبة المشاركة والمنافسة في التنمية والإنتاج وتطوير اقتصاديات الشعوب, فيجب أن تستمر المصارف الإسلامية في السير قدماً عبر مسارات إبداعية جديدة مشتقة من فلسفة الاقتصاد الإسلامي العميقة, ولا تكتفي بتقليد المصارف التجارية عن طريق النظر في تحويل جزء من الخدمات المصرفية الاخرى إلى خدمات مصرفية إسلامية شرعيّة. فهذا وإن كان محموداً, ويحقق جزءاً من مهمّة المصارف الإسلاميّة, إلاّ أنّ ذلك يشكل جزءاً يسيراً جداً من أهداف المصارف الإسلامية الكبيرة, والمهمّة التي لم تتحقق بعد.

بمعنى أكثر تفصيلاً ينبغي للمصارف الإسلامية أن تعمد إلى إبداع مجالات تمويل إنتاجي ضخمة, تسهم في تنمية المجتمعات تنمية حقيقية فاعلة من خلال "فلسفة المشاركة" بين رأس المال من جهة والجهد والفكر من جهاتٍ أخرى; لأنّ الناظر في أعمال المصارف الإسلامية يجدها تعتمد بنسبة كبيرة من أعمالها التي قد تصل إلى (80%) وزيادة في "المرابحة" التي تشكل بديلاً للقرض بفائدة, مع العلم أنّ "المرابحة" وإن كانت حلالاً في أصل العقد وشكله, إلاّ أنّها لا تقدم البديل التشاركي الذي يمثل جوهر فلسفة الاقتصاد الإسلامي, وهذا ينطبق على البدائل الأخرى المتبعة لدى المصارف الإسلامية مثل الصكوك والسندات الإسلامية, بدلاً من الصكوك والسندات الربوية, أو استبدال الفائدة بأجرة ثابتة, وربح محدد على الحوالات والوكالات والاعتمادات فهذا لا يكفي, ولا يعبّر عن مهمّة المصارف الإسلامية المأمولة في الإنتاج والتنمية وتوظيف الكفاءات ومحاربة الفقر.

إن الاقتصاد العالمي اليوم يتعرض لأزمات خانقة, وإشكالات ضخمة بحاجة إلى نظرة إبداعية جديدة, وفلسفة اقتصادية صحيحة, تستطيع توزيع الثروة والمال على شرائح كبيرة واسعة من سكان العالم, وتحارب الفقر العالمي المتزايد وتقضي على ظواهر استنزاف الثروة من عامّة الناس في أغلب شعوب العالم, لتنتقل إلى يد فئة قليلة, تحتكر الثروة والنقد, وتنتقل نحو الإنتاج الحقيقي وليس الوهمي.

إن المصارف الإسلامية مطالبة بفتح مجالات عمل جديدة مشتقة من "المضاربة" والمشاركة المتناقصة, والبحث عن أفكار جديدة بدلاً من تتبع المجالات المصرفية الاخرى بطريقة المعالجة والتصحيح الشكلي فقط, خاصةً في ظلّ التحولات العميقة التي تجتاح المنطقة والتي سوف تفتح الباب واسعاً أمام الإبداعات الاقتصادية الإسلامية, ويفتح باب الفرص الكبيرة أمام المصارف الإسلامية, فيما لو كانت قادرة على تقديم نظرية اقتصادية إنتاجية معاصرة جديدة, تستلهم روح الإسلام وفلسفته في التعامل مع المال.

(العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات