من ملء الفراغ الى صناعته

المدينة نيوز - بعد الحرب العالمية الثانية, وفي اطار الحرب الامريكية مع قوى الاستعمار القديم, البريطاني - الفرنسي ومن اجل ابعاده عن حقول النفط ووراثة مناطق نفوذه السابقة, طرحت الادارة الامريكية نظريتها الشهيرة المعروفة بـ ملء الفراغ خاصة في الشرق الاوسط.
اضافة لتصفية النفوذ البريطاني - الفرنسي, كانت واشنطن حذرة ايضا من اية محاولات روسية لتجاوز اتفاق يالطه والاقتراب من المياه الدافئة, كما كانت حذرة من اية قوى محلية (عربية) صاعدة.
وبقدر ما تواطأت مع ثورة يوليو وعبدالناصر في مصر فلم ترحب بهذه الثورة كشريك اقليمي مما يفسر انقلابها عليها بعد ان اتضح لها ان عبدالناصر يتصرف كقوة صاعدة شريكة ولم يتردد في اقامة تحالفات مع موسكو والصين والمعسكر المعادي للامريكان..
هذا الدرس الناصري المرير, اسس لدى الامريكان تصورات جديدة عززتها الحسابات والاعتبارات (الاسرائيلية) التي تحولت مع مرور الزمن الى استراتيجية ثابته عنوانها (صناعة الفراغ) في اللحظات والمحطات السياسية الاستراتيجية الانتقالية.
وكانت الحلقات المباشرة لهذه الاستراتيجية المراكز الاساسية للامة: مصر, العراق, سورية, الجزائر, والتي تصادف انها جميعا تحالفت في اوقات مختلفة مع موسكو والصين ومعسكر عدم الانحياز..
وهو ما يؤشر على ان دخول الامريكان على الثورة المصرية ليس من اجل اعادة انتاج مصر كدولة حليفة بل من اجل خلق (حالة فراغ) دائمة فيها, وكذلك الامر مع البقية, العراق وسورية والجزائر... وذلك بتنويع الخيارات والادوات التي تضمن هذه الحالة من الاسلام الامريكي الناعم الى الخشن الى الفوضى الطائفية.. وهو ما يستدعي بالمقابل, اعادة انتاج المشروع القومي والهوية القومية فإما (الفراغ) الامريكي وإما النهوض والحضور القومي.
(العرب اليوم )