الحركة الاسلامية تطالب بوقف مشروع النووي والتحقيق بمجرياته
تم نشره الأحد 08 نيسان / أبريل 2012 04:43 مساءً
المدينة نيوز - اعلن حزب جبهة العمل الاسلامي رفضه لمشروع المفاعل النووي ،محذراً من مخاطره المدمرة . واشار امين عام الحزب حمزة منصور في مؤتمر صحفي عقد ظهر الاحد الى غموض أهداف المشروع؛ ومصادر تمويله؛ والتناقض الكبير في مكوناته وعناصره؛ ومدى قدرة الأردن على تحمل تبعاته الخطيرة:،معرباً عن اعتقاده بأن المشروع يخدم مصلحة الغير أكثر من الأردن؛ وأن الأردن "سيظل يتحمل أعباء المشروع: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والصحية والبيئية والأمنية: الخطيرة، آلاف السنين، مقابل بيع كهرباء نظيفة للغير، وبكلف زهيدة؛ علاوة على إخضاعه لإملاءات وشروط هذا الغير".
واستهجن "تهرب" المسؤولين عن المشروع عن الجلوس وجهاً لوجه مع الخبراء في مناسبات عديدة؛ الامر الذي دفع الحزب الى مكافحة هذا التوجه الخطير الذي "يهددنا في حاضرنا ومستقبلنا؛ ويرهن مستقبل بلدنا؛ ويهدر مقوماتنا المحدودة؛ ومصادر مياهنا الشحيحة: لجهات مشبوهة وغير معروفة".
وعرض رئيس اللجنة المركزية لقطاع الطاقة والثروة المعدنية الدكتور علي المر للملابسات العلمية والفنية للمشروع النووي المعلن،مشيراً الى أن ما يسمى " المشروع النووي الأردني " فكرة غير مدروسة، وتتناقض مع أبسط المبادئ الدولية التي تحكم العمل في المجال النووي؛ وأنه سيظل مصدراً للتهديد الاستراتيجي وليس مصدراً استراتيجياً للطاقة؛ وعاملاً مستنزفاً للاقتصاد الوطني لا داعماً له؛ وسبباً لإخضاع الأردن لإملاءات وابتزاز الغير وليس سبباً لتحقيق استقلالية وأمن التزود بمصادر الطاقة، وسبباً في بث الرعب والتوتر وليس مصدر أمن ورخاء للشعب الأردني كما يقولون.
كما تحدث في المؤتمر رئيس اللجنة المركزية لمكافحة الفساد في الحزب المهندس عزام الهنيدي مطالباً بوقف العمل في مشروع المحطات النووية؛ في الوقت الراهن؛ ووقف تمويل أي نشاط يتعلق به.
كما دعا الى المضي قدماً وبلا تردد، وتوجيه الجهود والنفقات لتطوير مصادر الطاقة البديلة الآمنة، التي يمتلك الأردن منها كميات وافرة، كالصخر الزيتي ( الذي يتوفر منه ما يكفي الأردن مئات السنين) وطاقة الرياح والطاقة الشمسية اللتين لا تنضبان.
وطالب الهنيدي بالتحقيق في كل الإجراءات التي تمت، والاتفاقيات التي أبرمت، والأموال الطائلة التي أنفقت، والتي بلغت مئات الملايين من الدنانير، في كل الخطوات المتعلقة بمشروع المحطات النووية ومشروع اليورانيوم ومشروع المفاعل النووي البحثي.
كما طالب بالتحقيق في قرارات إدارية اتخذت لإبعاد، خبراء ومختصين معروفين ومشهود لهم، لا لشيء إلا لأن لهم رأياً مخالفاً، مستنداً إلى حجج ومبررات علمية وموضوعية.
ودعا الى رفع الدعم عن رئيس هيئة الطاقة الذرية من المرجعيات العليا وكف يده عن العمل؛ وإعادة هيكلة هيئة الطاقة الذرية، بما يوفر النفقات ويعبر عن حاجة الأردن الحقيقية.
وفيما يلي نص المؤتمر الصحفي الذي نشره موقع الإخوان المسلمين:
كلمة الشيخ حمزة منصور أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على المرسل رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
يقول الله عز وجل " ظَهَرَ الفَسَادُ في البَرِّ والبَحْرِ بما كَسَبَتْ أيْدِي النَّاسِ، لِيُذيقَهُم بَعْضَ الذي عَمِلُوا لَعَلَّهُم يَرْجِعُون." الروم 41
ويقول جل من قائل " إنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِين." يونس 81
أيها الأخوة الصحفيون والصحافيات ومندوبي وسائل الإعلام والحضور الكرام:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:فإن حزب جبهة العمل الإسلامي ينتهز هذه المناسبة الكريمة للترحيب بكم؛ مؤكداً على أهمية هذا اللقاء في نقل صورة واضحة لموقفنا من المشروع النووي المعلن، وما يجري من جدل حول قدرة الأردن على تمويله وإنشائه وإدامته.
أيها الأخوة: لقد ظل حزبنا، ومن خلال كوادرنا المتقدمة، وفي موقع المسؤولية الأولى، على تواصل مباشر مع نشاطات الطاقة النووية في الأردن، والتي حققت إنجازات متميزة في مجالات الطب والزراعة وعلوم الأرض ودراسات المياه والبيئة والوقاية من الإشعاع. ومنذ عام 2007 شهد هذا العمل انعطافاً حاداً وخطيراً، بالإعلان عن النية في إنشاء عدد من المحطات النووية، لتوليد الكهرباء وتحلية المياه. ولقد بدا واضحاً، ومنذ البداية: الغموض في أهداف المشروع؛ ومصادر تمويله؛ والتناقض الكبير في مكوناته وعناصره؛ ومدى قدرة الأردن على تحمل تبعاته الخطيرة: ما يدعو إلى الاعتقاد بأن المشروع يخدم مصلحة الغير أكثر من الأردن؛ وأن الأردن سيظل يتحمل أعباء المشروع: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والصحية والبيئية والأمنية: الخطيرة، آلاف السنين، مقابل بيع كهرباء نظيفة للغير، وبكلف زهيدة؛ علاوة على إخضاعه لإملاءات وشروط هذا الغير.
أيها الأخوة: وانطلاقاً من هذه الرؤيا، ورغبة منا في منع الانزلاق في هذا المشروع الخاسر والخطير: سارع حزب جبهة العمل الإسلامي إلى تنظيم ندوة بتاريخ 1/ 1/ 2011: دعا إليها وسائل الإعلام والمهتمين وخبراء في الطاقة النووية واليورانيوم؛ حيث ناقشوا ملابسات المشروع، ومدى الحاجة الفعلية له، والأضرار الجسيمة المترتبة عليه. وتم نشر سلسلة من المقالات في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي؛ والمشاركة في العديد من المؤتمرات والندوات، التي نظمتها الجامعات والنقابات؛ والتي أجمعت على خطورة المشروع وغموضه؛ ودعت إلى الالتزام بالشفافية والوضوح؛ في كل ما يتعلق به. ورغم ذلك ظل القائمون على المشروع يصرون على السير قدماً فيه، وإنفاق الأموال الطائلة: ما عزز القناعة أكثر: بأن المشروع له أبعاد وأهدف غير معلنة؛ فقمنا، بتاريخ 24/10/2011، بإصدار بيان صحفي: أكدنا فيه موقف الحزب، بضرورة التزام الحكومة بالشفافية في كل ما يتعلق بهذا المشروع؛ وإشراك الخبراء المتخصصين لإعادة النظر فيه في ضوء الحاجة الحقيقة للأردن. ولقد لوحظ تهرب المسئولين عن المشروع عن الجلوس، وجهاً لوجه، مع الخبراء، في مناسبات عديدة؛ ما دعانا، وقبل فرض الأمر الواقع، بإحالة عطاء المحطات النووية: إلى الدعوة لهذا المؤتمر، لتوضيح موقف حزبنا بشكل جلي، شهادة أمام الله، يسجلها التاريخ أننا لم نأل جهداً في مكافحة هذا التوجه الخطير الذي يهددنا في حاضرنا ومستقبلنا؛ ويرهن مستقبل بلدنا؛ ويهدر مقوماتنا المحدودة؛ ومصادر مياهنا الشحيحة: لجهات مشبوهة وغير معروفة. وسوف نظل نكافح: مستعينين بالله، عز وجل، ثم بوعي شعبنا، حتى يتوقف العبث بمقدراتنا وأمننا وسلامة أجيالنا.
أيها الأخوة:
إن مادة هذا المؤتمر هي نتاج تخصص دقيق، وخبرة متواصلة لكادرنا، على مدى أربعة عقود؛ ومعرفة عميقة بتفاصيل البرنامج النووي الأردني في جميع مراحله؛ وثمرة جهد متواصل بذلته اللجان المختصة في الحزب على مدى عدة أشهر، وبخاصة: اللجنة المركزية لقطاع الطاقة والثروة المعدنية واللجنة المركزية لمكافحة الفساد؛ ونحن إذ نطرحها في هذا المؤتمر الصحفي، فإننا نعتبرها ورقة وطنية، يمكن عرضها على أي مؤتمر متخصص أو منتدى علمي جاد، لنخرج بنتيجة مفيدة لبلدنا وشعبنا، تعبر عن واقعنا، وتعكس حاجتنا الحقيقة، بعيداً عن المكاسب الشخصية، والتصورات الأكاديمية المحضة، التي يجب أن تظل أبعد ما يكون عن المشاريع الكبيرة والخطيرة مثل هذا المشروع.
وتعميماً للفائدة سنقوم بتحميل المادة على موقع الحزب الإلكتروني، ليتسنى للمهتمين الاطلاع عليها؛ وسوف نقوم بطباعتها في كتيب نضعه في متناول المعنيين من نواب ووزراء ونقابيين.. للوقوف على أبعاد هذا المشروع الخطير، وعلى جسامة الأخطاء التي ترتكب بحق بلدنا وشعبنا وأجيالنا، بدعوى الحاجة الماسة لمصادر الطاقة ومياه الشرب، دون تقدير حقيقي لمتطلبات هذا المشروع الضخم، ودون استشعار لتداعياته الخطرة، التي قد تكون مدمرة لوجودنا كدولة، لو حصل ( لا قدر الله) حادث شبيه بحادثة تشرنوبيل السوفييتية، عام 1986؛ وحادثة فوكوشيما اليابانية عام 2011؛ أو غيرهما من الحوادث: الممكن وقوعها؛ والمستحيل التنبؤ بمآلاتها!
شاكراً لكم مرة أخرى مشاركتكم واهتمامكم؛ آملاً نقل صوتنا، إلى كل من يهمه الأمر، وفي جميع مواقع المسؤولية ومستوياتها، لعلهم يتدخلون، قبل فوات الأوان؛و " لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عرض للملابسات العلمية والفنية للمشروع النووي المعلن يقدمه الدكتور علي المر رئيس اللجنة المركزية لقطاع الطاقة والثروة المعدنية
إن ما استجد من أفكار تحت اسم المشروع النووي الأردني، بعد عام 2007، الذي يتضمن: إنتاج كميات من اليورانيوم لتمويل بناء عدد من المحطات النووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه وتحويل الأردن إلى بلد مصدر للطاقة بحلول عام 2030م: لا يعكس منهجية علمية ولا يعبر عن مصلحة الأردن. ولقد عارضنا هذه الأفكار، أثناء العمل الوظيفي، مستشاراً لوزير الطاقة ومديراً لليورانيوم، وعارضناها بعد الخروج من سلك العمل الحكومي؛ كما عارضها الكثيرون، من الخبراء والمختصين، في مختلف مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني. وبدلاً من الاستجابة لمنطق العلم والانصياع لداعي الحق: نجد أن من يقف وراء هذا المشروع: يجهد نفسه لتسويقه، مضللاً الرأي العام بتصورات وأفكار مغلوطة؛ كما يتضح من هذا السرد:
أولاً: فيما يتعلق باليورانيوم
تضليل الرأي العام: بأن الأردن يمتلك كميات كبيرة من اليورانيوم، تزيد على 210 ألف طن، ( 140 ألف طن من الفوسفات بتركيز 80- 280 جزء في المليون؛ و70 ألف طن اليورانيوم التقليدي في منطقة وسط الأردن)؛ وبإمكانية تصنيع الوقود النووي ( وتخصيبه محلياً)؛ وبما يضمن تمويل المحطات النووية وتشغيلها،60 عاماً، ويحقق فائضاً للتصدير، بعشرات مليارات الدنانير: وهو ادعاء باطل يتعارض مع الحقائق التالية:
1. أن كمية اليورانيوم في الفوسفات الأردني نصف الرقم المعلن ( أي 75 ألف طن فقط وليس 140 ألف طن)؛ وبتركيز متدن جداً، يتراوح بين 60 – 80 جزء في المليون فقط ( وليس 80 – 280 ج ف م)!
2. لم يثبت حتى الآن سوى وجود 12 ألف طن؛ من خام اليورانيوم التقليدي القابل للاستخراج، في منطقة وسط المملكة؛ وهي كمية قليلة جداً لا يمكن إنشاء مصنع لها؛ وأي مشروع يقام لاستخراجها سيكون خاسراً بالتأكيد، كما أن تركيز اليورانيوم في الفوسفات متدن وغير مجدٍ.
3. إن تقنيات إنتاج الوقود النووي وبخاصة المخصب حكر على عدد قليل من الدول؛ وخط أحمر لا يسمح بتجاوزه.
4. أنه حتى لو أمكن الحصول على هذه التقنيات المتطورة، فإن هذه المشاريع تعد مستنزفة للمال والجهد والوقت والطاقة.
5. أنه ليس من الحكمة ومن غير المجدي التفكير في بناء مصانع لإنتاج الوقود النووي للاستهلاك المحلي فقط؛ وليس هنالك أي ضمان لسوق خارجية طويلة الأمد.
ثانياً: فيما يتعلق بتوليد الكهرباء بالمحطات النووية
تضليل الرأي العام بإمكانية بناء واستيعاب وإدامة مشروع نووي كبير، يضم إلى جانب أشياء أخرى من 3-4 محطات نووية، بقدرة 1000- 1200 ميجا واط لكل محطة؛ وتحويل الأردن إلى بلد مصدر للطاقة، بحلول عام 2030، وتحقيق أمن التزود بمصادر الطاقة؛ وتبرير هذا المشروع بوجود دول كثيرة تمتلك محطات نووية: الأمر الذي يتناقض مع الحقائق التالية:
1. حقيقة أن جميع الدول التي تمتلك محطات نووية دول كبيرة، مليئة صناعياً ومالياً، أنشأت هيئات للطاقة النووية، منذ خمسينات القرن الماضي؛ وطورت البنى التحتية اللازمة لها، عبر 6 عقود، وليس قفزة واحدة، كما يراد للأردن؛ وتعرضت للكثير من الحوادث والخسائر التي لا يمكن تحملها بالنسبة لبلد كالأردن لا يملك من هذه المستلزمات أي شيء.
2. حقيقة أن الكثير من الدول النووية، رغم ملاءتها وخبراتها التراكمية الطويلة: أوقفت محطاتها النووية بعد حادثة فوكوشيما، أو قررت شطبها: كاليابان؛ وألمانيا التي قررت شطب ما لديها حتى عام 2022، وفرنسا حتى عام 2050.
3. حقيقة كون المحطات النووية ودورة الوقود النووي، هي أكثر الوسائل المستخدمة لإخضاع الدول لسياسات المنتجين الدوليين؛ تعرضت بسببها دول كثيرة لصنوف الابتزاز والحصار والدمار وحتى الاحتلال.
4. عدم ضمان إنتاج كهرباء بأسعار منافسة قابلة للتصدير؛ وعدم ضمان عقود ملزمة، وطويلة الأجل، لتصدير الكهرباء الفائضة، لكي لا تتوقف المحطات عن العمل.
5. عدم قدرة شبكة الكهرباء الوطنية على استيعاب مشروع نووي بهذه الضخامة؛ حيث يتطلب استقرار الشبكة والتشغيل الاقتصادي أن تظل الكهرباء المولدة نووياً من 10- 20% من الحمل الأساس، عند ربط المحطات بالشبكة.
6. التأثير السلبي للكهرباء الفائضة، المولدة نووياً، بسبب صرف الاهتمام عن تطوير مصادر الطاقة المحلية الواعدة: كالصخر الزيتي، الذي يقدر احتياطيه بنحو 40- 60 مليار طن (30- 45 مليار برميل)، تكفي الأردن مئات السنين؛ والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، النظيفة وغير الناضبة.
ثالثاً: في يتعلق المياه اللازمة للتبريد والإنتاج والتحلية
تضليل الرأي العام: بإمكانية تحلية المياه، وتوفر المياه للازمة للتبريد والإنتاج، وعدم إلحاق الضرر بالمخزون المائي في المملكة؛ ما يتعارض وبقوة مع الحقائق التالية:
1. فشل جميع التجارب الدولية السابقة لتحلية المياه بالمحطات النووية تجارياً؛ حيث تم إغلاق آخر محطة في العالم عام 2003.
2. عدم وجود مياه للتحلية بالطاقة النووية، بسبب عدم صلاحية منطقة العقبة للمحطات النووية.
3. الاستنزاف الجائر المتوقع للمياه، والذي يقدر بنحو:10 مليون متر مكعب في السنة، لكل مصنع يورانيوم؛ و20- 30 مليون متر مكعب لكل محطة نووية في السنة؛ وبكمية إجمالية قد تزيد على 100 مليون متر مكعب في السنة، باعتبار ظروف الحر والجفاف السائدة ( في حال بناء 4 محطات نووية ومعمل واحد للكعكة الصفراء)؛ ما يهدد مصادر المياه المحدودة في المملكة بالنضوب.
4. الأثر المدمر للمشروع على صلاحية المياه الجوفية المتبقية: بسبب التلوث بالإشعاع، والتسمم بمئات ملايين أطنان المعادن والأملاح التي تنجم من تحلية المياه بكميات كبيرة.
5. الآثار الضارة التي سوف تترتب على تحويل مصادر المياه، المحدودة، من الاستخدامات الحالية للشرب والري، وهدرها لغايات المشروع؛ ودون اعتبار لمصير آلاف العائلات التي تعيش على الزراعة بهذه المياه، وأثر جفاف المناطق المزروعة على حياة المواطن والبيئة المحلية.
رابعاً: فيما يتعلق بالأمن والصحة والسلامة العامة
تضليل الرأي العام بأن المشروع ليس له تداعيات خطيرة، كالحوادث المدمرة: الأمر الذي يتعارض مع الحقائق التالية:
1. حقيقة كون المفاعلات النووية تبث أنواعاً كثيرة من المواد المشعة في البيئة، حتى في ظروف التشغيل العادي، فضلاً عن الحوادث؛ وتتسبب في أضرار بيئية وصحية وكلف كبيرة لمواجهتها.
2. حقيقة أنه لا يمكن استبعاد احتمالات الحوادث النووية بسبب ارتباطها بعوامل قهرية، خارجة عن نطاق التحكم والسيطرة: كالأخطاء البشرية: الناجمة النسيان والنعاس والإهمال والإجهاد والإعياء؛ والصعوبات الفنية واللوجستية: الناجمة عن الأعطاب الصناعية، والصدأ، وضعف الصيانة، وقلة الموارد، ونقص المهارات، وصعوبات التزود بالمواد، وحالات انقطاع التيار الكهربائي، وسقوط الطائرات؛ والظروف الطبيعة: كالزلازل والفوالق والنيازك والرياح والرمال والحر والجفاف ونقص المياه الكافية والصالحة للتبريد؛ والعوامل السياسية: كالحروب، وأعمال تخريب، والخلافات، وتقلبات العلاقات الدولية التي تعيق التزود بالمواد وتهدد أمن المشروع.
3. حقيقة أن حجم الضرر المترتب على الحوادث النووية أكبر بكثير من قدرة الأردن على احتمالها؛ وأن حادثاً مثل تشرنوبيل وفوكوشيما قد يتسبب في تدمير بلد بحجم الأردن.
4. الإصرار على اختيار مفاعل، غير مجرب وغير مرخص، تنتجه حصرياً شركة أريفا؛ ما يضاعف احتمالات الحوادث الخطرة؛ ويدحض الادعاء بوجود فرصة لشركات روسية وكندية للتنافس على عطاء المحطات النووية؛ والادعاء، تمادياً في الخداع: بأن هذا التصميم مجرب، بينما لا توجد محطة نووية واحدة في العالم تستخدم لتحلية الماء (كما ذكرنا سابقاً).
5. خطورة تفويض المشاريع النووية الكبرى للقطاع الخاص وللمستثمرين والمشغلين الأجانب: بسبب تضارب المصالح بين: الحكومة التي تعمل دائماً على تعظيم جوانب الأمان والسلامة العامة؛ والمستثمرين الذين يسعون دائماً لتعظيم الأرباح على حساب هذه النواحي؛ وزيادة احتمالات أعمال الإضرار المتعمدة، بسبب استخدام أشخاص من جنسيات مختلفة.
خامساً: فيما يتعلق بالتمويل والجدوى
تضليل الرأي العام بأن المشروع لن يكلف الأردن؛ وأنه سوف يحقق وفراً كبيراً، 500 مليون دولار، في كل عام، من كل محطة نووية: ما يتعارض مع الحقائق التالية:
1. عدم إجراء أي دراسة حقيقية حتى الآن؛ للحكم بأن المشروع مجدٍ من النواحي الاقتصادية والفنية والبيئية؛
2. عدم الانتهاء حتى الآن من عمليات اختيار الموقع، والذي يؤثر بشكل كبير على جدوى المشروع اقتصادياً وفنياً وبيئياً وأمنياً.
3. حاجة كل محطة نووية إلى حوالي 5-10 مليار دولار كلفة رأسمالية سيشارك الأردن فيها بالثلث أو النصف، (حسب ما يعلن).
4. تجاهل الكلف غير المباشرة بمليارات الدنانير؛ مثل كلف: مشاريع الحوض النووي؛ والبنية التحتية؛ والأمن؛ والحماية؛ والتعويض عن الممتلكات والإصابات؛ وكلف المياه؛ وكلف تفكيك المحطات، وإعادة تأهيل المواقع؛ وكلف رأس المال؛ وغيرها من كلف كثيرة: كان يجب تقديرها وتحديد آليات الحصول عليها؛ قبل الحكم على كون المشروع ممكناً ومجدياً أم لا.
5. عدم اعتبار الحساسيات المفرطة الكثيرة المتوقعة على كلف المشروع وجدواه؛ وبخاصة فيما يتعلق: بالتأثير السلبي على خيارات الطاقة البديلة؛ والأضرار البيئية والصحية في ظروف التشغيل العادي وفي الحوادث؛ واستنزاف مصادر المياه، وتبدل استخداماتها؛ واحتمالات تعطل المحطات بسبب وقف التصدير أو غيره؛ وكلف التمويل؛ وكلف العطل والضرر؛ وكلف الوقود وأثر تقلبات السوق عليها.. الخ.
6. إهمال الكلف الباهظة للحوادث: كما حصل في حادثة تشرنوبيل، التي كلفت 7 مليار دولار؛ واستخدم فيها 116 ألف عنصر دفاع مدني، في عمليات الإخلاء والإيواء والإنقاذ؛ ونصف مليون عامل إزالة تلوث؛ وأدت إلى تعريض 6 مليون شخص في الاتحاد السوفييتي للإشعاع، و600 مليون في أوروبا؛ وأعداد كبيرة في العالم؛ ووفاة 4 آلاف شخص، وإلحاق أضرار صحية بعشرات الألوف، وتوقع موت عشرات الألوف مع الزمن؛ ودمار بيئي واسع؛ وتغير نمط حياة الملايين؛ وحادثة فوكوشيما والسونامي والتي كلفت اليابان عشرات المليارات من الدولارات، ولم تعرف بعد كامل تداعياتها البيئية والصحية.
سادساً: فيما يتعلق بمواقع المحطات النووية
التخبط الكبير، وتهديد الأمن والسلامة العامة والبيئة، باختيار مواقع غير ملائمة للمفاعلات النووية، كما في الحالات التالية:
1. المجازفة بدمار بيئي وصحي واقتصادي كبير، بالإصرار على بناء المحطات النووية في العقبة، التي تتعارض خصائصها مع مثل هذه المشاريع، وبخاصة: القرب من السكان، والحدود الدولية، والفوالق، والنشاط الزلزالي، وصغر مساحة المسطح المائي: التي تساعد بمرور الزمن، على ارتفاع الحمل الحراري، وتركيز الأملاح والتلوث الإشعاعي والتسمم الكيميائي إلى مستويات تهدد الصحة والبيئة والحياة البحرية.
2. تهديد حياة ما يقرب من 70% من سكان الأردن؛ ووضع حوالي 60% من مناطقه الزراعية وأكثر من 50% من مقوماته الصناعية ( كالمصفاة والمحطة الحرارية): في دائرة الخطر، في حالة وقوع حوادث نووية خطيرة: بسبب الإصرار على بناء المحطات النووية في المفرق؛ رغم وقوعها على امتداد الفالق القاري العظيم؛ ورداءة نوعية مياه التنقية المقترحة لتبريد المفاعلات، وعدم كفايتها؛ وطول ناقل المياه العادمة.
3. تعريض حياة 25 ألف موظف وطالب سنوياً، ليس لهم أي علاقة بالطاقة النووية، بالإصرار على إنشاء المفاعل البحثي في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا، في مخالفة صريحة لمبدأ تبرير العمل النووي الدولي؛ علاوة على بُعد هذا الموقع عن الميناء ومراكز العمل، ما يتطلب نقل المواد المشعة مسافات أطول وزيادة احتمالات الحوادث.
سابعاً: فيما يتعلق بالهياكل التنظيمية والإدارية
تكبيد الخزينة كلفاً مضاعفة، لمشاريع وبنى مؤسسية مضخمة وغير مبررة، قبل ثبوت جدوى المشاريع، كما في الحالات التالية:
1. دفع 5 مليون يورو لوضع لائحة للطاقة النووية وتجاهل عرض بإعدادها بدون مقابل على يد خبراء نوويين محليين.
2. دفع مبلغ 13 مليون دولار لشركة أجنبية لدراسة ملاءمة موقع العقبة للمشروع، والذي رفضته الشركة، بسبب النشاط الزلزالي وظروف العقبة المعروفة؛ وتجاهل دراسة محلية أعددناها عام 2008 أعدت لهذا الغرض وبينت عدم صلاحية هذا الموقع.
3. الإصرار على إنشاء مشروع سنكروترون مستهلك،بدون دراسة جدوى؛ والذي كان مقرراً له أن ينتهي عام 2009، وبكلفة لا تزيد عن 10 مليون دولار، ولكنه لم ينته بعد، ودفع فيه عشرات الملايين من الدنانير.
4. تعطيل إنشاء مفاعل بحثي متطور بتمويل كامل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ وإحالة عطاء لمشروع مفاعل بحثي مشابه في جامعة العلوم والتكنولوجيا، على شركة كورية، بكلفة 130 مليون دولار .
5. إنشاء عدد من المؤسسات والشركات، المستنفدة للمال والجهد: قبل ثبوت جدوى المشاريع، مثل: هيئة الطاقة الذرية؛ وشركة الأردنية لمصادر الطاقة (اليورانيوم)؛ والشركة النبطية للطاقة؛ والشركة الأردنية الفرنسية لتعدين اليورانيوم.
6. إنشاء أقسام للهندسة النووية والفيزياء النووية وتحلية المياه في العديد من الجامعات، ودون التفكير: في كلف وجدوى هذه البرامج؛ ومصير الأعداد الكبيرة من الخريجين، وأين سوف يعملون.
وهكذا يتضح لنا أن ما يسمى " المشروع النووي الأردني " فكرة غير مدروسة، وتتناقض مع أبسط المبادئ الدولية التي تحكم العمل في المجال النووي؛ وأنه سيظل مصدراً للتهديد الاستراتيجي وليس مصدراً استراتيجياً للطاقة؛ وعاملاً مستنزفاً للاقتصاد الوطني لا داعماً له؛ وسبباً لإخضاع الأردن لإملاءات وابتزاز الغير وليس سبباً لتحقيق استقلالية وأمن التزود بمصادر الطاقة، وسبباً في بث الرعب والتوتر وليس مصدر أمن ورخاء للشعب الأردني كما يقولون. الأمر الذي يؤكد ارتباط هذا المشروع بأجندة خاصة وقضايا فساد؛ كما سبين الأخ رئيس لجنة مكافحة الفساد في الحزب المهندس عزام الهنيدي، في كلمته التالية.
شكراً لحسن الاستماع
كلمة المهندس عزام الهنيدي رئيس اللجنة المركزية لمكافحة الفساد في الحزب حول موقف الحزب ومطالبه تجاه المشروع
لقد ترسخت لدى الشعب الأردني قناعة بانتشار الفساد وتجذره؛ وازداد وعيه وإدراكه بحجم الفساد الكبير، والمدى الواسع الذي بلغه، وكلفته العالية على الاقتصاد الوطني وعلى الوطن والمواطن. فما من وزارة ولا دائرة ولا مؤسسة مستقلة ولا شركة عامة إلا ويمارس فيها الفساد بأشكال مختلفة ودرجات متفاوتة؛ وما من مشروع ولا عطاء إلا ودخله الفساد؛ وما من عملية بيع لأراضي الدولة أو تأجيرها أو تفويضها إلا وشابها الفساد؛ وما من عملية خصخصة لمرافق الدولة أو مؤسساتها أو ممتلكاتها إلا ولفها الفساد؛ حتى المساعدات والمنح لم تسلم من الفساد والفاسدين.
إن منظومة مكافحة الفساد من أجهزة رقابية وهيئات وتشريعات قاصرة وعاجزة ومفرغة من مضمونها، وأصبحت عبئاُ إضافياً على الخزينة والشعب الأردني . وإن شعارات مكافحة الفساد التي ترفعها هذه المؤسسات والحكومات المتعاقبة تبدو دعائية وتفتقد لأية مصداقية، وتنتهي بتبييض ملفات الفساد والتضحية ببعض أكباش الفداء.
ومن آخر المشاريع الكبرى والخطيرة، التي شغلت الشارع الأردني، في الفترة الأخيرة، واستحوذت على اهتمامه، واهتمام المختصين والخبراء: مشروع الطاقة النووية؛ ولا شك أنه أضخم مشروع بكلفته وتبعاته ومتطلباته ومخاطره. ولا نريد هنا أن نتكلم عن الأخطار المدمرة لهذا المشروع، وعن عدم قدرة الأردن على تحمل متطلباته، التي تقتضي توفير المليارات: لإقامة البنية التحتية الباهظة التكاليف؛ وبناء المشروع، وتشغيله وصيانته وإدامته، وتوفير كميات كبيرة ودائمة من المياه للتبريد؛ والتخلص من النفايات السامة والخطرة الناجمة عن تشغيله؛ وتوفير أقصى درجات الأمن والأمان والحماية التي لا تحتمل الخطأ أبداً، لأن الخطأ يعنى الدمار الشامل.
لا نريد التحدث عن كل تلك الاعتبارات الهامة وغيرها الكثير، ولكنا وعلاوة على الأخطاء العلمية والملابسات الفنية الكثيرة نود أن نشير إلى كثير من الإجراءات والممارسات التي تمت، والتي تضع علامات استفهام كبيرة، وتشير إلى شبهات فساد واضحة.
1. افتقار هذا المشروع الضخم إلى الشفافية، واختباء البعض بعباءة الملك لتمرير ما يريده، بالقول بأن " ذلك هو رغبة جلالة الملك"؛مما يثير تساؤلاً كبيراً حول سر هذا الاختباء وأسبابه؛ وأشير هنا إلى عبارة للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، وردت ضمن مقال هام نشرته جريدة الغد بتاريخ 17/3/2012.. يقول فيها "يتعين على الحكومات والهيئات التنظيمية وشركات التشغيل أن تتحلى بالشفافية فيما يتصل بالفوائد والمخاطر المترتبة على الطاقة النووية والصراحة عندما تسوء الأمور".
2. عدم طرح عطاءات دولية تتنافس فيها الشركات العالمية للحصول على أفضل العروض. لقد كان هناك استدراج لعروض من شركات محددة؛ وكان هنالك توجه واضح لشركة معينة، هي شركة أريفا الفرنسية، ظهر منذ البداية على لسان رئيس هيئة الطاقة الذرية. ولقد كانت الإحالة في مشروع اليورانيوم نوع من التلزيم بطريقة ملتوية. وحتى في موضوع بناء المحطة النووية ودورة الوقود النووي، وضعت مواد في اتفاقية التعدين التي وقعت مع تلك الشركة في 21/2/2010 تعطي ميزات واضحة للشركة تمكنها من الاستئثار بالعطاء؛ رغم ما يثار من ضجة بوجود ثلاث شركات منافسة.
3. كان هناك تضليل واضح في الكثير من المعلومات التي تحدث عنها رئيس هيئة الطاقة الذرية بهدف تمرير المشروع، والتي تتعلق بمواضيع أساسية مثل كلف إنشاء وتشغيل وصيانة المحطات النووية، وإقامة البنية التحتية، وكميات اليورانيوم المتوفرة، وكميات المياه اللازمة، ومتطلبات الأمن والسلامة، والتخلص من النفايات النووية. وكان الأحرى به أن يضع الحقائق كاملة أمام الشعب الأردني، وأن يبين المخاطر الهائلة والتحديات الكبيرة والإمكانيات والمتطلبات الكثيرة التي تقتضيها إقامة مثل هذا المشروع الضخم. ويمكن الرجوع إلى النتائج والتوصيات التي خرجت بها ندوة صناعة الطاقة النووية، التي عقدت في جامعة البلقاء التطبيقية، بتاريخ 5/7/2011، وشارك فيها كبار العلماء والخبراء المختصين في مجال الطاقة النووية، وخلصت إلى التوصية النهائية التالية: " ضرورة التريث في السير بإجراءات إدخال الطاقة النووية إلى الأردن لحين إجراء مراجعة شاملة للبرنامج النووي الأردني، باختيار الموقع واختيار التكنولوجيا والجدوى الاقتصادية للمشروع بالكامل ومقارنته ببدائل الطاقة الأخرى، مثل: الغاز الطبيعي والصخر الزيتي والرياح والطاقة الشمسية وأن تشمل المراجعة تقدير خامات اليورانيوم التي تُقدم دائماً على أنها المصدر الرئيس لتمويل إنشاء وتشغيل المفاعلات النووية في الأردن وعدم الشروع في اتخاذ القرارات أحادية النظرة".
والمؤتمر الأردني الدولي الأول حول الطاقة الذي نظمته نقابة المهندسين، بتاريخ 20-22/9/2011، وحضره ما يقرب من ألف من الخبراء والعلماء والمهتمين من 28 دولة، والذي جاء في توصياته: " التأكيد على أهمية شفافية البيانات المتعلقة بجميع مشاريع الطاقة المختلفة كمشاريع الطاقة النووية .. من حيث اختيار المواقع ونواحي السلامة العامة و التكلفة و الجدوى الاقتصادية والآثار البيئية المترتبة عن إنشاء هذه المشاريع مع ضرورة فتح باب الحوار والنقاش العام بهدف تحقيق المصلحة العامة.
يضاف إلى توصيات هذه المؤتمرات الهامة آراء الكثير من الخبراء والمختصين في هذا المجال والذين أبعد عدد منهم بسبب آرائهم العلمية المخالفة لرأي رئيس هيئة الطاقة الذرية، وثبتت صحة مواقفهم، بعد تكبيد الخزينة عشرات ومئات الملايين، بسبب عدم شفافية وإصرار رئيس الهيئة على أخطائه. وهنا أود أن أشير إلى عبارة أخرى وردت في نفس مقالة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية : " إن حقيقة وقوع حادث مثل فوكوشيما في اليابان التي تعد واحدة من أكثر الدول الصناعية تقدماً: تذكرنا بأنه لا يجوز لنا أن نتعامل مع أي شيء باعتباره أمراً مسلماً به عندما يتعلق الأمر بالسلامة النووية. فالتهاون قد يكون مهلكاً".
4. اتفاقية تعدين اليورانيوم التي وقعت مع شركة أريفا الفرنسية بتاريخ 21/2/2010 وصدرت بقانون مؤقت لم يقر من البرلمان لغاية هذه اللحظة، تعتبر اتفاقية مذلة، فيها شروط مجحفة بحق الأردن، وتذكرنا باتفاقية الكازينو سيئة الذكر؛ ومن بنود هذه الاتفاقية على سبيل المثال لا الحصر:
أ. تنص الاتفاقية على أن فترة تعدين اليورانيوم ستكون إما 25 سنة من النفاذ أو تاريخ الانتهاء من إنتاج 70 ألف طن من اليورانيوم؛ ولكنها قابلة للتمديد بعد ذلك بموافقة الهيئة فقط. وإذا لم توافق الهيئة فيتوجب على الحكومة الأردنية دفع غرامة لشركة أريفا بقيمة 7.5% من سعر اليورانيوم العالمي ولكمية 50% من الكمية المثبتة من اليورانيوم بعد انتهاء الاتفاقية، بالإضافة إلى 25% من الكميات غير المقيسة؛ وكأن الأردن أصبح مرتهناً للشركة، وعليه أن يدفع لها غرامات إلى الأبد.
ب. نصت الاتفاقية على أن تصدر الشركة دراسة الجدوى بعد 36 شهراً من اتفاقية التنقيب ( الموقعة بتاريخ 30/9/2008) ويمكن تمديدها لفترة أقصاها 12 شهراً إذا تأخر التصديق على الاتفاقية إلى ما بعد 30/9/2011؛ وإذا تأخر إلى ما بعد ذلك التاريخ سيكون للشركة الخيار بإنهاء الاتفاقية ويتم تعويضها وفقاً للمادة 28- 4 – 1 (4) . وقد كان الأصل أن لا توقع اتفاقية التعدين إلا بعد تقديم دراسة الجدوى الاقتصادية ودراسة الأثر البيئي، وبعد أن يصادق عليها البرلمان. علماً بأن الشركة لم تقدم الدراسة حتى هذه اللحظة ولم يناقشها البرلمان مما يقوي احتمال إنهاء الاتفاقية ودفع التعويض المترتب عليها. وأنكى ما في الأمر أن رئيس هيئة الطاقة الذرية قد حدد شهر حزيران القادم لاختيار الشركة التي ستقوم ببناء محطة الطاقة النووية، مما يثير علامات استفهام كبيرة حول سبب هذا التسرع، ومحاولة استباق المراحل لتمرير هذا المشروع الضخم الخطير!
ت. لقد تم إنشاء الشركة الأردنية الفرنسية لتعدين اليورانيوم لغايات تنفيذ الاتفاقية، وتم تمليك شركة أريفا حصة في هذه الشركة تساوي 50% + 0.001% لكي يكون لها الحق في اتخاذ القرارات كيفما تشاء.
ث. حددت الاتفاقية منطقة التنقيب بمساحة 1460 كم2 مخالفة رأي سلطة المصادر الطبيعية ( صاحبة الولاية) ومعتدية على مساحات حددت باتفاقيات مع شركات أخرى لاستخراج الصخر الزيتي. كما ألغت حق الحكومة في إقامة أي مشروع آخر لتعدين أي معدن آخر يتم اكتشافه في منطقة تعدين اليورانيوم؛ وجعلت ذلك الحق مرهوناً بموافقة شركة أريفا. ولم يكتفَ بذلك بل لقد وسعت تلك المساحة الشاسعة لتمتد إلى أي راسب يتم اكتشافه خارج تلك المساحة، ودون أخذ موافقة سلطة المصادر الطبيعية.
ج. قدرت الاتفاقية تكاليف تنفيذ أعمال التنقيب بأربعين مليون دولار؛ وهو مبلغ مبالغ فيه إلى درجة كبيرة جداً؛ والأنكى أن الأردن سيكون ملزماً بدفع ضعف هذا المبلغ ( أي ثمانين مليون دولار)للشركة إذا تم إنهاء الاتفاقية من قبل البرلمان أو الحكومة، قبل تقديم دراسة الجدوى، ولأي سبب كان.
وبناء عليه فإننا في حزب جبهة العمل الإسلامي نرى أن المشروع النووي غير مبرر وأن هنالك الكثير من الفساد فيه، ونطالب بما يلي:
1. وقف العمل في مشروع المحطات النووية؛ في الوقت الراهن؛ ووقف تمويل أي نشاط يتعلق به.
2. المضي قدماً وبلا تردد، وتوجيه الجهود والنفقات لتطوير مصادر الطاقة البديلة الآمنة، التي يمتلك الأردن منها كميات وافرة، كالصخر الزيتي ( الذي يتوفر منه ما يكفي الأردن مئات السنين) وطاقة الرياح والطاقة الشمسية اللتين لا تنضبان.
3. التحقيق في كل الإجراءات التي تمت، والاتفاقيات التي أبرمت، والأموال الطائلة التي أنفقت، والتي بلغت مئات الملايين من الدنانير، في كل الخطوات المتعلقة بمشروع المحطات النووية ومشروع اليورانيوم ومشروع المفاعل النووي البحثي.
4. التحقيق في قرارات إدارية اتخذت لإبعاد، خبراء ومختصين معروفين ومشهود لهم، لا لشيء إلا لأن لهم رأياً مخالفاً، مستنداً إلى حجج ومبررات علمية وموضوعية. ونطالب في هذا الصدد برفع الدعم عن رئيس هيئة الطاقة الذرية من المرجعيات العليا وكف يده عن العمل؛ وإعادة هيكلة هيئة الطاقة الذرية، بما يوفر النفقات ويعبر عن حاجة الأردن الحقيقية.
وأخيراً، فإننا إذ نتقدم بهذه المطالب، نؤكد أن الشعب الأردني لم يعد يقبل بالأساليب الملتوية، والإجراءات السرية، والتستر بعباءة الملك؛ ولا ينخدع بالكلام العام المنمق، والمعلومات التي تظهر جزءاً من الحقيقة؛ ولن يتهاون بأي تلاعب بمقدراته، ونهب خيراته، وتبديد أمواله وثرواته،وتهديد أمنه وسلامة أجياله؛ ولن يقبل الاستمرار في دفع الضرائب لتغطية كلف ونفقات باهظة، ورواتب ضخمة،ومكاتب فخمة، وسيارات فارهة .. وغيرها من مظاهر الإسراف والترف، وهو مثقل بمديونية كبيرة تربو على عشرين مليار دولار!
واستهجن "تهرب" المسؤولين عن المشروع عن الجلوس وجهاً لوجه مع الخبراء في مناسبات عديدة؛ الامر الذي دفع الحزب الى مكافحة هذا التوجه الخطير الذي "يهددنا في حاضرنا ومستقبلنا؛ ويرهن مستقبل بلدنا؛ ويهدر مقوماتنا المحدودة؛ ومصادر مياهنا الشحيحة: لجهات مشبوهة وغير معروفة".
وعرض رئيس اللجنة المركزية لقطاع الطاقة والثروة المعدنية الدكتور علي المر للملابسات العلمية والفنية للمشروع النووي المعلن،مشيراً الى أن ما يسمى " المشروع النووي الأردني " فكرة غير مدروسة، وتتناقض مع أبسط المبادئ الدولية التي تحكم العمل في المجال النووي؛ وأنه سيظل مصدراً للتهديد الاستراتيجي وليس مصدراً استراتيجياً للطاقة؛ وعاملاً مستنزفاً للاقتصاد الوطني لا داعماً له؛ وسبباً لإخضاع الأردن لإملاءات وابتزاز الغير وليس سبباً لتحقيق استقلالية وأمن التزود بمصادر الطاقة، وسبباً في بث الرعب والتوتر وليس مصدر أمن ورخاء للشعب الأردني كما يقولون.
كما تحدث في المؤتمر رئيس اللجنة المركزية لمكافحة الفساد في الحزب المهندس عزام الهنيدي مطالباً بوقف العمل في مشروع المحطات النووية؛ في الوقت الراهن؛ ووقف تمويل أي نشاط يتعلق به.
كما دعا الى المضي قدماً وبلا تردد، وتوجيه الجهود والنفقات لتطوير مصادر الطاقة البديلة الآمنة، التي يمتلك الأردن منها كميات وافرة، كالصخر الزيتي ( الذي يتوفر منه ما يكفي الأردن مئات السنين) وطاقة الرياح والطاقة الشمسية اللتين لا تنضبان.
وطالب الهنيدي بالتحقيق في كل الإجراءات التي تمت، والاتفاقيات التي أبرمت، والأموال الطائلة التي أنفقت، والتي بلغت مئات الملايين من الدنانير، في كل الخطوات المتعلقة بمشروع المحطات النووية ومشروع اليورانيوم ومشروع المفاعل النووي البحثي.
كما طالب بالتحقيق في قرارات إدارية اتخذت لإبعاد، خبراء ومختصين معروفين ومشهود لهم، لا لشيء إلا لأن لهم رأياً مخالفاً، مستنداً إلى حجج ومبررات علمية وموضوعية.
ودعا الى رفع الدعم عن رئيس هيئة الطاقة الذرية من المرجعيات العليا وكف يده عن العمل؛ وإعادة هيكلة هيئة الطاقة الذرية، بما يوفر النفقات ويعبر عن حاجة الأردن الحقيقية.
وفيما يلي نص المؤتمر الصحفي الذي نشره موقع الإخوان المسلمين:
كلمة الشيخ حمزة منصور أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على المرسل رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
يقول الله عز وجل " ظَهَرَ الفَسَادُ في البَرِّ والبَحْرِ بما كَسَبَتْ أيْدِي النَّاسِ، لِيُذيقَهُم بَعْضَ الذي عَمِلُوا لَعَلَّهُم يَرْجِعُون." الروم 41
ويقول جل من قائل " إنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِين." يونس 81
أيها الأخوة الصحفيون والصحافيات ومندوبي وسائل الإعلام والحضور الكرام:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:فإن حزب جبهة العمل الإسلامي ينتهز هذه المناسبة الكريمة للترحيب بكم؛ مؤكداً على أهمية هذا اللقاء في نقل صورة واضحة لموقفنا من المشروع النووي المعلن، وما يجري من جدل حول قدرة الأردن على تمويله وإنشائه وإدامته.
أيها الأخوة: لقد ظل حزبنا، ومن خلال كوادرنا المتقدمة، وفي موقع المسؤولية الأولى، على تواصل مباشر مع نشاطات الطاقة النووية في الأردن، والتي حققت إنجازات متميزة في مجالات الطب والزراعة وعلوم الأرض ودراسات المياه والبيئة والوقاية من الإشعاع. ومنذ عام 2007 شهد هذا العمل انعطافاً حاداً وخطيراً، بالإعلان عن النية في إنشاء عدد من المحطات النووية، لتوليد الكهرباء وتحلية المياه. ولقد بدا واضحاً، ومنذ البداية: الغموض في أهداف المشروع؛ ومصادر تمويله؛ والتناقض الكبير في مكوناته وعناصره؛ ومدى قدرة الأردن على تحمل تبعاته الخطيرة: ما يدعو إلى الاعتقاد بأن المشروع يخدم مصلحة الغير أكثر من الأردن؛ وأن الأردن سيظل يتحمل أعباء المشروع: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والصحية والبيئية والأمنية: الخطيرة، آلاف السنين، مقابل بيع كهرباء نظيفة للغير، وبكلف زهيدة؛ علاوة على إخضاعه لإملاءات وشروط هذا الغير.
أيها الأخوة: وانطلاقاً من هذه الرؤيا، ورغبة منا في منع الانزلاق في هذا المشروع الخاسر والخطير: سارع حزب جبهة العمل الإسلامي إلى تنظيم ندوة بتاريخ 1/ 1/ 2011: دعا إليها وسائل الإعلام والمهتمين وخبراء في الطاقة النووية واليورانيوم؛ حيث ناقشوا ملابسات المشروع، ومدى الحاجة الفعلية له، والأضرار الجسيمة المترتبة عليه. وتم نشر سلسلة من المقالات في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي؛ والمشاركة في العديد من المؤتمرات والندوات، التي نظمتها الجامعات والنقابات؛ والتي أجمعت على خطورة المشروع وغموضه؛ ودعت إلى الالتزام بالشفافية والوضوح؛ في كل ما يتعلق به. ورغم ذلك ظل القائمون على المشروع يصرون على السير قدماً فيه، وإنفاق الأموال الطائلة: ما عزز القناعة أكثر: بأن المشروع له أبعاد وأهدف غير معلنة؛ فقمنا، بتاريخ 24/10/2011، بإصدار بيان صحفي: أكدنا فيه موقف الحزب، بضرورة التزام الحكومة بالشفافية في كل ما يتعلق بهذا المشروع؛ وإشراك الخبراء المتخصصين لإعادة النظر فيه في ضوء الحاجة الحقيقة للأردن. ولقد لوحظ تهرب المسئولين عن المشروع عن الجلوس، وجهاً لوجه، مع الخبراء، في مناسبات عديدة؛ ما دعانا، وقبل فرض الأمر الواقع، بإحالة عطاء المحطات النووية: إلى الدعوة لهذا المؤتمر، لتوضيح موقف حزبنا بشكل جلي، شهادة أمام الله، يسجلها التاريخ أننا لم نأل جهداً في مكافحة هذا التوجه الخطير الذي يهددنا في حاضرنا ومستقبلنا؛ ويرهن مستقبل بلدنا؛ ويهدر مقوماتنا المحدودة؛ ومصادر مياهنا الشحيحة: لجهات مشبوهة وغير معروفة. وسوف نظل نكافح: مستعينين بالله، عز وجل، ثم بوعي شعبنا، حتى يتوقف العبث بمقدراتنا وأمننا وسلامة أجيالنا.
أيها الأخوة:
إن مادة هذا المؤتمر هي نتاج تخصص دقيق، وخبرة متواصلة لكادرنا، على مدى أربعة عقود؛ ومعرفة عميقة بتفاصيل البرنامج النووي الأردني في جميع مراحله؛ وثمرة جهد متواصل بذلته اللجان المختصة في الحزب على مدى عدة أشهر، وبخاصة: اللجنة المركزية لقطاع الطاقة والثروة المعدنية واللجنة المركزية لمكافحة الفساد؛ ونحن إذ نطرحها في هذا المؤتمر الصحفي، فإننا نعتبرها ورقة وطنية، يمكن عرضها على أي مؤتمر متخصص أو منتدى علمي جاد، لنخرج بنتيجة مفيدة لبلدنا وشعبنا، تعبر عن واقعنا، وتعكس حاجتنا الحقيقة، بعيداً عن المكاسب الشخصية، والتصورات الأكاديمية المحضة، التي يجب أن تظل أبعد ما يكون عن المشاريع الكبيرة والخطيرة مثل هذا المشروع.
وتعميماً للفائدة سنقوم بتحميل المادة على موقع الحزب الإلكتروني، ليتسنى للمهتمين الاطلاع عليها؛ وسوف نقوم بطباعتها في كتيب نضعه في متناول المعنيين من نواب ووزراء ونقابيين.. للوقوف على أبعاد هذا المشروع الخطير، وعلى جسامة الأخطاء التي ترتكب بحق بلدنا وشعبنا وأجيالنا، بدعوى الحاجة الماسة لمصادر الطاقة ومياه الشرب، دون تقدير حقيقي لمتطلبات هذا المشروع الضخم، ودون استشعار لتداعياته الخطرة، التي قد تكون مدمرة لوجودنا كدولة، لو حصل ( لا قدر الله) حادث شبيه بحادثة تشرنوبيل السوفييتية، عام 1986؛ وحادثة فوكوشيما اليابانية عام 2011؛ أو غيرهما من الحوادث: الممكن وقوعها؛ والمستحيل التنبؤ بمآلاتها!
شاكراً لكم مرة أخرى مشاركتكم واهتمامكم؛ آملاً نقل صوتنا، إلى كل من يهمه الأمر، وفي جميع مواقع المسؤولية ومستوياتها، لعلهم يتدخلون، قبل فوات الأوان؛و " لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عرض للملابسات العلمية والفنية للمشروع النووي المعلن يقدمه الدكتور علي المر رئيس اللجنة المركزية لقطاع الطاقة والثروة المعدنية
إن ما استجد من أفكار تحت اسم المشروع النووي الأردني، بعد عام 2007، الذي يتضمن: إنتاج كميات من اليورانيوم لتمويل بناء عدد من المحطات النووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه وتحويل الأردن إلى بلد مصدر للطاقة بحلول عام 2030م: لا يعكس منهجية علمية ولا يعبر عن مصلحة الأردن. ولقد عارضنا هذه الأفكار، أثناء العمل الوظيفي، مستشاراً لوزير الطاقة ومديراً لليورانيوم، وعارضناها بعد الخروج من سلك العمل الحكومي؛ كما عارضها الكثيرون، من الخبراء والمختصين، في مختلف مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني. وبدلاً من الاستجابة لمنطق العلم والانصياع لداعي الحق: نجد أن من يقف وراء هذا المشروع: يجهد نفسه لتسويقه، مضللاً الرأي العام بتصورات وأفكار مغلوطة؛ كما يتضح من هذا السرد:
أولاً: فيما يتعلق باليورانيوم
تضليل الرأي العام: بأن الأردن يمتلك كميات كبيرة من اليورانيوم، تزيد على 210 ألف طن، ( 140 ألف طن من الفوسفات بتركيز 80- 280 جزء في المليون؛ و70 ألف طن اليورانيوم التقليدي في منطقة وسط الأردن)؛ وبإمكانية تصنيع الوقود النووي ( وتخصيبه محلياً)؛ وبما يضمن تمويل المحطات النووية وتشغيلها،60 عاماً، ويحقق فائضاً للتصدير، بعشرات مليارات الدنانير: وهو ادعاء باطل يتعارض مع الحقائق التالية:
1. أن كمية اليورانيوم في الفوسفات الأردني نصف الرقم المعلن ( أي 75 ألف طن فقط وليس 140 ألف طن)؛ وبتركيز متدن جداً، يتراوح بين 60 – 80 جزء في المليون فقط ( وليس 80 – 280 ج ف م)!
2. لم يثبت حتى الآن سوى وجود 12 ألف طن؛ من خام اليورانيوم التقليدي القابل للاستخراج، في منطقة وسط المملكة؛ وهي كمية قليلة جداً لا يمكن إنشاء مصنع لها؛ وأي مشروع يقام لاستخراجها سيكون خاسراً بالتأكيد، كما أن تركيز اليورانيوم في الفوسفات متدن وغير مجدٍ.
3. إن تقنيات إنتاج الوقود النووي وبخاصة المخصب حكر على عدد قليل من الدول؛ وخط أحمر لا يسمح بتجاوزه.
4. أنه حتى لو أمكن الحصول على هذه التقنيات المتطورة، فإن هذه المشاريع تعد مستنزفة للمال والجهد والوقت والطاقة.
5. أنه ليس من الحكمة ومن غير المجدي التفكير في بناء مصانع لإنتاج الوقود النووي للاستهلاك المحلي فقط؛ وليس هنالك أي ضمان لسوق خارجية طويلة الأمد.
ثانياً: فيما يتعلق بتوليد الكهرباء بالمحطات النووية
تضليل الرأي العام بإمكانية بناء واستيعاب وإدامة مشروع نووي كبير، يضم إلى جانب أشياء أخرى من 3-4 محطات نووية، بقدرة 1000- 1200 ميجا واط لكل محطة؛ وتحويل الأردن إلى بلد مصدر للطاقة، بحلول عام 2030، وتحقيق أمن التزود بمصادر الطاقة؛ وتبرير هذا المشروع بوجود دول كثيرة تمتلك محطات نووية: الأمر الذي يتناقض مع الحقائق التالية:
1. حقيقة أن جميع الدول التي تمتلك محطات نووية دول كبيرة، مليئة صناعياً ومالياً، أنشأت هيئات للطاقة النووية، منذ خمسينات القرن الماضي؛ وطورت البنى التحتية اللازمة لها، عبر 6 عقود، وليس قفزة واحدة، كما يراد للأردن؛ وتعرضت للكثير من الحوادث والخسائر التي لا يمكن تحملها بالنسبة لبلد كالأردن لا يملك من هذه المستلزمات أي شيء.
2. حقيقة أن الكثير من الدول النووية، رغم ملاءتها وخبراتها التراكمية الطويلة: أوقفت محطاتها النووية بعد حادثة فوكوشيما، أو قررت شطبها: كاليابان؛ وألمانيا التي قررت شطب ما لديها حتى عام 2022، وفرنسا حتى عام 2050.
3. حقيقة كون المحطات النووية ودورة الوقود النووي، هي أكثر الوسائل المستخدمة لإخضاع الدول لسياسات المنتجين الدوليين؛ تعرضت بسببها دول كثيرة لصنوف الابتزاز والحصار والدمار وحتى الاحتلال.
4. عدم ضمان إنتاج كهرباء بأسعار منافسة قابلة للتصدير؛ وعدم ضمان عقود ملزمة، وطويلة الأجل، لتصدير الكهرباء الفائضة، لكي لا تتوقف المحطات عن العمل.
5. عدم قدرة شبكة الكهرباء الوطنية على استيعاب مشروع نووي بهذه الضخامة؛ حيث يتطلب استقرار الشبكة والتشغيل الاقتصادي أن تظل الكهرباء المولدة نووياً من 10- 20% من الحمل الأساس، عند ربط المحطات بالشبكة.
6. التأثير السلبي للكهرباء الفائضة، المولدة نووياً، بسبب صرف الاهتمام عن تطوير مصادر الطاقة المحلية الواعدة: كالصخر الزيتي، الذي يقدر احتياطيه بنحو 40- 60 مليار طن (30- 45 مليار برميل)، تكفي الأردن مئات السنين؛ والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، النظيفة وغير الناضبة.
ثالثاً: في يتعلق المياه اللازمة للتبريد والإنتاج والتحلية
تضليل الرأي العام: بإمكانية تحلية المياه، وتوفر المياه للازمة للتبريد والإنتاج، وعدم إلحاق الضرر بالمخزون المائي في المملكة؛ ما يتعارض وبقوة مع الحقائق التالية:
1. فشل جميع التجارب الدولية السابقة لتحلية المياه بالمحطات النووية تجارياً؛ حيث تم إغلاق آخر محطة في العالم عام 2003.
2. عدم وجود مياه للتحلية بالطاقة النووية، بسبب عدم صلاحية منطقة العقبة للمحطات النووية.
3. الاستنزاف الجائر المتوقع للمياه، والذي يقدر بنحو:10 مليون متر مكعب في السنة، لكل مصنع يورانيوم؛ و20- 30 مليون متر مكعب لكل محطة نووية في السنة؛ وبكمية إجمالية قد تزيد على 100 مليون متر مكعب في السنة، باعتبار ظروف الحر والجفاف السائدة ( في حال بناء 4 محطات نووية ومعمل واحد للكعكة الصفراء)؛ ما يهدد مصادر المياه المحدودة في المملكة بالنضوب.
4. الأثر المدمر للمشروع على صلاحية المياه الجوفية المتبقية: بسبب التلوث بالإشعاع، والتسمم بمئات ملايين أطنان المعادن والأملاح التي تنجم من تحلية المياه بكميات كبيرة.
5. الآثار الضارة التي سوف تترتب على تحويل مصادر المياه، المحدودة، من الاستخدامات الحالية للشرب والري، وهدرها لغايات المشروع؛ ودون اعتبار لمصير آلاف العائلات التي تعيش على الزراعة بهذه المياه، وأثر جفاف المناطق المزروعة على حياة المواطن والبيئة المحلية.
رابعاً: فيما يتعلق بالأمن والصحة والسلامة العامة
تضليل الرأي العام بأن المشروع ليس له تداعيات خطيرة، كالحوادث المدمرة: الأمر الذي يتعارض مع الحقائق التالية:
1. حقيقة كون المفاعلات النووية تبث أنواعاً كثيرة من المواد المشعة في البيئة، حتى في ظروف التشغيل العادي، فضلاً عن الحوادث؛ وتتسبب في أضرار بيئية وصحية وكلف كبيرة لمواجهتها.
2. حقيقة أنه لا يمكن استبعاد احتمالات الحوادث النووية بسبب ارتباطها بعوامل قهرية، خارجة عن نطاق التحكم والسيطرة: كالأخطاء البشرية: الناجمة النسيان والنعاس والإهمال والإجهاد والإعياء؛ والصعوبات الفنية واللوجستية: الناجمة عن الأعطاب الصناعية، والصدأ، وضعف الصيانة، وقلة الموارد، ونقص المهارات، وصعوبات التزود بالمواد، وحالات انقطاع التيار الكهربائي، وسقوط الطائرات؛ والظروف الطبيعة: كالزلازل والفوالق والنيازك والرياح والرمال والحر والجفاف ونقص المياه الكافية والصالحة للتبريد؛ والعوامل السياسية: كالحروب، وأعمال تخريب، والخلافات، وتقلبات العلاقات الدولية التي تعيق التزود بالمواد وتهدد أمن المشروع.
3. حقيقة أن حجم الضرر المترتب على الحوادث النووية أكبر بكثير من قدرة الأردن على احتمالها؛ وأن حادثاً مثل تشرنوبيل وفوكوشيما قد يتسبب في تدمير بلد بحجم الأردن.
4. الإصرار على اختيار مفاعل، غير مجرب وغير مرخص، تنتجه حصرياً شركة أريفا؛ ما يضاعف احتمالات الحوادث الخطرة؛ ويدحض الادعاء بوجود فرصة لشركات روسية وكندية للتنافس على عطاء المحطات النووية؛ والادعاء، تمادياً في الخداع: بأن هذا التصميم مجرب، بينما لا توجد محطة نووية واحدة في العالم تستخدم لتحلية الماء (كما ذكرنا سابقاً).
5. خطورة تفويض المشاريع النووية الكبرى للقطاع الخاص وللمستثمرين والمشغلين الأجانب: بسبب تضارب المصالح بين: الحكومة التي تعمل دائماً على تعظيم جوانب الأمان والسلامة العامة؛ والمستثمرين الذين يسعون دائماً لتعظيم الأرباح على حساب هذه النواحي؛ وزيادة احتمالات أعمال الإضرار المتعمدة، بسبب استخدام أشخاص من جنسيات مختلفة.
خامساً: فيما يتعلق بالتمويل والجدوى
تضليل الرأي العام بأن المشروع لن يكلف الأردن؛ وأنه سوف يحقق وفراً كبيراً، 500 مليون دولار، في كل عام، من كل محطة نووية: ما يتعارض مع الحقائق التالية:
1. عدم إجراء أي دراسة حقيقية حتى الآن؛ للحكم بأن المشروع مجدٍ من النواحي الاقتصادية والفنية والبيئية؛
2. عدم الانتهاء حتى الآن من عمليات اختيار الموقع، والذي يؤثر بشكل كبير على جدوى المشروع اقتصادياً وفنياً وبيئياً وأمنياً.
3. حاجة كل محطة نووية إلى حوالي 5-10 مليار دولار كلفة رأسمالية سيشارك الأردن فيها بالثلث أو النصف، (حسب ما يعلن).
4. تجاهل الكلف غير المباشرة بمليارات الدنانير؛ مثل كلف: مشاريع الحوض النووي؛ والبنية التحتية؛ والأمن؛ والحماية؛ والتعويض عن الممتلكات والإصابات؛ وكلف المياه؛ وكلف تفكيك المحطات، وإعادة تأهيل المواقع؛ وكلف رأس المال؛ وغيرها من كلف كثيرة: كان يجب تقديرها وتحديد آليات الحصول عليها؛ قبل الحكم على كون المشروع ممكناً ومجدياً أم لا.
5. عدم اعتبار الحساسيات المفرطة الكثيرة المتوقعة على كلف المشروع وجدواه؛ وبخاصة فيما يتعلق: بالتأثير السلبي على خيارات الطاقة البديلة؛ والأضرار البيئية والصحية في ظروف التشغيل العادي وفي الحوادث؛ واستنزاف مصادر المياه، وتبدل استخداماتها؛ واحتمالات تعطل المحطات بسبب وقف التصدير أو غيره؛ وكلف التمويل؛ وكلف العطل والضرر؛ وكلف الوقود وأثر تقلبات السوق عليها.. الخ.
6. إهمال الكلف الباهظة للحوادث: كما حصل في حادثة تشرنوبيل، التي كلفت 7 مليار دولار؛ واستخدم فيها 116 ألف عنصر دفاع مدني، في عمليات الإخلاء والإيواء والإنقاذ؛ ونصف مليون عامل إزالة تلوث؛ وأدت إلى تعريض 6 مليون شخص في الاتحاد السوفييتي للإشعاع، و600 مليون في أوروبا؛ وأعداد كبيرة في العالم؛ ووفاة 4 آلاف شخص، وإلحاق أضرار صحية بعشرات الألوف، وتوقع موت عشرات الألوف مع الزمن؛ ودمار بيئي واسع؛ وتغير نمط حياة الملايين؛ وحادثة فوكوشيما والسونامي والتي كلفت اليابان عشرات المليارات من الدولارات، ولم تعرف بعد كامل تداعياتها البيئية والصحية.
سادساً: فيما يتعلق بمواقع المحطات النووية
التخبط الكبير، وتهديد الأمن والسلامة العامة والبيئة، باختيار مواقع غير ملائمة للمفاعلات النووية، كما في الحالات التالية:
1. المجازفة بدمار بيئي وصحي واقتصادي كبير، بالإصرار على بناء المحطات النووية في العقبة، التي تتعارض خصائصها مع مثل هذه المشاريع، وبخاصة: القرب من السكان، والحدود الدولية، والفوالق، والنشاط الزلزالي، وصغر مساحة المسطح المائي: التي تساعد بمرور الزمن، على ارتفاع الحمل الحراري، وتركيز الأملاح والتلوث الإشعاعي والتسمم الكيميائي إلى مستويات تهدد الصحة والبيئة والحياة البحرية.
2. تهديد حياة ما يقرب من 70% من سكان الأردن؛ ووضع حوالي 60% من مناطقه الزراعية وأكثر من 50% من مقوماته الصناعية ( كالمصفاة والمحطة الحرارية): في دائرة الخطر، في حالة وقوع حوادث نووية خطيرة: بسبب الإصرار على بناء المحطات النووية في المفرق؛ رغم وقوعها على امتداد الفالق القاري العظيم؛ ورداءة نوعية مياه التنقية المقترحة لتبريد المفاعلات، وعدم كفايتها؛ وطول ناقل المياه العادمة.
3. تعريض حياة 25 ألف موظف وطالب سنوياً، ليس لهم أي علاقة بالطاقة النووية، بالإصرار على إنشاء المفاعل البحثي في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا، في مخالفة صريحة لمبدأ تبرير العمل النووي الدولي؛ علاوة على بُعد هذا الموقع عن الميناء ومراكز العمل، ما يتطلب نقل المواد المشعة مسافات أطول وزيادة احتمالات الحوادث.
سابعاً: فيما يتعلق بالهياكل التنظيمية والإدارية
تكبيد الخزينة كلفاً مضاعفة، لمشاريع وبنى مؤسسية مضخمة وغير مبررة، قبل ثبوت جدوى المشاريع، كما في الحالات التالية:
1. دفع 5 مليون يورو لوضع لائحة للطاقة النووية وتجاهل عرض بإعدادها بدون مقابل على يد خبراء نوويين محليين.
2. دفع مبلغ 13 مليون دولار لشركة أجنبية لدراسة ملاءمة موقع العقبة للمشروع، والذي رفضته الشركة، بسبب النشاط الزلزالي وظروف العقبة المعروفة؛ وتجاهل دراسة محلية أعددناها عام 2008 أعدت لهذا الغرض وبينت عدم صلاحية هذا الموقع.
3. الإصرار على إنشاء مشروع سنكروترون مستهلك،بدون دراسة جدوى؛ والذي كان مقرراً له أن ينتهي عام 2009، وبكلفة لا تزيد عن 10 مليون دولار، ولكنه لم ينته بعد، ودفع فيه عشرات الملايين من الدنانير.
4. تعطيل إنشاء مفاعل بحثي متطور بتمويل كامل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ وإحالة عطاء لمشروع مفاعل بحثي مشابه في جامعة العلوم والتكنولوجيا، على شركة كورية، بكلفة 130 مليون دولار .
5. إنشاء عدد من المؤسسات والشركات، المستنفدة للمال والجهد: قبل ثبوت جدوى المشاريع، مثل: هيئة الطاقة الذرية؛ وشركة الأردنية لمصادر الطاقة (اليورانيوم)؛ والشركة النبطية للطاقة؛ والشركة الأردنية الفرنسية لتعدين اليورانيوم.
6. إنشاء أقسام للهندسة النووية والفيزياء النووية وتحلية المياه في العديد من الجامعات، ودون التفكير: في كلف وجدوى هذه البرامج؛ ومصير الأعداد الكبيرة من الخريجين، وأين سوف يعملون.
وهكذا يتضح لنا أن ما يسمى " المشروع النووي الأردني " فكرة غير مدروسة، وتتناقض مع أبسط المبادئ الدولية التي تحكم العمل في المجال النووي؛ وأنه سيظل مصدراً للتهديد الاستراتيجي وليس مصدراً استراتيجياً للطاقة؛ وعاملاً مستنزفاً للاقتصاد الوطني لا داعماً له؛ وسبباً لإخضاع الأردن لإملاءات وابتزاز الغير وليس سبباً لتحقيق استقلالية وأمن التزود بمصادر الطاقة، وسبباً في بث الرعب والتوتر وليس مصدر أمن ورخاء للشعب الأردني كما يقولون. الأمر الذي يؤكد ارتباط هذا المشروع بأجندة خاصة وقضايا فساد؛ كما سبين الأخ رئيس لجنة مكافحة الفساد في الحزب المهندس عزام الهنيدي، في كلمته التالية.
شكراً لحسن الاستماع
كلمة المهندس عزام الهنيدي رئيس اللجنة المركزية لمكافحة الفساد في الحزب حول موقف الحزب ومطالبه تجاه المشروع
لقد ترسخت لدى الشعب الأردني قناعة بانتشار الفساد وتجذره؛ وازداد وعيه وإدراكه بحجم الفساد الكبير، والمدى الواسع الذي بلغه، وكلفته العالية على الاقتصاد الوطني وعلى الوطن والمواطن. فما من وزارة ولا دائرة ولا مؤسسة مستقلة ولا شركة عامة إلا ويمارس فيها الفساد بأشكال مختلفة ودرجات متفاوتة؛ وما من مشروع ولا عطاء إلا ودخله الفساد؛ وما من عملية بيع لأراضي الدولة أو تأجيرها أو تفويضها إلا وشابها الفساد؛ وما من عملية خصخصة لمرافق الدولة أو مؤسساتها أو ممتلكاتها إلا ولفها الفساد؛ حتى المساعدات والمنح لم تسلم من الفساد والفاسدين.
إن منظومة مكافحة الفساد من أجهزة رقابية وهيئات وتشريعات قاصرة وعاجزة ومفرغة من مضمونها، وأصبحت عبئاُ إضافياً على الخزينة والشعب الأردني . وإن شعارات مكافحة الفساد التي ترفعها هذه المؤسسات والحكومات المتعاقبة تبدو دعائية وتفتقد لأية مصداقية، وتنتهي بتبييض ملفات الفساد والتضحية ببعض أكباش الفداء.
ومن آخر المشاريع الكبرى والخطيرة، التي شغلت الشارع الأردني، في الفترة الأخيرة، واستحوذت على اهتمامه، واهتمام المختصين والخبراء: مشروع الطاقة النووية؛ ولا شك أنه أضخم مشروع بكلفته وتبعاته ومتطلباته ومخاطره. ولا نريد هنا أن نتكلم عن الأخطار المدمرة لهذا المشروع، وعن عدم قدرة الأردن على تحمل متطلباته، التي تقتضي توفير المليارات: لإقامة البنية التحتية الباهظة التكاليف؛ وبناء المشروع، وتشغيله وصيانته وإدامته، وتوفير كميات كبيرة ودائمة من المياه للتبريد؛ والتخلص من النفايات السامة والخطرة الناجمة عن تشغيله؛ وتوفير أقصى درجات الأمن والأمان والحماية التي لا تحتمل الخطأ أبداً، لأن الخطأ يعنى الدمار الشامل.
لا نريد التحدث عن كل تلك الاعتبارات الهامة وغيرها الكثير، ولكنا وعلاوة على الأخطاء العلمية والملابسات الفنية الكثيرة نود أن نشير إلى كثير من الإجراءات والممارسات التي تمت، والتي تضع علامات استفهام كبيرة، وتشير إلى شبهات فساد واضحة.
1. افتقار هذا المشروع الضخم إلى الشفافية، واختباء البعض بعباءة الملك لتمرير ما يريده، بالقول بأن " ذلك هو رغبة جلالة الملك"؛مما يثير تساؤلاً كبيراً حول سر هذا الاختباء وأسبابه؛ وأشير هنا إلى عبارة للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، وردت ضمن مقال هام نشرته جريدة الغد بتاريخ 17/3/2012.. يقول فيها "يتعين على الحكومات والهيئات التنظيمية وشركات التشغيل أن تتحلى بالشفافية فيما يتصل بالفوائد والمخاطر المترتبة على الطاقة النووية والصراحة عندما تسوء الأمور".
2. عدم طرح عطاءات دولية تتنافس فيها الشركات العالمية للحصول على أفضل العروض. لقد كان هناك استدراج لعروض من شركات محددة؛ وكان هنالك توجه واضح لشركة معينة، هي شركة أريفا الفرنسية، ظهر منذ البداية على لسان رئيس هيئة الطاقة الذرية. ولقد كانت الإحالة في مشروع اليورانيوم نوع من التلزيم بطريقة ملتوية. وحتى في موضوع بناء المحطة النووية ودورة الوقود النووي، وضعت مواد في اتفاقية التعدين التي وقعت مع تلك الشركة في 21/2/2010 تعطي ميزات واضحة للشركة تمكنها من الاستئثار بالعطاء؛ رغم ما يثار من ضجة بوجود ثلاث شركات منافسة.
3. كان هناك تضليل واضح في الكثير من المعلومات التي تحدث عنها رئيس هيئة الطاقة الذرية بهدف تمرير المشروع، والتي تتعلق بمواضيع أساسية مثل كلف إنشاء وتشغيل وصيانة المحطات النووية، وإقامة البنية التحتية، وكميات اليورانيوم المتوفرة، وكميات المياه اللازمة، ومتطلبات الأمن والسلامة، والتخلص من النفايات النووية. وكان الأحرى به أن يضع الحقائق كاملة أمام الشعب الأردني، وأن يبين المخاطر الهائلة والتحديات الكبيرة والإمكانيات والمتطلبات الكثيرة التي تقتضيها إقامة مثل هذا المشروع الضخم. ويمكن الرجوع إلى النتائج والتوصيات التي خرجت بها ندوة صناعة الطاقة النووية، التي عقدت في جامعة البلقاء التطبيقية، بتاريخ 5/7/2011، وشارك فيها كبار العلماء والخبراء المختصين في مجال الطاقة النووية، وخلصت إلى التوصية النهائية التالية: " ضرورة التريث في السير بإجراءات إدخال الطاقة النووية إلى الأردن لحين إجراء مراجعة شاملة للبرنامج النووي الأردني، باختيار الموقع واختيار التكنولوجيا والجدوى الاقتصادية للمشروع بالكامل ومقارنته ببدائل الطاقة الأخرى، مثل: الغاز الطبيعي والصخر الزيتي والرياح والطاقة الشمسية وأن تشمل المراجعة تقدير خامات اليورانيوم التي تُقدم دائماً على أنها المصدر الرئيس لتمويل إنشاء وتشغيل المفاعلات النووية في الأردن وعدم الشروع في اتخاذ القرارات أحادية النظرة".
والمؤتمر الأردني الدولي الأول حول الطاقة الذي نظمته نقابة المهندسين، بتاريخ 20-22/9/2011، وحضره ما يقرب من ألف من الخبراء والعلماء والمهتمين من 28 دولة، والذي جاء في توصياته: " التأكيد على أهمية شفافية البيانات المتعلقة بجميع مشاريع الطاقة المختلفة كمشاريع الطاقة النووية .. من حيث اختيار المواقع ونواحي السلامة العامة و التكلفة و الجدوى الاقتصادية والآثار البيئية المترتبة عن إنشاء هذه المشاريع مع ضرورة فتح باب الحوار والنقاش العام بهدف تحقيق المصلحة العامة.
يضاف إلى توصيات هذه المؤتمرات الهامة آراء الكثير من الخبراء والمختصين في هذا المجال والذين أبعد عدد منهم بسبب آرائهم العلمية المخالفة لرأي رئيس هيئة الطاقة الذرية، وثبتت صحة مواقفهم، بعد تكبيد الخزينة عشرات ومئات الملايين، بسبب عدم شفافية وإصرار رئيس الهيئة على أخطائه. وهنا أود أن أشير إلى عبارة أخرى وردت في نفس مقالة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية : " إن حقيقة وقوع حادث مثل فوكوشيما في اليابان التي تعد واحدة من أكثر الدول الصناعية تقدماً: تذكرنا بأنه لا يجوز لنا أن نتعامل مع أي شيء باعتباره أمراً مسلماً به عندما يتعلق الأمر بالسلامة النووية. فالتهاون قد يكون مهلكاً".
4. اتفاقية تعدين اليورانيوم التي وقعت مع شركة أريفا الفرنسية بتاريخ 21/2/2010 وصدرت بقانون مؤقت لم يقر من البرلمان لغاية هذه اللحظة، تعتبر اتفاقية مذلة، فيها شروط مجحفة بحق الأردن، وتذكرنا باتفاقية الكازينو سيئة الذكر؛ ومن بنود هذه الاتفاقية على سبيل المثال لا الحصر:
أ. تنص الاتفاقية على أن فترة تعدين اليورانيوم ستكون إما 25 سنة من النفاذ أو تاريخ الانتهاء من إنتاج 70 ألف طن من اليورانيوم؛ ولكنها قابلة للتمديد بعد ذلك بموافقة الهيئة فقط. وإذا لم توافق الهيئة فيتوجب على الحكومة الأردنية دفع غرامة لشركة أريفا بقيمة 7.5% من سعر اليورانيوم العالمي ولكمية 50% من الكمية المثبتة من اليورانيوم بعد انتهاء الاتفاقية، بالإضافة إلى 25% من الكميات غير المقيسة؛ وكأن الأردن أصبح مرتهناً للشركة، وعليه أن يدفع لها غرامات إلى الأبد.
ب. نصت الاتفاقية على أن تصدر الشركة دراسة الجدوى بعد 36 شهراً من اتفاقية التنقيب ( الموقعة بتاريخ 30/9/2008) ويمكن تمديدها لفترة أقصاها 12 شهراً إذا تأخر التصديق على الاتفاقية إلى ما بعد 30/9/2011؛ وإذا تأخر إلى ما بعد ذلك التاريخ سيكون للشركة الخيار بإنهاء الاتفاقية ويتم تعويضها وفقاً للمادة 28- 4 – 1 (4) . وقد كان الأصل أن لا توقع اتفاقية التعدين إلا بعد تقديم دراسة الجدوى الاقتصادية ودراسة الأثر البيئي، وبعد أن يصادق عليها البرلمان. علماً بأن الشركة لم تقدم الدراسة حتى هذه اللحظة ولم يناقشها البرلمان مما يقوي احتمال إنهاء الاتفاقية ودفع التعويض المترتب عليها. وأنكى ما في الأمر أن رئيس هيئة الطاقة الذرية قد حدد شهر حزيران القادم لاختيار الشركة التي ستقوم ببناء محطة الطاقة النووية، مما يثير علامات استفهام كبيرة حول سبب هذا التسرع، ومحاولة استباق المراحل لتمرير هذا المشروع الضخم الخطير!
ت. لقد تم إنشاء الشركة الأردنية الفرنسية لتعدين اليورانيوم لغايات تنفيذ الاتفاقية، وتم تمليك شركة أريفا حصة في هذه الشركة تساوي 50% + 0.001% لكي يكون لها الحق في اتخاذ القرارات كيفما تشاء.
ث. حددت الاتفاقية منطقة التنقيب بمساحة 1460 كم2 مخالفة رأي سلطة المصادر الطبيعية ( صاحبة الولاية) ومعتدية على مساحات حددت باتفاقيات مع شركات أخرى لاستخراج الصخر الزيتي. كما ألغت حق الحكومة في إقامة أي مشروع آخر لتعدين أي معدن آخر يتم اكتشافه في منطقة تعدين اليورانيوم؛ وجعلت ذلك الحق مرهوناً بموافقة شركة أريفا. ولم يكتفَ بذلك بل لقد وسعت تلك المساحة الشاسعة لتمتد إلى أي راسب يتم اكتشافه خارج تلك المساحة، ودون أخذ موافقة سلطة المصادر الطبيعية.
ج. قدرت الاتفاقية تكاليف تنفيذ أعمال التنقيب بأربعين مليون دولار؛ وهو مبلغ مبالغ فيه إلى درجة كبيرة جداً؛ والأنكى أن الأردن سيكون ملزماً بدفع ضعف هذا المبلغ ( أي ثمانين مليون دولار)للشركة إذا تم إنهاء الاتفاقية من قبل البرلمان أو الحكومة، قبل تقديم دراسة الجدوى، ولأي سبب كان.
وبناء عليه فإننا في حزب جبهة العمل الإسلامي نرى أن المشروع النووي غير مبرر وأن هنالك الكثير من الفساد فيه، ونطالب بما يلي:
1. وقف العمل في مشروع المحطات النووية؛ في الوقت الراهن؛ ووقف تمويل أي نشاط يتعلق به.
2. المضي قدماً وبلا تردد، وتوجيه الجهود والنفقات لتطوير مصادر الطاقة البديلة الآمنة، التي يمتلك الأردن منها كميات وافرة، كالصخر الزيتي ( الذي يتوفر منه ما يكفي الأردن مئات السنين) وطاقة الرياح والطاقة الشمسية اللتين لا تنضبان.
3. التحقيق في كل الإجراءات التي تمت، والاتفاقيات التي أبرمت، والأموال الطائلة التي أنفقت، والتي بلغت مئات الملايين من الدنانير، في كل الخطوات المتعلقة بمشروع المحطات النووية ومشروع اليورانيوم ومشروع المفاعل النووي البحثي.
4. التحقيق في قرارات إدارية اتخذت لإبعاد، خبراء ومختصين معروفين ومشهود لهم، لا لشيء إلا لأن لهم رأياً مخالفاً، مستنداً إلى حجج ومبررات علمية وموضوعية. ونطالب في هذا الصدد برفع الدعم عن رئيس هيئة الطاقة الذرية من المرجعيات العليا وكف يده عن العمل؛ وإعادة هيكلة هيئة الطاقة الذرية، بما يوفر النفقات ويعبر عن حاجة الأردن الحقيقية.
وأخيراً، فإننا إذ نتقدم بهذه المطالب، نؤكد أن الشعب الأردني لم يعد يقبل بالأساليب الملتوية، والإجراءات السرية، والتستر بعباءة الملك؛ ولا ينخدع بالكلام العام المنمق، والمعلومات التي تظهر جزءاً من الحقيقة؛ ولن يتهاون بأي تلاعب بمقدراته، ونهب خيراته، وتبديد أمواله وثرواته،وتهديد أمنه وسلامة أجياله؛ ولن يقبل الاستمرار في دفع الضرائب لتغطية كلف ونفقات باهظة، ورواتب ضخمة،ومكاتب فخمة، وسيارات فارهة .. وغيرها من مظاهر الإسراف والترف، وهو مثقل بمديونية كبيرة تربو على عشرين مليار دولار!