شظايا البركان السلفي في الاردن

المدينة نيوز - تُلقي تجربة حزب النور السلفي في مصر بظلال ثقيلة على الحركات والتجمعات السلفية في العالم العربي عموماً، وتطرح تساؤلات فيما إذا كانت هذه التجربة ستخلق حوافز مشابهة لدى السلفيين الآخرين لدخول اللعبة السياسية، وهو ما بدأت مؤشراته تظهر بإعلان مجموعة سلفية في اليمن عن تأسيس حركة النهضة للمشاركة في اللعبة السياسية.
من المعروف أنّ الجزء العريض من الاتجاه السلفي العربي اختار عدم الولوج إلى اللعبة السياسية، والبقاء بعيداً عن الأحزاب والمشاركة المباشرة في النشاطات السياسية، بل هنالك بعض الخطابات السلفية ضمن الدائرة التقليدية شنّت هجوماً قاسياً على الإسلاميين الذين شكلوا أحزاباً سياسية، واعتبرت هذه الخطابات أنّ الطريق الصحيحة للتغيير تتمثل في العمل على تصحيح العقائد والتربية والدعوة والابتعاد عن السياسة المعاصرة، لما ينتج عنها من أعراض تتناقض مع طبيعة الدعوة الإسلامية.
شذ عن هذه القاعدة في مراحل سابقة اتجاه سلفي عربي نظّر له في الكويت عبدالرحمن عبدالخالق. وفي السعودية، برزت أصوات قريبة منه في التسعينيات، مثل سلمان العودة. وعلى خط مواز من الانشغال في العمل السياسي (دون الحزبي المباشر)، برزت مقاربة الشيخ محمد بن سرور زين العابدين، وشاركت أطياف من السلفيين في الكويت والبحرين في الانتخابات النيابية والبلدية، وتمكّنت من تحقيق نتائج كبيرة.
في الأردن، لم تصل بعد شظايا البركان السلفي، إذ ما يزال شيوخ الدعوة يتمسكون بنهجها الأيديولوجي المعروف، بالابتعاد عن العمل السياسي ورفض الثورة والخروج على الحاكم وإدانة المظاهرات والاعتصامات. ويخطّئ أحد أبرز قادتهم ما قام به السلفيون في مصر من تشكيل حزب سياسي والخروج عن النهج المعروف للدعوة السلفية التقليدية.
إلاّ أنّ هنالك حراكاً داخل الاتجاهات السلفية، بخاصة المعروفة بالحركية، يدفع نحو المضي خطوة إلى الأمام، والتفكير في ممارسة العمل السياسي عبر أحزاب، أو تكوين كتلة للمشاركة في الانتخابات النيابية. وهو اتجاه في حيزه العام ليس محسوباً على السلفية التقليدية، وإنّما على الحركية التي تزاوج بين المنظور العقائدي والمعرفي السلفي من جهة، والجانب الحركي والعملي لدى الحركات الإسلامية من جهة أخرى.
التعبير الأبرز عن التيار السلفي الحركي في الأردن، خلال السنوات الماضية، يتمثل في جمعية الكتاب والسنة. وقد نشطت الجمعية بدرجة كبيرة في السنوات الماضية عبر دور القرآن الكريم، والنشاطات التربوية والتطوعية، وأخيراً دورها المشهود في إغاثة وإعانة اللاجئين السوريين في الأردن.
إلاّ أنّ هنالك اتجاهاً مشروعاً لدى القائمين على الجمعية بعدم الزج بها في معمعة العمل السياسي أو الحزبي، وحماية دورها التربوي والدعوي، لما له من حضور ربما يفوق ما يترتب على الجانب السياسي. وربما لا يتنافى ذلك مع مساهمة أعضاء في الجمعية، أو مقربين منها، بصورة مستقلة في تأسيس حزب سياسي أو المشاركة في الانتخابات بصورة مستقلة أو خارج عنوان الجمعية.
بالرغم من انتشار التيار السلفي بصورة منافسة للإخوان خلال العقدين الأخيرين في الأردن، إلاّ أنّ حضوره أو مشاركته في العمل السياسي -إن قرّر ذلك- لن تكون بالصورة أو الحجم نفسه في مصر، فما تزال نسبة كبيرة من السلفيين مستنكفة عن السياسة من جهة، وما تزال جماعة الإخوان تمثّل الخيار الأفضل سياسياً- لشريحة واسعة من سكان المدن الكبرى.
(الغد)