اسرائيل «قلقة».. أضحكتمونا!

في معرض الترويج للمرشح الرئاسي خيّرت الشاطر, الذي دفعته جماعة الاخوان المسلمين قبل يومين لدخول حلبة المنافسة على مقعد رئيس الجمهورية, بعد أن كانت حسمت أمرها وبذلت وعوداً وفي وقت «مبكر» بأنها لن تُقدم على عمل كهذا, نشرت أوساط الجماعة وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة, اضافة الى وسائلها الاعلامية المختلفة, خبراً نسبته الى مصادر اسرائيلية لم تُسمّعها بالطبع, يقول (الخبر): ان اسرائيل «قلقة» من ترشيح الشاطر!!
المتابع بدقة لما تنشره وسائل الاعلام الاسرائيلية على اختلافها, لم يلحظ مثل هذا «القلق» لا في التحليلات الصحفية ولا في التصريحات المنقولة على ألسنة المسؤولين الاسرائيليين, بل إن محللاً اسمه تسفي برئيل قال في مقال له بصحيفة هآرتس أول من أمس الاثنين «.. هذا القرار (يقصد قرار ترشيح الشاطر) لا ينبغي أن يُقلق اسرائيل أكثر من مجرد نجاح الاخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية)..
الصورة اذاً أكثر من واضحة, فليس لاسرائيل أدنى اهتمام بشكل (اقرأ لحية) ولا بـ»زي» ولا بشعارات وحتى بأيديولوجية من يحكم في السلطة الفلسطينية أو في مصر, ولا في أي بلد عربي أو اسلامي, بقدر ما تهمها (هي والولايات المتحدة خصوصاً) المواقف السياسية والميدانية, وخصوصاً تلك التي تتم خلف الكواليس وعبر الأجهزة الاستخبارية والقنوات الأمنية, ولا تتوقف عند ما تكتبه صحفها أو ما تنشره اذاعاتها وفضائيتها, وما تحفل به مقابلات ساساتها, وللمرء أن يتلفت حواليه أو يعود للوراء ويستعرض وقائع النصف الأخير من القرن الفارط, بل منذ نشأة الدولة العبرية وقبلها, ليكتشف حجم «البراغماتية» والدهاء الذي يتوفر عليه قادتها لأنهم يريدون «العنب» وغير معنيين بمقاتلة الناطور (او النواطير التي تنام عن ثعالبها دائماً), الذي لا يُشكّل بالنسبة لهم اكثر من حارس يُستبدل عند انتهاء «ورديته» أو متى استنفد دوره أو اذا صارت كلفة استمراره تفوق حجم المنافع التي يقدمها, وما دروس «الربيع» العربي ووقائعه التي ما تزال اصداؤها تتردد في جنبات المنطقة وعلى تخومها, سوى الدليل الابرز على طبيعة «النظرة» الصهيواميركية، أو الصهيواستعمارية التي تنظم خطوات الدبلوماسية الغربية في مرحلة ما بعد انتهاء الحقبة الاستعمارية التقليدية.
هل تقلق اسرائيل حقاً؟
تعالوا ندقق في المشهد, مباشرة بعد تنحي رأس النظام (رأسه فقط) وكانت واشنطن قد استوعبت الدرس التونسي تماماً، فلم تمانع في اطاحة مبارك بل وخرج اوباما على الناس ليقول في استعراض وغطرسة: على مبارك التنحي.. «الآن»!! وتواصلت المفاجآت بعد بروز الاخوان المسلمين كأكبر المستفيدين من ثورة 25 يناير، وبدأت رياحهم بالهبوب فاغتنموها وراحوا يحصدون النتائج, على نحو لم يربك واشنطن وتل ابيب بل وبعد ان حصلتا على وعد المجلس العسكري بأن يحترم الاتفاقات الدولية والتي وقعها نظام مبارك وخصوصاً معاهدة السلام مع اسرائيل، كانت وجهتهم جماعة الاخوان التي لم تتوانَ هي الاخرى عن تقديم تعهدات كهذه، بل كانت - وكما هو معروف ومعلن - على تواصل مع الاميركان قبل ثورة 25 يناير وهو ما جلب عليهم غضب مبارك الذي حاول «استثمار» اجتماعات بعض قادة الجماعة ورموزها البرلمانية خصوصاً في مجلس الشعب (قبل الاخير في عهد مبارك) الذي حصلوا فيه على 88 مقعداً، لكن واشنطن كانت قد قررت فتح قنوات مع تيارات الاسلام السياسي في المنطقة العربية وجاءت «ثورات» الربيع العربي لتشكل فرصة تاريخية لواشنطن كي تنخرط في غزل مع هذا التيار الذي لم يتردد رموزه وقادته على اكثر من ساحة عربية في مخاطبة واشنطن بأنهم يلتزمون كلمتهم ويوفون وعودهم ولا داعي للقلق او التوجس او الخوف من وصولهم الى السلطة، ولهذا لم يكن صدفة، أن تغيب القضية الفلسطينية عن كل شعارات ثورات الربيع العربي التي قادها الاسلاميون بل وبعد وصولهم الى المقدمة كقوى اساسية (مصر) او استلامهم للسلطة (تونس وليبيا والمغرب) ام في سعيها لركوب الموجة (سوريا) كما اعلنوا ودونما خشية او تردد انهم معنيون بالمحافظة على الالتزامات والمعاهدات السابقة التي وقّعها مبارك (او الانظمة التي سقطت) وكان خيرت الشاطر على وجه الخصوص ابز محاوري الاميركان واكثرهم طمأنة لواشنطن (وبالتالي تل ابيب) التزامه بعلاقات مستقرة مع الولايات المتحدة وديمومة للسلام مع اسرائيل وتمسك باقتصاد السوق الحر.
فماذا تريدان أكثر من ذلك؟ وكيف.. بل لماذا على اسرائيل ان تقلق؟ وبخاصة ان «الأميركان» في الكونغرس والاوساط الدبلوماسية التقت الشاطر مراراً ووصفته بالمعتدل والذكي والحضور الفاعل؟! ( الرأي )