حكاية الشاطر.. أيضاً !!

قضية ترشيح الشاطر لرئاسة مصر تفاعلت وتصاعدت وتحولت الى قضية رأي عام في مصر والشارع العربي وعلى الصعيد الدولي أيضا, لأن الشاطر اسقط حجراً كبيراً, من علو شاهق في نهر النيل الذي كان هادئاً.
ترشيح خيرت الشاطر الذي فاجأ المصريين والعرب وصناع القرار في معظم بلاد العالم, قد تم التخطيط له بدقة, وبالتحديد قبل شهرين عندما ناقش الشاطر رغبته بخوض معركة الرئاسة مع السناتور جون ماكين, اضافة الى انه على اتصال دائم مع السفيرة الامريكية في القاهرة آن باتريسون.
يبدو أن الادارة الامريكية مؤيدة لترشيح واحد من قيادة "الاخوان" للرئاسة المصرية, وقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن المسؤولين في وزارة الخارجية غير منزعجين من تراجع "الاخوان" عن قرارهم السابق بل انهم "يشعرون بالتفاؤل"!!
ويبدو أن الشاطر له من اسمه نصيب, فهو يحاول الاثبات للمصريين أنه "شاطر" لذلك استقبل وفداً من النواب الأمريكيين برئاسة ديفيد دراير كما استقبل وفوداً اقتصادية من دول اوروبية اضافة الى انه قام بجولة خليجية اهدافها تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول الخليج ومصر التي ستكون برئاسته.
هذا يعني أن خيرت الشاطر يسابق الزمن في سعيه الى ترتيب البيت المصري الداخلي وعلاقاته الخارجية تمهيداً لفوزه بمنصب الرئيس وسيطرة "الاخوان" على السلطة, وهو "حلم اخواني قديم" راود الجماعة منذ ثورة يوليو عام .1952 واذا كان جمال عبدالناصر قد نجح في انهاء هذا الحلم بالتفاف الشعب حوله وتمتعه بصفات القائد, فإن المجلس العسكري الحالي لا يملك هذه القدرة والقوة الآن.
قيادة جماعة الاخوان وذراعها "حزب الحرية والعدالة" يعتقدون بحلول الفرصة التاريخية لحكم مصر, وربما يؤيدهم في ذلك قادة الجماعات السلفية التي تنحاز الى "مرشح اسلامي" يقود "مشروعا نهضويا مصريا بمرجعية اسلامية" على الطريقة التركية.
رغم كل ذلك, لا اعتقد أن قيام "نظام سياسي اسلامي" يقوّض "الدولة المدنية" في مصر سَيُكرّس تجربة مماثلة للتجربة التركية بتطلعاتها الغربية التي اجبرتها المحافطة على الدولة المدنية التي قامت على يدي اتاتورك "القومي المتعصب" المنحاز للتجربة الغربية والارتباط بها.
لذلك ارى ان لا الشاطر ولا غيره من قادة التيار الاسلامي في مصر لديه الاصرار على اقامة دولة ديمقراطية تعددية باطيافها السياسية وطوائفها الدينية تحترم حرية التعبير وحقوق الانسان, لأن قيام سلطة الحزب الواحد في مصر وفي مناخ غير ديمقراطي يعني الغاء وانكار الآخر بحجة الاحتكام الى ما افرزته صناديق الاقتراع, وهذا يعني في الختام الجنوح الى الانفراد بالسلطة وشمولية الحكم وممارسة الاستبداد بكل اشكاله...