أيها القادرون.. اسرجوا قناديلها بالزيت!

المدينة نيوز - أدعو الى «تليثون» عربي من أجل القدس ..أي الى جمع أموال ومساعدات عينية من خلال التلفزيون..وعبر اكثر من تلفزيون عربي في نفس الوقت يكون على مستويين ..رسمي تتبرع من خلاله الحكومات والمسؤولون فيها من ملوك ورؤساء وأمراء وآخر شعبي تتبرع من خلاله الشركات والمؤسسات والأفراد وذلك من أجل انقاذ القدس التي تواجه الان سياسة التهويد والأسرلة واذابة هويتها بل وطمسها والغاءها بسياسات احلال الاستيطان فوق ارضها وهدم بيوتها واقتلاع أهلها ومحاصرتهم..اذ يمكن جمع الملايين وقد تصل الى المليارات وهناك اكثر من طريقة للايصال ان صحت النوايا..فهل يمكن ان تكون هذه الحملة لدعم القدس عنواناً بارزاً من عناوين الربيع العربي؟
فهل ندرك معنى قوله «إسرجوا قناديلها بالزيت» بمعناه الأشمل وما يلزم ذلك من الاعداد المادي والمعنوي من اجل انقاذ القدس..؟
أعداؤنا يعملون من أجل خططهم في القدس وتلك مقولة بن غوريون «لا قيمة لاسرائيل بدون القدس ولا قيمة للقدس بدون الهيكل»..
اذن القدس تحتاج لغير الدعاء والافتاء تحتاج مع الدعاء والافتاء الى قليل من القطران يعالج أسرها ومرضها الذي يسببه الاحتلال والقطران هنا هو الدعم المادي فأين ذلك من القدس الان ولماذا يبقى الجميع متفرجاً أو نادباً مقعداً..
ليست المسألة ان يقول الشيخ القرضاوي بجواز او حرمة زيارة القدس الاسيرة لما يعتقده شبهة التطبيع فهذا كلام فيه ترف وخيارات ولكن المسألة أن القدس ومساجدها لا بد أن تعمر ليس بالصلاة فقط وانما بالعمل من أجل تحريرها وتحرير أهلها «انما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر»..
وإعمار المساجد بزيارتها ولما كانت القدس وما حولها مباركا لقوله تعالى عن المسجد الاقصى (الذي باركنا حوله) فإن الزيارة إذن للمسجد وللقدس من أهلها الذين يقيمون فوق أرضها ومن كل مؤمن بها تهفو نفسه لزيارتها ودعم صمودها فإن استطاع بذلك جسداً يسري اليها كان وان لم يستطع لدواع وعوامل يجري الاختلاف عليها فليكن بالعطاء والتبرع وكفالة عائلات القدس وترجمة تآخي مدنها وقراها ومواقعها مع غيرها من المواقع والمدن والقرى العربية..وبدعم مدارسها ومستشفياتها وجمعياتها ومرافقها ..
كان اهالي مدن وقرى فلسطين منذ فتح القدس يسرجون قناديلها بالزيت وكان ذلك في زمن عبد الملك بن مروان الذين عين سدنة لذلك وفي زمن صلاح الدين الأيوبي فاتح القدس ومحررها من الفرنجة ومقيم منبر عماد الدين زنكي الذي جاء به من حلب حين وعد الامة بالنصر ليضعه في محرابها..وقد أوقف على المسجد الاقصى قرى وأطيان ومنشآت عديدة على طول أرض فلسطين وحتى خارجها وما زال كثير من الوقف قائماً وان تعطل أداؤه بفعل الاحتلال الاسرائيلي ..
لقد كانت القدس عبر التاريخ غنية بأوقافها ومدارسها التي يقصدها طلبة العلم من كل الدنيا آنذاك وفيها مقابر صحابة وتابعون بالآلاف حلموا وأوصوا ان يدفنوا في «بيت المحشر» في القدس وبعض هذه المقابر طمستها اسرائيل مثل مقبرة ماميلا (مأمن الله) الشهيرة في القدس الغربية..وكان من الوقف بئر الزيت الضخم الذي أقيم في ساحة الاقصى تحت أرضه (موقع الأقصى القديم) وكان زيته يسرج عشرين الف قنديل على مدار السنة ويعاود أهل فلسطين ملأه..
اليوم القدس بحاجة الى اسراج صمود أهلها والى اضاءة ارادتهم بالأمل وتعزيز صمودهم وسد حاجاتهم وتمكينهم من الدفاع عنها..
وتستفتي ميمونة مولاة النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيت المقدس قالت ..قلت يا رسول الله افتنا في بيت المقدس ..قال (أرض المحشر والمنشر أئتوه فصلوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره ..قلت أرايت ان لم استطع ان ارتحل اليه؟ قال: فتهدي اليه زيتاً يسرج فيه فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه)..
أهيب بكل مسلم وعربي ان يعتبر انقاذ القدس من واجباته الدينية والقومية والانسانية والوطنية وان يجعلها في أجندة الربيع العربي وفي بداية سطر الحرية والكرامة وان يشركها في طعام أهله ولباسهم وان يرى ضرورة التحرك لانقاذها كما فعلت النسوة اللواتي قصصن جدائلهن والقين بها أمام حاكم دمشق زمن احتلال الفرنجة للقدس «وقلن خذ هذه» قيد بها خيلك..سخرية منه وانتقاصاً من حميته..
القدس اليوم تحتاج الى الافعال لا الاقوال فأين الافعال ؟ واين الأموال التي وعدت بها باسم الاقصى حين اشتعلت انتفاضتها الأولى وقضى الشهيد محمد الدرة..وما الذي يمنع ان نسمع صوت القدس يعلو داخلها ومن خارجها حتى لا ينام فيها محتل وهو آمن ولا يغمض له جفن وهو معتد..انها القدس مجرد اسمها يزلزل الجبال فلنكن فداءك يا قدس!!
(الراي)