يا «إخواننا» الأعزّاء!

سيصبح موقعهم وراء قافلة التاريخ وستفلت من أيديهم لحظة قد لا تتكرر إن بقي الإخوان المسلمون «إخواننا» يلفون ويدورون وإن هُمْ انتهوا إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية المقبلة التي بات واضحاً أنها ستجري قبل نهاية هذا العام سواء بحضورهم أو بغيابهم وسواء على أساس مشروع هذا القانون الذي أرسلته الحكومة إلى البرلمان أو وفقاً لأي قانون آخر حتى بما في ذلك أحد القوانين المؤقتة التي أجريت وفقاً لها انتخابات سابقة وبخاصة وأن استطلاعا جادا وموثوقا قد أشار إلى أن غالبية الأردنيين مع «الصوت الواحد» الذي يرفضه «هؤلاء» ومعهم بعض الأحزاب «المايكروسكوبية»!!.
إن هذه المرة تختلف كثيراً عن المرات السابقة حيث كان «حرد» الإخوان المسلمين واستنكافهم إما لمعالجة أزمة تنظيمية داخلية عندهم وإما لاستدراج عواطف بعض «عباد الله الصالحين» الذين لا تزال تنطلي عليهم الشعارات الزاهية والذين ربما لم يدركوا بعد أن هذه «الجماعة» المحترمة هي حزب سياسيٌّ «براغماتي» كأي حزب سياسي آخر الغاية بالنسبة إليه تبرر الوسيلة وهو على استعداد «إن هبَّ هواؤه أن يذري على ذقن صاحبه» وهذه هي التجارب متوفرة لمن يريد التأكد من هذه الحقيقة وهذه التجربة المصرية حَيةٌ وطريَّةٌ وماثلة للعيان!!.
على «إخواننا» أن يدركوا أن «الدَّلع» السياسي له نهاية وأنه ستحين لحظة ،بعد كل هذا النفس الطويل الذي بقيت تتعامل معهم أساسه كل حكومات المرحلة التي بدأت مع إطلالة الألفية الجديدة، سيكون فيها الحسم أمراً واجباً ولابد منه ولهذا فإنهم إن هم أرادوا ألاّ يجدوا أنفسهم يلهثون خلف قافلة التاريخ فإنه عليهم أن يحسموا أمورهم بسرعة وأن يتخلوا عن هذه السلبية التي ستكون مكلفة لهم وحدهم وأن يقرروا المشاركة في الانتخابات المقبلة لأن من لن يحضر السوق سيعود إلى أطفاله في نهاية النهار بيدين فارغتين.
إذا لم يشارك الإخوان المسلمون في هذه الانتخابات ،التي لأسباب كثيرة من بينها كل هذه المستجدات التي تزدحم بها هذه المنطقة تختلف كثيراً عن كل الانتخابات السابقة، فإن الشعب الأردني سيتعزز لديه الانطباع بأنهم غير جادين وأنهم سلبيون يتقنون الهدم ولا يتقنون البناء وأنهم يعتقدون خطأ أن «تَمَسكنهم» واتخاذهم وضعية الضحية سيجعل الناس يشفقون عليهم ويلتفون حولهم وبالتالي فإن المسيرة ستستمر وسينساهم الأردنيون حتى وإن هُمْ أقاموا حفلات نُواحٍ يومية وحتى وإن هم نصبوا «مضارب» لهم في ساحة المسجد الحسيني وانتقلوا ليعيشوا فيها بصورة دائمة وأبدية.
لقد قاطع «إخواننا» انتخابات المجلس النيابي الثالث عشر رفضاً لقانون الصوت الواحد ،الذي شاركوا على أساسه في انتخابات العام 1993 وفازوا بغنيمة هائلة ويومها كانوا لا يزالون الأطفال المدللين للنظام والدولة، لكن السماء لم تنطبق على الأرض وكانت النتيجة أن نسيهم الناس وانعكست هذه المقاطعة عليهم كأزمة تنظيمية داخلية كادت أن تشتتهم وتفرق شملهم وهذا ما جرى أيضاً بعد مقاطعتهم للانتخابات الأخيرة حيث من المفترض أنهم تعلموا من هذا دروساً كثيرة أولها أن الحياة السياسية في هذا البلد غير متوقفة عليهم وان الشمس لن تتوقف في كبد السماء إنْ هُمْ لاذوا ب»الحرد» واعتصموا بالاستنكاف والسلبية.
يا «إخواننا» الأعزاء ،يشهد الله أن هذه كلمة حق صادقة مصدرها الحرص عليكم وعلى هذا البلد الذي تبغددتم بنعمه لأكثر من نصف قرن من الأعوام.. وأنتم تعرفون هذا وتعرفون أنني وبدون منّة ولا إدعاء أول من أعادكم إلى شاشة التلفزيون الأردني أنتم وكل أحزاب المعارضة بعد غياب طويل.. يا «إخواننا» لا يجوز أن تبقوا متمترسين في خنادقكم القديمة والأردن ومعه المنطقة كلها قد دخلا مرحلة تحول تاريخي جديدة ولا يجوز أن تستنزفوا هذا الوقت الثمين في اجترار قضايا كنتم قد قلتوها عشرات ومئات المرات كما انه لا يجوز أن تغرقوا أكثر من اللزوم في التباهي بجدائل أبناء خالاتكم في مصر فالحكم عليكم هو حكم الشعب الأردني أولاً وأخيراً.. والشعب الأردني يريد أفعالاً وليس شعارات وأقوالاً.. إن خطوة عملية واحدة يتم البناء عليها لاحقاً أهم من كل التنظيرات التي عرفها التاريخ وعرفتها البشرية.. «واللهم اشهد»!!