مرة أخرى ... حماس تحت المجهر

تم نشره السبت 17 آذار / مارس 2012 12:36 صباحاً
مرة أخرى ... حماس تحت المجهر
عريب الرنتاوي

المدينة نيوز - احتلت حركة حماس مساحة واسعة من اهتمامات الباحثين والمعلقين والصحفيين، خلال الأشهر القليلة الفائتة.

وانصب تركيز هؤلاء وبحثهم، حول خلافات الحركة الداخلية، وما يشهده هذا الفصيل الرئيس من تبدلات وتحوّلات...وكيف سينعكس كل هذا وذاك على دور الحركة ومستقبلها.

إلى أن جاء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، ليقفز الاهتمام بالحركة إلى صدارة أولويات مراكز البحث والتفكير والمحللين والمراقبين، فلسطينيين وإسرائيلين على نحو خاص، وعرباً وعجماً و”فرنجة” بصفة عامة...وقد وضِعت الحركة في “ميزان الربح والخسارة”، ومالت معظم التعليقات للقول إن الحركة أخذت تحاكي الحركة الأم: “فتح” في سيرتها ومسارها، وأنها تواجه منافسة قوية تذهب لصالح شقيقتها التوأم: “حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين”، وأن حصاد الحركة، جاء خسارة صافية في أحداث غزة الأخيرة.

والحقيقة أنه لم يعد خافياً على أحد، أن حماس واجهت وضعاً استثنائياً شديد الدقة والصعوبة خلال السنوات الخمس أو الست الفائتة...كان له أثر حاسم بإطلاق سلسلة من الحوارات والتحوّلات الداخلية العمقية في صفوف الحركة، والتي لم تنته مفاعيلها بعد، والمؤكد أن الحركة تمر بمخاض مصيري، سيتوقف على الطريقة التي ستدير بها “انقساماتها الداخلية” و”تحالفاتها الوطنية والخارجية” ووجهتها وتوجهها السياسية والكفاحية، تقرير مصير الحركة ومستقبلها وحجم نفوذها وتأثيرها في فلسطين والإقليم.

لقد أربك الانتصار الكاسح للحركة في انتخابات 2006 مجمل مسارها، لكأنه أخذ قياداتها على حين غرة...وجاء الحسم العسكري السريع في السنة التالية (2007) بمثابة مفاجأة ثانية للحركة، رتب عليها وأدخلها في دوّامة من المسؤوليات والالتزامات التي لا طاقة لأحد على الوفاء بها، وصولاً لحرب الرصاص المسكوب على قطاع غزة، والحصار الإسرائيلي – المصري (نظام مبارك) على القطاع، وانتهاء بثورات الربيع العربي التي كانت بمثابة فرصة وتحدٍ للحركة.

إلى أن دخلنا في مسار استعادة الوحدة والمصالحة الفلسطينيتين، إذ بدل أن تكون “نهاية هذا المسار”، استعادة وحدة الشعب والجغرافيا و”الممثل الوطني” و”البرنامج” و”أدوات النضال” الفلسطينيية، رأينا “بداية هذا المسار”، تنعكس بأفدح العواقب على وحدة الحركة الداخلية، وتماسك أطرها القيادية، بل وخروج كل ذلك إلى العلن، خصوصاً مع سعي كل فريق من فريقي “الجدل الداخلي” إلى تمتين وتوسيع دائرة تحالفاته العربية والإقليمية، لكأننا أمام سباقٍ محمومٍ على الشرعية والقيادة.

من بعض ما يجري تداوله من معلومات عن “قضايا الخلاف داخل حماس”، تلك القراءة التي تختصر المسألة برمتها، كما لو كانت صراعاً بين “معتدلين” في الخارج، يغذون الخطى صوب منظمة التحرير وبرنامجها السياسي وأشكال الكفاح السلمية والشعبية المقترحة من قبلها، وبين “مقاومين” في غزة، يستمسكون بجمر المقاومة وبرنامجها، ويبدون تحفظاً واضحاً على “لهاث” الخارج للمصالحة، والأهم، يبدون حذراً شديداً في التفريط بعصفور “حكومة غزة” التي هي باليد، بوصفها خيرٌ من عصافير المصالحة العشرة.

لكن عدوان إسرائيل الأخير على غزة، أظهر للملأ أن الصورة التي يجري تناقلها عن خلافات حماس الداخلية، أكثر تبسيطاً مما هي عليه في واقع الحال...فقادة حماس في غزة، بجناحيهم السياسي والعسكري، كانوا الأسرع بطلب استئناف التهدئة واستعادتها، بل وكانوا الطرف الوحيد الذي لم يخترقها، حتى بعد أن أقدمت إسرائيل على دوسها بالأقدام...وجُل ما فعلته الحركة، أنها لم تمنع فصائل أخرى (الجهاد أساساً) من ممارسة حقها في الرد على الخروقات الإسرائيلية، ولم تقدم خطاباً مناهضاً لخطاب المقاومة، حتى وهي تمتنع عن الانخراط فيها عملياً.

لكأننا صرنا أمام خلافٍ بين فريقين: واحدٌ يريد أن يجعل من التهدئة مدخلاً لإحداث تحوّلات سياسية أعمق وأشمل في مواقف الحركة وتوجهاتها وتحالفاتها، ويسعى في تعميمها على الضفة والقطاع على حد سواء...والثاني، يريد أن يسوّق التهدئة على أنها “فعل مقاوم” أيضاً، يتعين أخذه بحجمه وسياقه، وهذا ما فعله د. محمود الزهار، بقدر كبير أو قليل من النجاح في طهران مؤخراً...فزيارة أحد كبار صقور حماس لإيران، ليس لها من مغزى ودلالة في هذا التوقيت، سوى البرهنة، على أن حماس ما زالت تتصدر صفوف المقاومين والمجاهدين، وأن شيئاً لم يتغير أو يتبدل في مواقف الحركة ومواقعها وتحالفاتها.

ويلقي المشهد الإقليمي في ضوء “ربيع العرب” و”صعود الإخوان في كل مكان”، ظلالاً كثيفة على أداء الحركة وتفاعلاتها الداخلية...لكن أخطر ما يمكن أن يصيب الحركة، أو أن يصيبنا معها، هو الوقوع في ذات الشرك الذي سبقق وأن وقعت فيه حركة القوميين العرب في أواسط ستينيات القرن الفائت، حين ربطت مصير القضية الفلسطينية ومستقبل الكفاح الفلسطيني المسلح، بجاهزية جمال عبد الناصر لخوض الحرب مع إسرائيل وعليها، حيث لخصت موقفها ذاك بشعار “فوق الصفر...تحت التوريط”...اليوم، ثمة تيار في حماس، لا يريد أن يورط إخوان مصر والعالم العربي بملف مفتوح من الصراع مع إسرائيل، وهو يبدي استعداداً موضوعياً وإن كان غير معلن، لإبقاء المسألة الفلسطينية في “قائمة الانتظار”، إلى أن تنجلي رياح التغيير في العالم العربي.
 
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات