نحو مصادر جديدة للإيرادات

من أسهل الأمور اقتراح وسائل إضافية للإنفاق العام ، فالحاجات غير محدودة ، ولو توفر للحكومة الأردنية مليارات الدولارات ، فلن تجد صعوبة في إنفاقها على التعليم والصحة والطرق والجسور والسدود ووسائط الاتصال والنقل والسياحة وزيادة الرواتب والتقاعد والدعم الاستهلاكي والاستثمار في مشاريع كبرى وصغرى ومتوسطة إلى آخره.
الحاجات غير محدودة ولكن الموارد نادرة ، والعملة الصعبة لا تكمن في قلة المطالب ووسائل الإنفاق ، بل في إيجاد موارد جديدة للخزينة ، تمكنها من النهوض بمسؤولياتها الثقيلة بأقل قدر من الاقتراض.
في هذا المجال نقترح تحميل الأردنيين المغادرين للخارج لجميع أغراض السياحة والاستشفاء والتعليم والحج والأعمال بضريبة مالية تحد من السفر بدون لزوم ، ولا يعفى منها أحد ، مما سيحول جانباً من السياحة في الخارج إلى سياحة داخلية ، ويقلل إنفاق الأردنيين في الخارج الذي يشكل عبئاً ثقيلاً على ميزان المدفوعات وعلى احتياطي المملكة من العملات الأجنبية.
تشير الأرقام والإحصاءات إلى أن عدد الأردنيين المغادرين للخارج في عام 2011 يناهز 6ر2 مليون شخص ، يشكلون 42% من السكان ، وهي من أعلى النسب في العالم. ويقدر إنفاقهم في الخارج باكثر من مليار دينار أو 41ر1 مليار دولار.
هذه الضريبة ليست بدعة ، فقد فرضتها دول عديدة في أوقات الضائقة الاقتصادية المتمثلة بارتفاع العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات. وإذا كانت السياحة الواردة نوع من الصادرات الوطنية التي تستحق التشجيع فإن سياحة الأردنيين في الخارج نوع من المستوردات التي تستحق الضريبة.
لو فرضت الحكومة رسماً على الأردني المغادر مقداره خمسون ديناراً ، فإن ذلك سيخفض أعداد المغادرين لأسباب غير ضرورية بنسبة 30% مما يوفر على ميزان المدفوعات نصف مليار دولار ويؤمن للخزينة حصيلة تناهز 100 مليون دينار.
وهنا نلاحظ بأن الفقراء لا يسافرون للسياحة في سويسرا ، والاستشفاء في ألمانيا ، والدراسة في أميركا ، وقضاء إجازة العيد في شرم الشيخ ، فهذه ضريبة عادلة ، يدفعها القادرون مالياً ، بدلالة إنفاقهم أكثر من مليار دينار سنوياً في الخارج.
خطوة كهذه ستنشط المرافق السياحية المحلية ، وتولد فرص عمل في الداخل.