رمتني بدائها وانسلت

المدينة نيوز - هذا المثل من أكثر الأمثال العربية إبداعاً وذكاءً عبر التاريخ, وينطبق على كثيرٍ ممّا يقوم به بعض الممتهنين للعمل الحزبي والسياسي, فبعضهم يقوم بالعمل وهو يعلم يقيناً أنّه يسلك "السكة" الخطأ والمنهج الملتوي القائم على الشعور بالعجز والنقص, والمشبع بالحسد لمن يجد النجاح والقبول الجماهيري, ثم يقوم باتهام الآخرين بسوء ما أقدم عليه من أفعال.
إنّ الحركة الإسلامية التي بذلت جهوداً مضنية على مدار عقود من اجل تأطير الحركة الوطنية, ولملمة جهود الإصلاحيين والخيّرين في إطار جبهوي فاعل, وجعلت من نفسها عضواً على قدر المساواة في العضوية في معظم هذه الأطر التنسيقية متجاوزة الأثر الحقيقي والفاعل في الساحة السياسية والثقل الجماهيري الحقيقي الواضح لبقية الأعضاء, وتحملت من اجل ذلك كثيرا من العنت والمشقة من أولئك الذين يتقنون الهمز واللمز, والوشاية والطعن من الخلف, وتناست ما يقوله الرفقاء حين تتاح الخلوة مع المسؤولين أو الخصوم, وكظمت غيظها وعبأت الجرح ملحاً, تتعرض الآن لهجوم منسق وحملة تحريضية لتشويه مواقفها من رفقاء الأمس.
إلاّ أنّ ما صدر عن الرفقاء في بيانات واضحة للعلن مؤخراً, يجعل الأمر خارج سياق الأعراف السياسية وتقاليد العمل الحزبي, إذ أنّ الحد الأدنى من تقاليد العمل الحزبي والأعراف السياسية, أن يكتفي كلّ فريق بأن يعرض ما عنده على الجماهير وأن يقول رأيه بصراحة في مختلف القضايا وأن يعبّر عمّا يعتقده صواباً في المواقف والسياسات, ثمّ بعد ذلك يجب أن يترك الأمر للجماهير لتختار من المواقف والآراء ما تشاء وأن يترك للجماهير حرّية الكلمة والموقف, ويجب أن نحترم رأي الجماهير ووعيها, وأن لا نستخف بقدرات الجموع الشعبية ولا نقلل من قدرتها على تمييز الغث من السمين, ويجب الابتعاد عن منهج الاستغفال والاستخفاف, مهما كان الفرق شاسعاً بين الآراء والايدولوجيات وطرق العمل.
أمّا أن يمتهن العاجز شتم الآخرين ويتعمّد الإساءة البالغة لمواقف الشرفاء, ولا يجد سوى الطعن والتشهير والتشويه بمواقف المخالفين, فهذا مؤشر على العجز ودلالة على سوء المقصد وقبح المنهج.
يجب أن يرتفع السياسيون الى الحد الأدنى من عرف التجار, بأن يكتفي التاجر بعرض بضاعته, ويبذل جهده بإقناع الزبائن بحسنها وجودتها, لا أن يلجأ الى الطعن برفقائه التجار الآخرين ويمتهن ذم بضاعتهم, ويرمي الحجارة وبيته من زجاج, والأمر الأشد بشاعة أن يلجأ بعضهم الى المنهج الانفصالي الإقصائي, ثم يتهمّ الآخرين بسوء فعلته وصدق من قال: "رمتني بدائها وانسلت".
(العرب اليوم )