وقفة على جثة بابا عمرو!
تم نشره الخميس 29 آذار / مارس 2012 02:40 صباحاً

صالح القلاب
المدينة نيوز- بعض الذين شاهدوا الرئيس بشار الأسد وهو يقف على أنقاض حيِّ بابا عمرو الذي بقي يُقصف بمدافع الدبابات وبالصواريخ لأكثر من سبعة وعشرين يوماً تخيلوا انه حرر الجولان في الحرب الضروس الذي شنها على مدى عامٍ كامل وها هو يبدأ العام الثاني وأنه يقف على أطلال مدينة القنيطرة وأن ما وعد ببنائه ،وهو يتحدث بفرح غامر للذين جرى استقدامهم من مناطق أخرى «معروفة» ليكونوا في استقباله على أنهم أهل هذه المدينة التاريخية الباسلة،هو هذه المدينة الجولانية التي لا تزال مهدمة حتى الآن.
لا يمكن أن يُفهم هذا المشهد المُستغرب إلاّ على انه إما تحدٍّ سافر لأهل هذه المدينة وللشعب السوري ولكل من يرفض هذه المجازر المتنقلة بين المناطق والمدن السورية أو أن حال الرئيس بشار كحال مسافر الصحراء ليلاً الذي بدل أن يصمت يأخذ بالحداء بأعلى صوته ليغطي على مخاوفه وليقنع نفسه بأنه لا يهاب الظلمة ولا يخاف مفاجآت الفيافي المقفرة والموحشة.
لقد كانت تلك الحرب المدمرة على بابا عمرو ،التي لو كانت في اتجاه الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية فلما بقيت هضبة الجولان محتلة منذ عام1967 وحتى الآن، من اجل إثبات الوجود بينما كانت هناك مبادرات العرب والجامعة العربية وبينما انتقلت «القضية السورية»إلى مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة والساحة الدولية ولقد كانت هذه الحرب القذرة أيضاً من اجل زرع الرعب في قلوب السوريين وتذكيرهم بمذبحة حماه المرعبة في عام1982 التي تواطأ العرب والعجم والعالم بالنسبة إليها مع والده الذي كان قد سجل تلك الصفحة السوداء التي ستبقى والى الأبد حاضرة في أذهان الأجيال المقبلة من أبناء الشعب السوري.
في عام1982 استطاع مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية «فرانس بريس» التقاط عدد من الصور لمدينة حماه وقد غدت أشلاءً ممزقة وجثة هامدة ويومها لم تتجرأ أي مطبوعة عربية على نشر ولو صورة واحدة من تلك الصور اللهم باستثناء «مجلة» كانت تصدر من لندن لكن وسائل الإعلام السورية بقيت ولعدة أيامٍ متلاحقة تروج لِلَقْطةٍ جمعت الرئيس الراحل حافظ الأسد ،رحمه الله على أي حال، مع شقيقه رفعت الأسد ،الذي كان غادر سوريا ليبقى يعيش حياة المنافي منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي وحتى الآن، وبعض كبار الضباط الذين يتحلقون حوله في منطقة تطل على هذه المدينة المنكوبة.
كان ظهور الرئيس بشار الأسد قبل يومين على أطراف حيِّ بابا عمرو المهدم في حمص كظهور والده في منطقة تطل على أنقاض حماه والفارق هو أن «الوالد» في تلك اللقطة التلفزيونية كان يبدو منتصراً بينما «الابن» في الصور التي دأب على بثها التلفزيون الرسمي وأجهزة الإعلام الحكومية بدا في حالة كارثية وهو يحاول إخفاء حقيقة ما يعيشه من الداخل وما يشعر به ببعض الحركات المسرحية وببعض الابتسامات المصطنعة التي بقي يوزعها ،على من كانوا يتحلقون حوله ومعظمهم كانوا بملابس الميدان العسكرية، في الدقائق القليلة التي أمضاها في حيٍّ حولته قذائف الدبابات إلى ما يشبه «العصف المأكول».
إن الرئيس بشار الأسد ما كان بحاجة إلى تلك الزيارة التي اتخذت طابعاً مسرحياً محزناً وبائساً فالشعب السوري كله يعرف حقائق ما جرى وما يجري في بلاده والعالم كله يعرف أن بابا عمرو ليست هضبة الجولان وأن الانتصار فيها ،بعد قصف وتطويق استطال لنحو شهرٍ بأكمله، هو انتصار على مواطنين أبرياء كل ذنبهم أنهم بعد أن تحملوا ما لم تتحمله الجبال على مدى نحو نصف قرن من الأعوام خرجوا يهتفون للإنعتاق والحرية والكرامة التي بقيت غائبة كل هذه الأعوام.( الراي )
لا يمكن أن يُفهم هذا المشهد المُستغرب إلاّ على انه إما تحدٍّ سافر لأهل هذه المدينة وللشعب السوري ولكل من يرفض هذه المجازر المتنقلة بين المناطق والمدن السورية أو أن حال الرئيس بشار كحال مسافر الصحراء ليلاً الذي بدل أن يصمت يأخذ بالحداء بأعلى صوته ليغطي على مخاوفه وليقنع نفسه بأنه لا يهاب الظلمة ولا يخاف مفاجآت الفيافي المقفرة والموحشة.
لقد كانت تلك الحرب المدمرة على بابا عمرو ،التي لو كانت في اتجاه الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية فلما بقيت هضبة الجولان محتلة منذ عام1967 وحتى الآن، من اجل إثبات الوجود بينما كانت هناك مبادرات العرب والجامعة العربية وبينما انتقلت «القضية السورية»إلى مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة والساحة الدولية ولقد كانت هذه الحرب القذرة أيضاً من اجل زرع الرعب في قلوب السوريين وتذكيرهم بمذبحة حماه المرعبة في عام1982 التي تواطأ العرب والعجم والعالم بالنسبة إليها مع والده الذي كان قد سجل تلك الصفحة السوداء التي ستبقى والى الأبد حاضرة في أذهان الأجيال المقبلة من أبناء الشعب السوري.
في عام1982 استطاع مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية «فرانس بريس» التقاط عدد من الصور لمدينة حماه وقد غدت أشلاءً ممزقة وجثة هامدة ويومها لم تتجرأ أي مطبوعة عربية على نشر ولو صورة واحدة من تلك الصور اللهم باستثناء «مجلة» كانت تصدر من لندن لكن وسائل الإعلام السورية بقيت ولعدة أيامٍ متلاحقة تروج لِلَقْطةٍ جمعت الرئيس الراحل حافظ الأسد ،رحمه الله على أي حال، مع شقيقه رفعت الأسد ،الذي كان غادر سوريا ليبقى يعيش حياة المنافي منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي وحتى الآن، وبعض كبار الضباط الذين يتحلقون حوله في منطقة تطل على هذه المدينة المنكوبة.
كان ظهور الرئيس بشار الأسد قبل يومين على أطراف حيِّ بابا عمرو المهدم في حمص كظهور والده في منطقة تطل على أنقاض حماه والفارق هو أن «الوالد» في تلك اللقطة التلفزيونية كان يبدو منتصراً بينما «الابن» في الصور التي دأب على بثها التلفزيون الرسمي وأجهزة الإعلام الحكومية بدا في حالة كارثية وهو يحاول إخفاء حقيقة ما يعيشه من الداخل وما يشعر به ببعض الحركات المسرحية وببعض الابتسامات المصطنعة التي بقي يوزعها ،على من كانوا يتحلقون حوله ومعظمهم كانوا بملابس الميدان العسكرية، في الدقائق القليلة التي أمضاها في حيٍّ حولته قذائف الدبابات إلى ما يشبه «العصف المأكول».
إن الرئيس بشار الأسد ما كان بحاجة إلى تلك الزيارة التي اتخذت طابعاً مسرحياً محزناً وبائساً فالشعب السوري كله يعرف حقائق ما جرى وما يجري في بلاده والعالم كله يعرف أن بابا عمرو ليست هضبة الجولان وأن الانتصار فيها ،بعد قصف وتطويق استطال لنحو شهرٍ بأكمله، هو انتصار على مواطنين أبرياء كل ذنبهم أنهم بعد أن تحملوا ما لم تتحمله الجبال على مدى نحو نصف قرن من الأعوام خرجوا يهتفون للإنعتاق والحرية والكرامة التي بقيت غائبة كل هذه الأعوام.( الراي )