انتخابات المعلمين نموذجا

لم يكن اكتساح جماعة الاخوان المسلمين لمجلس نقابة المعلمين مستغربا , فالجماعة لها حضور قوي وتاريخي في وزارة التربية والتعليم, لكن لم نكن نتوقع ان تصمم "الجماعة" كتلة لدعم "المطواعين" وإقصاء الاخرين, بدل ان تحاول الدخول في قائمة انتخابية متوازنة تشارك فيها جميع الاطراف الحزبية والسياسية والمناطقية من اجل اطلاق نقابة قوية تجمع ولا تفرق.
للاسف دخل "الاخوان" بتأثير عنصر القوة الطاغي من اجل فرض لون محدد على نقابة المعلمين منذ يومها الاول, ورغم شرعية ذلك الا انه خطأ سياسي تكتيكي , أدى الى بعث رسائل سلبية الى كافة الاتجاهات عن سياسة الاقصاء و التفرد التي تمارسها الجماعة المصرية , وبعث المخاوف من تكراره اردنيا.
ان ما حصل مع كتلة التوافق الوطني مشابه تماما لما وقع في انتخابات هيئات الفروع, فالاسلاميون خاضوا الانتخابات وحصلوا على 180 مقعدا بينما الكتلة الاخرى التي يرأسها "الرمز" مصطفى الرواشدة حصلت على الفتات , بسبب بقاء الرواشدة مستقلا ومتحالفا مع الاسلاميين من الباطن, وهذا ما تكرر فكتلة التوافق في انتخاب اول امس غاب عنها الرواشدة بصفقة مع الاسلاميين ما ادى الى انهيار الكتلة وعدم الحصول ولو على مقعد واحد .
وهذه الحالة الاقصائية تسبب فيها الاستاذ مصطفى الرواشدة , وهو المسؤول الاول والمباشر عن اكتساح الاسلاميين مقاعد مجلس النقابة وتفردهم بالنقابة منذ يومه الاول , والسبب يعود الى ان الرواشدة تخلى عن "جماعته" وقبل ان يكون مرشحا مستقلا ليحظى باصوات الاسلاميين, في الوقت الذي كان بامكانه ان يفرض من خلال تحالفه معهم وجود خمسة من انصاره في قائمة وحدة وطنية تبدأ بنقابة قوية لا تستثني احدا, لكنه لم يفعل.
الرسائل من انتخابات النقابة الى الرأي العام الاردني ستنعكس حتما على طبيعة علاقات الحركة الاسلامية الاردنية مع كافة الاتجاهات خاصة في الانتخابات النيابية المقبلة, فهناك مخاوف من مشروع للهيمنة والاقصاء, ونحن نرى ان العمل جار من اجل تشديد الضغط الاعلامي والشعبي على مجلس النواب من اجل ارتكاب اخطاء في مشروع القانون حتى يكون المبرر للمقاطعة اقوى, او فرض معادلات سياسية جديدة على الدولة تعطيها قوة حقيقية داخل مجلس النواب المقبل.
وانا اقولها بصراحة فان عيون "الاخوان" ليست على قانون الانتخاب, لان اي قانون يناسبهم ما دامت الانتخابات تجرى بنزاهة وشفافية , لكن العيون مفتوحة على "الدستور" والتعديلات التي يطالبون فيها وبالتحديد المواد المتعلقة بصلاحيات الملك (34 و 35 و 36).
(العرب اليوم )