حكي مثل الشوف

المدينة نيوز - الحكي هو المادة الخام للعمل السياسي, وهذا ليس ذماً للسياسيين, على الأقل لأن المادة الخام لنا في العمل الصحفي هي أيضاً الحكي.
الحكي اختراع بشري مهم, ومنذ أن أصبح الانسان حكاءاً, استعاض بالحكي عن كثير مما كان يرهقه ويتطلب منه جهداً, وعلى سبيل المثال, فقد استعاض عن بعض حروبه بالكلام والحكي, ولعل في ذلك أساس لحديثنا عن "المعارك كلامية", ولقولنا ان فلاناً عند سماعه بعض الكلام "أصيب في مقتل", كما أن الناس صاروا ينجذبون كثيراً ل¯"المبارزات الكلامية", التي "يصرع" فيها المتكلمون بعضهم بعضا.
لا يزال الكلام يشكل الميدان الأول للصلح أو الخصومة, وقد قال الأردنيون في مثل شعبي قديم أن "الحكي منه اِفْتوح ومنه اِنْطوح", أي أنه اما أن يكون مقبولاً فيقود الى الصلح أو مرفوضاً فيقود الى المناطحة والخصومة.
هناك "حكي يرفع الراس" ونقيضه "حكي يوطي الراس", ونقول عن الكلام المسؤول بأنه "حكي مدفوع رِدّه" وعكسه كلام لا يقال إلا لأنه "ليس على الكلام جمرك".
ومن أفضل أنواع الحكي ما يكون "مثل عَدّ الليرات" و"فَتّ المصاري", وخيرنا في الحكي هو من "يَزِن كلامه", على ان لا يكون هذا الحكي "عُمْلة حكي", ويصف أشقاؤنا الفلسطينيون بعض الحكي بأنه "مثل هُبّال الطبيخ ما ينشبع منه", وإذا اقتصروا المثل على "هُبّال الطبيخ", كان قصدهم ذم هذا الحكي لا مدحه, وأسوأ وصف سمعته للحكي, ورد في مثل نستخدمه في الرمثا كثيراً في قولنا "حكي مثل مص الروث", والمعذرة من الكلمة, لأنه لا حياء في الأمثال الشعبية.
(العرب اليوم )