ثورات العرب تتجاهل الأقصى

المدينة نيوز - المسجد الاقصى يتم تدنيسه من مجموعات يهودية،وغزة يتم قصفها،وقتل العشرات فيها،ولاتسمع في كل حراكات العالم العربي،اي ذكر لفلسطين،لا بالعنوان ولابالشعار ولابالهتاف،ولا بالدموع الكاذبات.
الشعوب العربية تحتج على قضاياها الداخلية،من فقر وجوع واذلال،وتنقلب على حكام ظلمة،ومايأتي بعد الثورات،اكثر سوءا مما كنا عليه،لان الف لاعب يلعب في الميدان،ولايترك لهذه الشعوب فرصة قطف ثمرة ثوراتهم،وفوق ذلك يتم تغييب فلسطين،القضية،عن هموم هذه الشعوب،بعد ان كان دخول الاقصى يثير الغضب في كل العالم العربي،لكنه اليوم،يقابل بزم الشفتين والسكوت.
الاحزاب العربية والتنظيمات والجماعات،بما في ذلك جماعة الاخوان المسلمين،كلهم منشغلون بالحراكات السياسية،وبالوصول الى السلطة،والمنافسة على مقاعد البرلمان،وتشكيل الحكومات،وتخلى اغلب هؤلاء عن الشعار الديني والقومي،الذي يتجلى في قضية فلسطين،مقابل شعارات محلية بحتة،تستغرق في الهتاف من اجل رغيف رخيص،وقطع يد فاسد،بحيث يتم تقديم اكبر خدمة غير مباشرة لاسرائيل،اي اشغال الشعوب العربية بقضاياها المحلية البحتة،وتأجيل الاقصى والقدس وفلسطين الى يوم القيامة.
اكثر الغش في ذاك الكلام المسموم الممزوج بالعسل، الذي يقول ان هذه الثورات ستؤدي الى تحرير فلسطين،لان نهضة الشعوب العربية ستؤدي في نهاية المطاف الى موقف قومي ستتخذه هذه الشعوب بعد ان يتنزل عليها المن والسلوى،وبعد ان تسترد حقوقها،وبعد ان تستعيد كرامتها المنهوبة،وبهذا المعنى يتم تأجيل اي موقف تجاه فلسطين،حتى تنهض هذه الشعوب،وهذا كلام مسموم،يراد منه تجميد حضور الموضوع الفلسطيني،في الذاكرة العربية،والوجدان القومي والديني،والحياة السياسية.
علينا ان نلاحظ من جهة اخرى،ان الثورات اطاحت بأنظمة عميلة لاسرائيل،حتى لاننكر هذا الجانب،غير اننا نتحدث عن قدرة الشعوب على ادامة منجزها هذا،بدلا من اعادة انتاج الظلم بشكل جديد،مع منجز اخر للطرف الاخر الذي خسر عمالة النظام الساقط،اي عزل القضية الفلسطينية،واستبدالها بمشاكل الداخل والصراع على السلطة،وهكذا تكون اسرائيل قد استفادت مرتين،الاولى بخدمات النظام الذي سقط،والثانية بتدمير بنى البلد الذي تمرد شعبه،واخراج القضية الفلسطينية،من اولويات الشعوب،ودفعها خارج الزمن.
واجب الشعوب العربية تجاه فلسطين،واجب ديني وتاريخي واخلاقي،لان درة فلسطين اي المسجد الاقصى ليست رمزا فلسطينيا وحسب،بقدر كونها رمزا اسلاميا وعروبيا،له قداسته التي سيحاسب عليها اي شخص فينا،وعلينا ان نتأمل ان الخراب اليوم،يشتد في كل الجوار الاسرائيلي،سوريا،مصر،وليبيا باعتبارها ظهر مصر الغربي،لبنان،والعراق قبلا باعتباره ظهر سورية الشرقي،فيما تشتد الرياح العاتيات على الاردن ايضا،في مشهد يقول ان هناك من يريد تحطيم كل جوار فلسطين،حتى يرتاح في المحصلة من سرق فلسطين من اهلها،وعناوين الخراب تأتي تحت شعارات جميلة وبراقة وخاطفة لانظار الجمهور وتأييده ايضا.
أليس هذا عار كبير علينا جميعا ان تتم استباحة الاقصى،كل يوم،فيما لايتحرك احد فينا،ولايتنازل اي حراك سياسي في اي بلد عربي،حتى لتخصيص جمعته من اجل الاقصى،اولى القبلتين،أليس هذا عار كبير ان تتخلى الجماهير العربية عن فلسطين في اسوأ مرحلة من مراحلها،مقابل لاشيء،وستثبت الايام ان هذه الجماهير لن تحصل على شيء،تناست فلسطين،وماحفظت بلادها ايضا،تحت وطأة المطامع والصراع على السلطة والخلافات السياسية والعسكرية والقبلية،وتحت وطأة الديون والفقر؟!.
من شعارات تحرير الاقصى،الى شعارات صحن الفول الساخن رخيص الثمن،والرغيف المدعوم،هذا هو التحول الاكبر في هذا العصر،وهو تحول يقول ان من بات وقد فرط في حقوق الامة،فمن اين سيأتيه النصر والتوفيق؟!والسؤال مفرود للاجابة.
(الدستور)