الشيخ العالم العامل حامد البيتاوي

عرفته في جبل النار، كنت في زيارة له في بيته المشرف على وسط نابلس، جلست إليه جلسة المريد إلى شيخه، أعجبتني فيه روحه الوثابة، وحس الدعابة العميق الذي لا يفارقه، حين قرأت نعيه لم أستطع أن أمنع دمعة حرى من القفز من عيني، فهو أحد أكبر المجاهدين الذين قدموا حياتهم خدمة للقضية الفلسطينية، فعاش من أجلها، ومات من أجلها أيضًا.
ويكفيه فخرا أنه أحد مؤسسي حركة حماس، فهو فخر لفلسطين، وفلسطين تفخر به وبأمثاله من العلماء العاملين.
سيرته الذاتية تعرفك على رجل ولا كل الرجال، يومها، قدم لي صبرا طازجا من حديقته المنزلية، ثمرة لم أنس طعمها منذ ما يزيد على العقود الثلاثة، كما لم أنس هيبته وعلمه وحضوره اللطيف.
هو حامد سليمان جبر خضير البيتاوي (أبو حاتم)، الذي ولد بقرية بيتا في محافظة نابلس بفلسطين 1944م. درس الابتدائية والإعدادية في مدارس قريته، والثانوية في مدرسة الجاحظ بنابلس، وحصل على شهادة الثانوية العامة، القسم الأدبي العام 1964م.
تخرج في كلية الشريعة بالجامعة الأردنية، الفوج الأول العام 1968م، وتتلمذ على يد نخبة من المشايخ والعلماء كالدكتور فضل عباس، د. إسحاق الفرحان، د. إبراهيم زيد الكيلاني، الأستاذ يوسف العظم، وغيرهم.
حصل على درجة الماجستير في الفقه والتشريع من كلية الشريعة بجامعة النجاح الوطنية بنابلس العام 1991م، وعمل في المحاكم الشرعية منذ تخرجه العام 1968م. تدرج في الوظيفة كاتبًا، فرئيسًا للكتاب، ثم قاضيًّا شرعيًّا، ثم رئيسًا لمحكمة الاستئناف الشرعية في الضفة المحتلة، ثم عضوًا في المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في فلسطين.
عمل مدرِّسًا ومحاضرًا في المدرسة الإسلامية الثانوية، وكلية الروضة، وجامعة النجاح الوطنية، وساهم بالصحوة الإسلامية المباركة في فلسطين.
وهو رئيس رابطة علماء فلسطين وخطيب المسجد الأقصى المبارك، وعضو بالعديد من الهيئات واللجان والجمعيات، كالهيئة الإسلامية العليا في القدس، وجمعية التضامن الخيرية، ولجنة زكاة نابلس، ولجان إنشاء المساجد، ولجنة التوعية الإسلامية، وغيرها من لجان الإصلاح.
انتخب عضوا المجلس التشريعي الفلسطيني في دورته الثانية منذ العام 2006م، عن قائمة التغيير والإصلاح.
تتلمذ على يديه كثير من كبار الدعاة والقادة، أمثال الأستاذ الشهيد جمال منصور، الشيخ عبد الله نمر درويش، الشيخ رائد صلاح، وغيرهم.
أقدمت سلطات الاحتلال الصهيوني على فرض الإقامة الجبرية عليه العام 1979م، ومنعته من مغادرة مكان سكنه في نابلس عدة مرات، ولعدة سنوات، ومنعته من السفر خارج الوطن. وفي العام 1990م اعتقله الاحتلال مدة عام في سجون: النقب الصحراوي، والجنيد المركزي، والفارعة، أتمّ خلالها حفظ معظم كتاب الله تعالى، وقرأ وألّف العديد من الكتيبات داخل السجن. وفي العام 1992م أُبعد إلى مرج الزهور بجنوب لبنان، مع 415 من إخوانه من المشايخ، والعلماء، والدعاة، والأطباء، والمهندسين، وغيرهم. وفي العام 1998م، اعتقلته السلطة الفلسطينية لعدة أشهر؛ لمعارضته المفاوضات السلمية مع الاحتلال وإصداره «فتوى بتحريم التنسيق الأمني مع العدو المحتل».
وفي العام 2007م، أعاد الاحتلال اعتقاله مدة عام، بعد انتخابه في المجلس التشريعي ضمن الحملة التي استهدفت غالبية نواب ووزراء ورؤساء البلديات والمجالس المحلية، لقائمة التغيير والإصلاح في الضفة المحتلة.
وفي شهر مارس من العام 2009م تعرض لإطلاق نار في مدينة نابلس، وذلك أثناء خروجه من مسجد الأنبياء بالمدينة، حيث أصيب في قدمه اليسرى إصابة متوسطة.
أجرى عددًا من العمليات الجراحية، كان آخرها عملية «قسطرة» بالمستشفى العربي بنابلس، وعمليات أخرى لبتر أصابع قدميه لإصابته بمرض السكري.
وبقي يصارع هذا المرض منذ أكثر من 20 عامًا؛ ما أدى لبتر عدد من أصابع قدميه..
توفي شيخ الأقصى المجاهد حامد البيتاوي عن 75 عامًا، يوم الأربعاء الماضي، ونعاه كبار المشايخ والعلماء والدعاة، رحمك الله يا شيخي الجليل، وجمعني بك على حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم.. ( الدستور )