تراجع احتياطي العملات الأجنبية

المدينة نيوز - كان احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي قد وصل إلى الأوج في نهاية الشهر الاول من السنة الماضية ، ليسجل 3ر12 مليار دولار ، ثم بدأ بالانحدار ابتداءً من شهر شباط 2011 ، أي أن نزيف الاحتياطي تزامن مع ظهور الحراك السياسي والاجتماعي ، واستمر شهراً بعد آخر ليهبط إلى 2ر10 مليار دولار في نهاية الشهر الاول من هذه السنة ، وبذلك يكون قد خسر 1ر2 مليار دولار خلال 12 شهراً وبمعدل 1ر17%.
نذكر بالمناسبة أننا كنا سعداء جداً عندما تجاوز احتياطي العملات الاجنبية رقم مليارين من الدولارات ، واعتبرنا ذلك إنجازاً هاماً ، ومدعاة للثقة ، ومع ذلك فإن وصول الاحتياطي إلى مستوى عشرة مليارات من الدولارات ، الآن أصبح يثير القلق ، فالأهمية لا تكمن في الأرقام المطلقة بل في الاتجاه العام ، فمن الأفضل أن يكون الاحتياطي منخفضاً ولكنه يرتفع شـهراً بعد آخر كما كان في السابق ، من أن يكون مرتفعاً ولكنه يتآكل شهراً بعد آخر كما هو الحال الآن.
رأس المال جبان ، ومن الواضح أن دوائر المال والأعمال ليست مرتاحة للمناخ السائد الذي يوحي بأن الفساد يغطي كافة النشاطاته ولا يوفر مسؤولاً كبيراً او صغيراً.
هذه الدوائر تعبـّر عن عدم رضاها بتغيير سلوكها ، فالسياحـة تراجعت ، وحوالات المغتربين تناقصت ، والعجز التجاري زاد ، وأعمال التوسع والاستثمار مؤجلة، وتحول الوطن إلى فريسة مطروحة أرضاً يريد كل طرف أن يقتطع من لحمها أكبر قدر ممكن استغلالاً للظروف الشاذة.
ما العمل؟ لو كانت هناك حلول سهلة لتم تطبيقها دون انتظار ، فالحلول الحقيقية تتطلب تضحيات وصبراً. في عام 2011 جرت حوارات وطنية ، سياسية وإدارية واقتصادية ، وتم تعديل الدستور. وفي عام 2012 سيتم إقرار المحكمة الدستورية ، والهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات ، وقانون الانتخاب ، وستجري الانتخابات البلدية والنيابية قبل نهاية السنة ، فلماذا لا نعطي أنفسنا فرصة ونقبل هذا الجدول الزمني الواضح ونعطي الحكومة فرصة الإصلاح الاقتصادي الذي لا يقل أهمية.
لدينا فرصة لتحقيق الإصلاح واجتثاث الفساد دون أن ندفع الثمن الباهظ الذي دفعته شعوب مصر وسوريا وليبيا واليمن وما زالت تدفعه
(الراي)