بطالة الشباب الأردني هي الأعلى عالميا!

اتجاه بعض فئات الحراك الشعبي نحو التركيز في شعاراتهم على خلق فرص العمل واعطائها اولوية ضمن مطالب الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي كما حدث في الطفيلة مؤخرا, انما يلقي الاضواء من جديد على واحد من اهم تحديين يواجهان المجتمع الاردني منذ زمن بعيد الا وهما الفقر والبطالة مع ارتباطهما ببعضهما البعض, فايجاد الحلول الجادة لمعضلة البطالة التي تربض على انفاس الشباب على وجه التحديد وتعزز من افرازات غضبهم على كل شيء عبر العنف المجتمعي وغيره من اشكال احتجاجية اخرى, انما يقلص بالتالي من جيوب الفقر وامتدادها داخل النسيج الوطني الذي بات مهددا اذا ما استمرت الاحوال على هذا المنوال!
ان ما خلصت اليه دراسة بحثية اكاديمية حديثة من ارقام يتم تجاهلها مع سبق الاصرار والترصد من قبل الجهات الرسمية انما يعني دفنا للرؤوس في الرمال, حينما اكدت ان نسبة البطالة بين الشباب في الاردن تبلغ ثمانية وعشرين بالمئة وهي اكثر من ضعف ما هو معلن عنه والصامد عند مستوى حوالي ثلاثة عشر بالمئة على مدار عقود, مع احتفاءات بانخفاض معدلها نصف بالمئة بين الحين والاخر دون استناد الى مبررات موضوعية في عرف من يكابدون الامرين على مدار سنوات دون ان تلوح في الافق بارقة امل لانقاذهم, حتى ان آخر تسمية تعبر عن اوضاعهم اختارت لهم عنوان "بطالة المحبطين".!
المقارنات التي اوردتها هذه الدراسة التي تعتبر الاولى من نوعها للبطالة بين الشباب الاردني اثبتت انهم الاعلى من بين المعدلات الاخرى على المستوى العالمي, حيث كان معدل البطالة الشبابية لمناطق الشرق الاوسط وشمال افريقيا على سبيل المثال خلال نفس الفترة البحثية لعام 2010م يتراوح حول ثلاثة وعشرين بالمئة, اي ان البطالة بينهم اقل بنسبة خمسة بالمئة عمن هم في سني عمرهم من الاردنيين, مما يؤكد عمق المعضلة التي مازلنا ندور حولها في حلقة مفرغة دون ان نستكشف حقل الغامها القابل للانفجار.!
هذا الواقع يعبر عن مدى الاخفاق والفشل الذريع الذي كان قاسما مشتركا بين مختلف السياسات والبرامج التي اعتمدتها الحكومات الاردنية المتعاقبة تحت اهداف مكافحة البطالة, لانها ظلت عبارة عن اجراءات شكلية وحتى وهمية لم تسفر عن اي اختراق حقيقي يقلص من اعداد مئات الالاف من العاطلين عن العمل الذين زاد عددهم من المتقدمين الى ديوان الخدمة المدنية وحده على اكثر من ربع مليون من الخريجين على مختلف المستويات والخبرات, وهم في تزايد مستمر عاما بعد اخر دون ايجاد الشواغر القادرة على استيعابهم سواء في القطاع العام او الخاص, وظلوا مجرد ارقام نتلاعب فيها في احصاءات لا تعكس الواقع الفعلي على الاطلاق.!
لعل ما اوصت به دراسة البطالة بين الشباب الاردني تجد الاهتمام الرسمي الذي تستحق ما دامت تأخذ طابع "الصدمة" في اعلان نتائجها, من اجل مراجعة جميع البرامج والسياسات التي لم تحرك ساكنا في توجيه هذا الهم الوطني نحو حلول عملية وعدم الاكتفاء برش الملح على الجروح الغائرة في اجساد من يكتوون بنيران التعطل عن العمل وهم في قمة عطائهم, وقد يكون تأسيس شركات مساهمة عامة بالتشارك بين الحكومة والقطاع الخاص تستهدف تشغيل وتوظيف الاردنيين, من اجل تنفيذ مشاريع في المجالات المولدة لفرص العمل تشمل المناطق التي تشهد ارتفاعا قياسيا في معدلات البطالة, من بين الافكار التي لا بد من تدارسها في مواجهة مأزق شبابي لا تزال تفاعلاته اللاحقة في رحم الغيب! ( العرب اليوم )