الى وزير الصحة
مستشفى النديم مأدبا
أكثر من 300 شخص تواجدوا في قاعات عيادات المستشفى الخارجية بانتظار دورهم في المعالجة وكان من سوء حظي إنني كنت في (طابور) عيادة العظام حيث وصلت إلى هناك الساعة التاسعة صباحا وبعد ساعة من (التململ) كان يجلس بجانبي رجل كبير بالسن سألني عن سبب تململي فقلت له إنني تأخرت فابتسم ابتسامه وقورة مؤكدا لي انه هنا منذ الساعة السابعة والنصف صباحا فقد فتح باب العيادات مع موظفي الأمن حسب قوله وتجاذبنا أطراف الحديث وبدأ بشكوا لي انه يعاني من الم بالمفاصل وقال ضاحكا أن هذا الألم يشتد عليه عندما يراجع عيادة العظام بسبب الانتظار وعلى يميني كانت هناك سيدة تحمل طفلا رضيعا وطفلها الآخر كانت يده مكسورة وشاركتنا الحديث عن المعاناة التي تعانيها في كل مرة تأتي بها إلى العيادات الخارجية في مستشفى النديم حيث قالت أنني اترك باقي أطفالي عند الجيران ليعتنوا بهم طيلة النهار حسب قولها، وفهمت من حديثهم أن طبيب واحد فقط هو من يعالج جميع المرضى وعلى مدار ثلاثة أيام في الأسبوع فقط.
جلست في مكاني انظر إلى جموع الناس المتواجدين في قاعة العيادة فتارة اجلس على المقعد وتارة أقف لكي اسمح لكبار السن بالجلوس مكاني وكان المشهد محزنا مضحكا فسبب الحزن هو وجود هذا العدد الكبير من المراجعين يقفون أمام العيادة بانتظار أدوارهم التي وصلت إلى رقم يعجز أمامه ثلاثة أطباء لمعالجة كل هؤلاء الناس بالإضافة إلى صوت بكاء الأطفال وأنين المرضى، أما المضحك في الأمر فالموظف المسؤول عن تنظيم الدور اسمه بسام وهو من يتلقى وجبة الشتائم الأولى بسبب التأخير ولكن له من اسمه نصيب فهو مبتسم دائما ويعامل حتى من يشتمه بكل لباقة وابتسامه لطيفة.
في الساعة الثانية عشرة ظهرا جاء دوري فدخلت عند الطبيب وأول من قابلني ممرض العيادة حسن فهو حسن الوجه لبق وأدخلني للطبيب الذي وجدته رغم العدد الموجود بعيادته يتمم باغنية لم استطع التقاطها وكان بشوشا مرحا يحاول أن يلطف الجو ببعض النكات اللطيفة وعرفت من الممرض حسن أن اسم الدكتور هو محمد الهندي فعندما جاء دور زوجتي قال لها ماذا حل بيدك ومن كسرها هل هو زوجك قالها مازحا طبعا فأكدت له أنني بريء من هذه التهمة وبعد معاينتها طلب لها صورة ليدها وهنا بدأت رحلة العذاب الثانية وهي وجود عدد كبير من الناس يصطفون أمام جهاز تصوير أشعة واحد بوجود فني تصوير وحيد أيضا,
مستشفى النديم هو المستشفى الحكومي الوحيد الذي يخدم مدينة مأدبا وقراها ويخدم أيضا لواء ناعور والقرى التابعة له في ظل عدم وجود مستشفى آخر في المنطقة التي تمتد من لواء ناعور شمالا وحتى مأدبا جنوبا علما بأن هذه المنطقة تقع ضمن حدود الوطن ويقبع أكثر من 80% من سكان هذه المناطق تحت خط الفقر.
نأمل من وزير الصحة النشيط أن يقوم بزيارة لذلك المستشفى وعياداته الخارجية ليلمس المعاناة الحقيقية لمواطني الدرجة العاشرة على ارض الواقع.
هلال العجارمه