ثورة الشعوب العربية ويوم الأرض الفلسطيني

قد أعطت ثورة الربيع العربي روحاً جديدة دفاقة لكل الشعوب العربية, وألهمتها عزيمة وقوة وأملاً عارماً بالقدرة على التغيير والتخلص من أوحال الهزيمة والانكسار, وأكبر ملمح لهذه الثورة العربية المجيدة وغير المسبوقة هو ما انعكس على اختفال الفلسطينيين ومعهم أشقاؤهم من الشعوب العربية والإسلامية, وأصدقاؤهم من مختلف قارّات العالم بيوم الأرض في هذا العام الذي جاء على اثر انتصار الشعوب على الجلادين والطغاة والسماسرة.
في اجتماع شعبي مهيب ينوف على المئة ألف من الفلسطينيين والأردنيين والعرب, والمسلمين في أندونيسيا وماليزيا وتركيا والباكستان وأصدقاء ومناضلين من أمريكا الجنوبية والشمالية, ومن مختلف أصقاع أوروبا ومن أستراليا والصين جاءوا هذه المرة على مقربة من نهر الأردن; ليعلنوا كلمتهم الصريحة والمدوية للكيان المحتل القريب, ولكلّ الدول التي ما زالت تدعم الاحتلال وتغض الطرف عن حقوق الشعب الفلسطيني, ليعلنوا بأعلى صوت تمسكهم بأرضهم وديارهم وحقهم بالعودة إليها, مهما طال الاحتلال, ومهما مارس من التضليل والخداع للرأي العام العالمي, وأنّ العودة أصبحت قريبة وقريبة جداً, وأقرب ممّا يتوقع العدوّ وكلّ من معه.
ثورة الربيع العربي على عكس مقولات الهجائين من المهزومين والمفلسين والبكائين على أطلال أنظمة الاستبداد والفساد العربي, فقد أشعلت الأمل وروح الثورة في الأمّة العربية والإسلامية بأنّ موعد تحرير الأرض والمقدسات أصبح قريباً وذلك عندما تصبح الشعوب العربية حرّة طليقة متمردة على القيود الوهمية التي صنعتها أنظمة عميلة متهاوية ضعيفة, عاجزة عن مواجهة العدوّ, ومستأسدة قويّة هصورة على شعوبها العزلاء.
ثورة الربيع العربي حققت نمواً في الوعي المجتمعي العربي, وسعةً في مدارك الشعوب العربية في عامٍ واحد يفوق ما حققته خلال عشرين سنة, واستطاعت أن تقفز فوق عجز النخب, وركام الزيف والخداع والتضليل.
ها هي الشعوب العربية تنتفض على كلّ هذا الركام وتعلن أنّها سائرة نحو الحريّة والكرامة, ونحو استعادة السلطة, وبناء الدولة الحديثة على طريق الوحدة وإعادة بناء المشروع النهضوي العربي الإسلامي الكبير, وليعلم كل الذين خانوا ثورة شعبهم أنّ ثورة الربيع العربي وحدها القادرة على دفن مشروع الوطن البديل, وثقافة الربيع العربي هي الكفيلة بعودة مشروع التحرير إلى الحاضنة الكبرى العربية والإسلامية, وسوف تنقذه من وحل التفكك والتعصب القطري والجهوي, ومن وحل الهزيمة والتبعية للأجنبي. ( العرب اليوم )