نهر ادرينا وبحيرة فكتوريا

ما يجمع بين نهر ادرينا في اوروبا الوسطى وبحيرة فكتوريا في ادغال افريقيا, حكاية شقيقين تشبهنا هذه الايام.
في رواية يوغوسلافيه للكاتب ايفو اندريتش هي (جسر على نهر ادرينا) ان شقيقين من العرب اختطفا وهما طفلان وانتهى مصيرهما بصورة درامية: الاول صار رجل دين في خدمة ال هابسبورغ النمساوية, الثاني صار قائدا في خدمة الامبراطورية العثمانية. وكانت الصرب الارثوذكسية ميدان صراع بين هاتين الامبراطوريتين.
وكما تلاحظون فان العرب اليوم امام مصير مشابه لما تعرضت له صربيا الارثوذكسية من صراع بين امبراطوريات جرمانية كاثوليكية وبروتستنتينيه امبراطورية سلجوقية تتخذ من الاسلام ذريعة لها. والمهم في كل هذه الحالات ضرب البعد والهوية القومية وتحويلها الى طوائف تحت الحماية الاجنبية بعد ان تم تمزيقنا على جسر ادرينا الصربي مرة بضرب المركز القومي في مصر ثم العراق وهذه الايام, سورية, اما الذرائع سواء كانت حقيقية ام مزعومة فهي اقنعة وحسب هي وادواتها ومنابرها.
هذا عن جسر نهر ادرينا الصربي وظلاله العربية الراهنة, اما عن الشقيقين الاخرين على ضفاف بحيرة فكتوريا فاليكم قصتهما ايضا...
هما شقيقان بالمعنى الرمزي, الانثروبولوجي, ظلال هابيل وقابيل, واقصد هنا قبائل التوتسي وقبائل الهوتو والصراع المرير بينهما على امتداد البلدان التي تحيط بالبحيرة.. فالتوتسي قبائل رعوية ومروضو وحوش وصائدو جلود, فيما الهوتو قبائل زراعية وقد اكل الصراع بينهم حوالي مليون قتيل ولم يكن في واقع الحال سوى معركة بين الشركات الرأسمالية الامريكية والاوروبية حول النحاس والالماس والشاي والكاكاو (تساوي النفط والغاز في الحال العربية).
ولم تكن الشركات معنية كثيرا بالقربان المطلوب على غرار حكاية قابيل وهابيل ولا بطبيعة الكم نفسه اذا كان يخدم هذه الشركات, حتى ان امريكا اعترفت بيساري سابق زعيما للتوتسي في الكونغو نكاية بزعماء اليمين الهوتو في رواندا وبورندوي, حلفاء فرنسا والمهم عند كل هذه العواصم ما يذكرنا باحوالنا ايضا ما دام اي من الاخوين, قابيل اوهابيل مستعدا للقتال ضد اخيه بدعم الاجنبي.
(العرب اليوم)