مسيرات الولاء لا تغير الواقع

مسيرات حاشدة لرفض مشروع قانون الانتخابات، وأصوات من شتى المراكز والمواقع ترفضه أيضاً، وليس هناك من يدافع عنه سوى الحكومة، فهل يعدّ مثل هذا الحال طبيعياً.
مجلس النواب حوّل المشروع للجنة القانونية فيه، وكان قد سقط اقتراح بردّه قبل ذلك، والأمر لا يعني أنّ النواب مع المشروع أيضاً.
قد يمرّ العام الثاني أيضاً بعد أن فات الأول، دون تحقيق الإصلاح المنشود، الذي أساسه قانون انتخابات عصري يؤمّن تمثيلاً حقيقياً للأردنيين، ويؤمّن تداولاً سلمياً للسلطة على أساس الأكثرية والأقلية، وعلى قاعدة الحكومات البرلمانية.
ويبدو أنّ هذا الانتقال محل رفض الدوائر المتحكمة بالقرار وأدوات الإدارة على اختلاف أشكالها وأنواعها، وأنّها لا تريد تلبية المطالب الإصلاحية بالصورة التي تريدها المعارضة وحراك الشارع، وإنّما ما تراه إصلاحاً مناسباً لها، إذ أنّ مجمل الخطوات الإصلاحية التي تمّت حتى الآن لم تغيّر من قوة مركزها وقدرتها على التحكم العام بالمفاصل كافة، وهي تدرك أنّ الأمر الوحيد الذي يمكن له أن يحدّ من صلاحياتها هو القانون الذي تنشده المعارضة، وبطبيعة الحال فإنّها لن تقدّمه على طبق من فضة أو حتى من خشب.
بات جلياً أكثر ما يكون بعد مسيرات الجمعة الأخيرة، أنّ الحركة الإسلامية ومعها قوى المعارضة الأخرى ومجمل الحراك الشعبي يصرّون على مطالبهم، وأنّهم ذاهبون نحو انتزاع القانون المنشود انتزاعاً، وأنّهم بدونه لن يتركوا الشارع، وإعلانهم رفض مشروع الحكومة ومقاطعة كل مخرجاته ليس فيه سوى دلائل محددة، لن تقف عند حدود المقاطعة وحسب.
الحاجة إلى تفاهمات بين جميع أطراف المعادلة السياسية والوطنية الأردنية ملحّة أكثر ما يكون، وذلك أمام ما يجري بالجوار ويؤثّر مباشرة على المكونات العامة للدولة برمتها، فالأوضاع بسوريا لها ما لها من عدوى سريعة الانتقال، ومثلها الحال العراقي، والمسألة الفلسطينية وممارسات الاحتلال ليس أقل شأناً وتأثيراً، فسياسة التفرد بالحكم والسلطة لم تعد قابلة للاستمرار، وهي مرفوضة هنا أيضاً، وإن كان التعبير عن ذلك ما زال بالمسيرات المعارضة فقط، في حين لن تغيّر مسيرات الولاء من الحال شيء.
(السبيل)