مبادرة أهل الهمّة
بادرت جلالة الملكة رانيا العبدالله بإطلاق مبادرة "أهل الهمة"، هذه المبادرة التي تشكل نافذة واقعية وعملية لتسليط الضوء على الأفراد والجماعات الذين أثّّروا وألهموا أناس آخرين وعبّروا عن حبهم وانتمائهم للوطن الأشم من خلال استخدام قدراتهم وإمكاناتهم للتأثير في مجتمعاتهم وإحداث تغييرات إيجابية فيها.
ولعل هذه المبادرة تسلط الضوء على قصص النجاح الحقيقية في المجتمع الأردني وخصوصا المغمورة منها لمواطنين آثروا على أنفسهم أن يعملوا خلف الكواليس وليس تحت الأضواء، مواطنين يمثلون الفئة التي تعمل بصمت في بناء الوطن الأنموذج، مواطنين يساهمون في جهد جمعي مترادف للعطاء دون منّة أو صخب أو إعلام، مواطنين متميزين طبعهم الفطرة والسجية لا التجمّل أو الشوفيّة-شوفوني يا ناس-، مواطنين يمتلكون روحية العطاء للآخر وللوطن، مواطنين لا يقدمون كشوفات محاسبة للوطن بل عطاؤهم يتجاوز مكاسبهم ولا ينتظرون أيّ مكاسب أو مغانم، مواطنين يغلّبون الغيرية –حب الغير- على الأنمالية – وأنا مالي، كناية عن حب الذات-، مواطنين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، مواطنين رأس مالهم الخدمة العامة والعمل التطوعي والعمل الإنساني والأخذ بيد الآخر، مواطنين مبدعين ومتميزين وأصحاب مبادرات عملية، مواطنين يمتلكون الحس العالي بالمسؤولية والمواطنة، مواطنين أهل تغيير ايجابي في مجتمعاتهم على مختلف الصعد، مواطنين يتقاسمون مع الغير كل ما يملكون كالمهاجرين والأنصار، إنهم في الحقيقة مواطنين مخلصين ومنتمين حتى النخاع لتراب وإنسان ومجتمع وبيئة وأرض ومؤسسات وقيادة هذا البلد، ومواطنين من أهل العفّة ويشكلون الأغلبية الصامتة في هذا البلد، ومواطنين أبطال بحاجة للكشف والبحث عنهم لغايات اكتشافهم، ومواطنين يحافظون على هويتهم الوطنية من جهة وانفتاحهم على العالم الآخر من جهة أخرى بامتياز، ومواطنين نشميات ونشامى وبطلات وأبطال ،هؤلاء هم "أهل الهمة" من أبناء وبنات الوطن الأنموذج أردن أبا الحسين.
إن إطلاق مبادرة "أهل الهمّة" يعزّز لدى الشباب والمواطنين الكثير من السلوكيات الايجابية مثل أخذ العبر من قصص نجاح الغير، وأخذ الآخر كنموذج يحتذى لغايات التفاني في فعل الخير، وتنمية الشعور بحب الآخر ونبذ الصفات الأنانية، وتعزيز روح التحدّي للنفس والعمل والصعاب بمجملها، والاعتبار من المواطن القدوة والأنموذج لفعل الخير، والمشاركة الفاعلة لبناء الوطن النموذج، والاعتبار من انجازات الآخر، وتنظيم الوقت والعمل الجاد، وتربية الأبناء على البطولية والهمّة والعطاء والتميز والإبداع والمبادرات والشفافية والمشاركة الفاعلة والمواطنة العاملة والمؤثرة وغيرها.
إن لأهل الهمة علينا واجبات كثيرة أقلها شكرهم واحترامهم لتفانيهم وعطائهم، والأخذ بأيديهم لتعزيز طموحاتهم وتطلعاتهم، وتعميم الفخر بالنجاحات وهمّة وعزيمة الآخرين، وخلق ثقافة التغنّي بانجازات الآخرين كما هي انجازاتنا، وتكريمهم بشتى السبل، وأخذ العبر المستفادة منهم، وإظهار بطولاتهم وهم على قيد الحياة، ولربما تسمية شوارع أو مباني عامة بأسمائهم وهم أحياء كجزء من التكريم لهم وهم يعيشون نشوة الانجاز.
إن الحملة والمبادرة الوطنية "أهل الهمّة" بحاجة منا جميعا مؤسسات وأفراد إلى هبّة قوية للتأشير إلى أهل الهمّة وترشيحهم لأن الدّال على الخير كفاعلة. فأهل الهمّة نجدهم في كلّ مكان في الوطن سواء في البادية أو الريف أو المخيم أو المدينة. وأهل الهمّة نجدهم في كل مجال سواء كان إنسانيا أو اجتماعيا أو أكاديميا أو اقتصاديا أو تربويا أو زراعيا أو غيره. وأهل الهمّة نجدهم في المؤسسات المختلفة سواء كانوا في الأسرة أو المدرسة أو الجامعة أو مؤسسات الدولة أو المؤسسات الخاصة أو المجتمع أو منظمات المجتمع المدني أو غيره، فهم في كل مكان وفي أي مجال وفي أي مؤسسة عامة أو مجتمعية.
بوركت سواعد أهل الهمّة الذين يعملون بصمت ودون منّة لأجل الوطن، وبوركت مبادرة صاحبة الجلالة الملكة رانيا العبدالله المعظمة، وبوركت همّة قيادتنا الهاشمية المظفّرة بقيادة صاحب الهمّة الملك المعزّز عبدالله الثاني بن الحسين المعظم.
* جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية