مين الاخوان؟؟؟ نظرة وقراءات
هناك العديد من نقاط الالتقاء بين الأحزاب والنظام على صعيد التوجهات السياسية المختلفة والتي تبدو جلية عبر برامجها الحزبية، لاسيما فيما يتعلق بدعم الشعب الفلسطيني والشعب العراقي والى ترسيخ الديمقراطية في الأردن، والإصلاح على المستويات كافة، بيد أن هناك تباينا بين هذه الأحزاب والاتجاهات التي تمثلها والتي تظهر جليةً من خلال آليات العمل ومدى القرب من المضامين الرسمية فيما يتعلق بالقضايا آنفة الذكر وغيرها والتي تشكل إحدى قضايا الأمن الوطني الأردني، بخلاف الاتجاه المعارض -الأكثر ثورية- والذي يبتعد في اطروحاته الإسلامية والقومية ولربما الأممية – إلى حد ما- عن المفهوم والمضامين الرسمية، ومن أكثر الأحزاب التي أصبحت تعتبر خطرا على الدولة وعلى مسار تقدمها وعلى نفسها والمجتمع ما يطلق عليها الحركة الإسلامية بشقيها ودوائرها ولجانها وأيضاً محاكمها الداخلية داخل مقراتها وكأنها دولة.
إن كانت أو كان من يعتبرها الجهة الأقوى على الساحة الأردنية إلا أن العقول الأردنية الواعية كشفت حقائقها ورموزها الذين تطاولوا على رمز النظام وسيادة الوطن محاولين استمرار النخر اليائس بثوابت الأصالة وبفخر البداوة وبعز كرامة الأردنيين من قيم وأخلاق وجباه لن تنحني إلا لله.
فجماعة الإخوان المسلمين التي نشأت في الأردن بعد موافقة مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في تاريخ 9 كانون الثاني عام 1945 وأخذت الجماعة في مراحل التأسيس الأولى السمة الخيرية من خلال دعوتهم إلى التكافل الاجتماعي، والتربية الإسلامية بالوسائل السلمية المشروعة، وكانت ممارستها للعمل السياسي شبه معدومة، بموجب الترخيص الممنوح لها كجمعية خيرية، وقد بدأت الجماعة بتطبيق وتنظيم المحاضرات الثقافية وإصدار النشرات، وإقامة الحفلات، والاحتفال بالأعياد الإسلامية كالمولد النبوي، والبعثة والهجرة ومعركة بدر والإسراء والمعراج، والى غيره من المناسبات وعملت على تأسيس المدارس الإسلامية وجمعية المركز الإسلامي والمستشفى الإسلامي لتغطية النفقات والنشاطات، وبعد عودة الديمقراطية للأردن والفوز الملحوظ الذي حققه مرشحو جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 1989 وجدت الجماعة وبعد صدور قانون الأحزاب نفسها مضطرة لتأسيس جناح سياسي لها، وبخاصة أن نظامها الداخلي لا يسمح لها بممارسة العمل السياسي الرسمي، ويرى بعض المحللين أن هناك أسباباً أخرى تقف وراء اختيار هذه التسمية وتوقيت الإسراع في تشكيلها، حيث كانت هذه الفكرة متداولة في أوساط العديد من الناشطين والمفكرين الإسلاميين في ظل أزمة الخليج الثانية، والتي كانت البيئة السياسية الحاضنة لميلاد الكثير من الحركات والجماعات والأحزاب الإسلامية من مختلف التوجهات والأطياف، وقد بين الدكتور إسحق الفرحان المبررات الإستراتيجية لتأسيس حزب جبهة العمل الإسلامي والتي لخصها في ثلاث نقاط هي: "المبرر الفكري والأيديولوجي، والمبرر السياسي على المستويات الوطنية والعربية والعالمية، والمبرر المتعلق بالمشروع النهضوي العربي الإسلامي " من أهداف ومبادئ الحزب، باعتبار أن الإسلام نظام شامل للدين والدولة والعقيدة والتشريع، وأن العمل الإسلامي شامل للعمل الدعوي والتربوي والخيري والسياسي، وأن العمل السياسي جزء لا يتجزأ من العمل الإسلامي العام لخدمة رسالة الإسلام الشامل الذي ينظم جميع جوانب الحياة وميادينها، وأن العمل للإسلام، والعمل السياسي جزء منه، يبرر وجود حزب سياسي كحزب الجبهة، ينهض للقيام بالمهمة، بنظرة شمولية وبواقعية، ومرونة كافية، تؤدي بالتالي إلى بلورة نظرية سياسية إسلامية معاصرة يقوم بتطبيقها وتطويرها أناس يعملون في الواقع السياسي لخدمة قضايا وطنهم وأمتهم وقضايا الشعب من منظور إسلامي، والمبرر السياسي لنشوء الحزب هو التصدي للمشروع الاستعماري الغربي، تمهيداً للقضاء عليها من المخططات العالمية الاستعمارية والصهيونية، في ظل نظام عالمي جديد بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وتفرد زعامة الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تزامنت مع صحوة إسلامية على مستوى جميع أقطار العالمين العربي والإسلامي لسد الفراغ الفكري العالمي، فضلاً عن انهيار النظام العربي وفشل الاشتراكية ومفاهيم القومية العنصرية الضيقة في توحيد الأمة ونهضتها، حيث تزامن تأسيس حزب جبهة العمل الإسلامي مع صدور قانون الأحزاب في مطلع أيلول 1992م، حيث كان الحزب قد عقد اجتماع هيئته التأسيسية، وتقدمت اللجنة التحضيرية لحزب الجبهة بطلب ترخيص حزبها إلى وزارة الداخلية بتاريخ 8/10/1992 وتم الحصول على موافقة وزارة الداخلية بتاريخ 8/12/1992 وعلى إثرها تم اجتماع الهيئة التأسيسية لانتخاب أول مجلس شورى للحزب، تمخض عن انتخاب أول مجلس شورى برئاسة عبد المجيد ذنيبات الذي كان يشغل منصب نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، وانتخاب المكتب التنفيذي للحزب برئاسة الدكتور إسحق الفرحان (أمين عام الحزب) وعضوية آخرين، وفي محاضرة له في مؤسسة عبد الحميد شومان بين فيها الفرق بين الجماعة والحزب في محاولة لإيجاد قالب إسلامي مرن، شامل لجميع المواطنين، لحل للمشكلات التي تواجه الأمة في بناء مشروع نهضوي عربي إسلامي، معبرا على أن الحزب ليس دينياً، ولا طائفياً، ولا إقليمياً، إنما هو حزب إسلامي يجمع المواطنين للعمل السياسي من منظور إسلامي.
وحول أهداف الحزب، بينت النشرة التي صدرت عن الحزب وحملت عنوان «بعض سمات جبهة العمل الإسلامي» بأن الحزب يهدف إلى السير نحو تطبيق الشريعة الإسلامية، وإلى خدمة القضية الفلسطينية، والسعي لتحرير فلسطين، وترسيخ الوحدة الوطنية، وإلى ترسيخ الشورى والديمقراطية والدفاع عن الحريات وسيادة القانون، وخدمة الجماهير والاهتمام بقضايا الناس والتنمية الشاملة من منظور إسلامي، وإن الحزب سيعتمد لتحقيق أهدافه على العمل الجماهيري الاجتماعي، والاقتصادي والثقافي والتربوي والإعلامي، وعلى العمل النيابي، وأيضاً على العمل السياسي، من خلال المشاركة في السلطة التنفيذية، أو المعارضة السياسية البناءة.
الا ان واضح الأمر أن العلاقة التي ربطت بين جماعة الإخوان المسلمين في الأردن وبين النظام، بدأت بالتفكك في منتصف التسعينات من القرن الماضي، وانتقلت العلاقة عقب أحداث 11 سبتمبر إلى ما يشبه القطيعة بين الطرفين، فالحركة الإسلامية ممثلة بالإخوان استشعرت مزيداً من القوة عقب خوضها العملية الانتخابية البرلمانية والبلدية بعد الانفراج الديمقراطي النسبي عام 1989، وعليه أصبحت الجماعة تشكل قوة ودولة داخل الدولة وعند البدء بسياسات التصحيح الاقتصادي في مقدمتها الخصخصة، عملت الحركة على استغلال واستثمار زيادة قاعدتها الشعبية وأصبحوا يستقون بالشارع على النظام ولعل الانتخابات البلدية الأخيرة كشفت عن إستراتيجية الإخوان المستقبلية في عدم الرغبة في الحوار ومشروعية التوظيف السياسي للقضايا المختلفة وباعتمادها على التصعيد وسياسات حافة الهاوية، والاستفادة من تجربة انتخابات عام 1993 قانون الصوت الواحد فالحركة تحاول أن تستثمر تعاطف وجذب مزيدا من الحراك الشعبي بتشويه صورة الحكومات بالتزوير وإظهارها بصورة الضعيف وهذا ما أكده قرار جماعة الإخوان المسلمين في بيانها الصادر بتاريخ 25/9/2007 وهذا ما يبينه صيغة الاستعطاف في بيان الجماعة والذي نورد بعض المقتطفات من هذا البيان: «في ضوء ما أسفرت عنه الحوارات الواسعة - والضمانات التي أعلنها الملك، وتقديراً لصعوبة الظروف الوطنية والإقليمية، وإيثاراً للمصالح الوطنية العليا، وتجنيباً للأجيال الشابة ثقافة اليأس والقنوط المفضي إلى العنف والخراب، واستمراراً لمنهج الحضور والمشاركة، وفي ظل الاستهدافات الخطيرة التي تتعرض لها الأمة في مختلف أقطارها وفي مقدمتها قوى الإصلاح والنهوض - عقدت جماعة الإخوان المسلمين العزم ممثلة بالمكتبين التنفيذيين لجماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي... على خوض الانتخابات النيابية المقبلة وإنها ستضع في مقدمة أولوياتها العمل على إيجاد إصلاحات دستورية حقيقية ووضع حد للفساد المستشري والتخفيف من أعباء المعيشة على كاهل المواطن وستكون الصوت المعبر عن مصلحته وحريته وكرامته " محذرة من أية إجراءات تنزع نزاهة الانتخابات " باعتبار أي تلاعب سيشكل نكسة أخرى للديمقراطية والعملية الانتخابية وعليه تدل القراءات أن منهج الجماعة مختلف تماما عن جماعة أخرى يطلق عليها التحررين والقائمة على مبدأ التغيير من رأس الهرم إلى القاعدة الشعبية في حين أن الجماعة الإسلامية تبدأ من القاعدة الشعبية بالاستعطاف لتأليب الشارع على النظام وصولا إلى رأس الهرم، وعليه نلاحظ من القراءات، اختلاف الأسلوب والنظرة عن الأهداف التأسيسية تماما وهذا ما يشكل خطراً على جميع المستويات ونلاحظ أيضا أن الجماعة لها ارتباطات تنظيمية خارجية وهذا ما يخالف أحكام الدستور والقانون والدليل على ما عصف بالجماعة والتي أصبحت تواجه تحديات مع نفسها من الداخل في أزمة ما يسمى "استقالات جماعية للحمائم " وتلويح "الصقور " بالاستقالات أيضاً، جراء علاقة جماعة الإخوان المسلمين بحركة المقاومة الإسلامية "حماس " وهذا يشكل ازدواجية العلاقة بين التنظيمين الأردني والفلسطيني، وعليه هذه الازدواجية تشكل عبئا على الأمن الوطني والذي من المتوقع أن هذا الأمر سيشكل خطراً على الاستقرار السياسي مستقبلاً في حين يعتبر التنظيم الأردني مرخص ويمارس صلاحياته وحقوقه ضمن القانون بخلاف تنظيمات الإخوان في أقطار أخرى والتي حاولت التنظيمات عام 1987 أن تحصل على اندماج لمكاتبها في الخارج مع تنظيم إخوان الأردن تحت مسمى تنظيم بلاد الشام وعلية نلاحظ أن الجماعة لم تعد مجرد تنظيم سياسي أو ديني وإنما خالفت أهدافها التي عليها حصلت على ترخيصها عام 1946 وان اللغة اختلفت في قول أول قيادي من أصل فلسطيني للمراقب العام للجماعة همام سعيد 2008عام بتأكيده " أن الإخوان المسلمين أصبحوا فكرة دخلت كل بيت وهم غير قابلين للاستئصال والذوبان والتحجيم ، وعلية نلاحظ أن الجماعة تحاول أن تلعب دورين مختلفين باتخاذها سياسة الازدواجية والتي قد بينها عضو البرلمان النائب بسام حدادين بالسؤال إلى أي مدى يبقى مبررات عدم إخضاع التنظيم الاخواني لقانون الجمعيات الخيرية والتي نالت ترخيصها على هذا الأمر؟ وعليه، فان الانشقاقات الداخلية وازدواجية الأسلوب سيشكل عبئا على الجماعة وإذا ما واصلت حركة الإخوان المسلمين نهجها الحالي فسوف تشكل هذه الجماعة عبئا على نفسها قبل الدولة من خلال تعنتها ورفضها للمشاركات الرسمية في الحوار أو الانتخابات مما قد يفضي إلى انشقاق أو انقسام داخل الجماعة بظهور تيارين احدهما مع المشاركة في الحياة السياسية والآخر ضدها (رفضي)، مما قد يدفع بالدولة لتهميشها في الحوار نظراً لعدم وجود وضوح في الحوار مع أي طرف لتبني الحركة منهجية فكرية قائمة أيديولوجية في إقامة الحكم الإسلامي في كل دولة عربية على اعتبار أنه فريضة شرعية وضرورة سياسية مهمة يتم تنفيذها تدريجياً ضمن خطط عمل وصولاً لمرحلة التمكن والوصول للحكم. وتحقيقاً لهذه الغاية مارست الجماعة ومنذ تأسيسها نشاطاً سياسياً مخالفاً لترخيصها كجمعية خيرية، وقامت بإنشاء مؤسسات موازية لمؤسسات الدولة وتوسيع قاعدة الحضور الجماهيري وتوسيع قاعدة المعارضة للحكومة من خلال قيادات أحزاب المعارضة ومحاولة السيطرة على مؤسسات في المجتمع الأردني.
حيث يلاحظ بأنه لا يوجد خطة معلنه للإخوان تشمل الأبعاد الاقتصادية ،السياسية ، الاجتماعية والتي تتعلق بأسلوب عملهم الا أن جل ما يسعون إليه، محاولاتهم المستمرة لجذب الحراك الشعبي لتضخيم وجودهم في الشارع الأردني ومحاولة تجميع تيارات أحزاب المعارضة في إطار بوتقتها من خلال تشكيل كتل معارضة تتحرك في اتجاهات مختلفة ضد توجيهات الحكومات المتعاقبة في دلالة لمعارضتهم للسياسات الاقتصادية والتشريعات الحكومية كبرنامج التحول الاقتصادي،الخصخصة وأداء الوزارات وموقفهم المخالف من الدولة الأردنية عن تشعبات وارتباطات المسألة الفلسطينية وقضايا المنطقة بالعمل على محاولة السيطرة على الرأي العام الأردني ساعين إلى تقليد ما حدث في تركيا إما بتغير اسمهم ونهجهم أو من خلال تبني سياسات جديدة تستوعب المتغيرات في العالم كالديمقراطية وحرية الآخر والتعددية الحزبية هذا بالإضافة إلى وقوفها على الحياد في قضايا مصيرية كانت تهم الدولة الأردنية كأحداث أيلول ومقاطعتها للانتخابات النيابية في عدة مرات وتبنيها نهج معارض يطالب بتغيير السلطة والنظام ومكافحة الفساد .
فالمرحلة المستقبلية لهي مرحلة حياة جديدة في الحياة السياسية الأردنية فالحكومات المتعاقبة ترغب بوجود أحزاب قوية تكون داعمة لها في مواجهة الأخطار الخارجية المحيطة من خلال أدوارها وممارساتها في تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بالعمل ضمن إطار واحد مع الحكومات المتعاقبة في العمل على تطبيق خطط وبرامج تنموية اقتصادية طموحة تعمل على تعزيز أوثق للأردن بالاقتصاد العالمي ،والى تحديث عام للمجتمع وصولا إلى تحقيق الأمن والاستقرار السياسي القائم على التعاون المشترك بين الحكومات والأحزاب، في حين أن بقيت بعض الأحزاب تجابه عمليات الإصلاح والتحديث التي يسعى الأردن العمل عليها وصولا إلى تحقيق الرفاه الاجتماعي الاقتصادي تحقيقاً للتطور والتقدم، فان هذه الأحزاب ستشكل خطرا على نفسها جراء المواجهة مع أبناء الشعب الواعيين بسياسات البعض التخريبية والتي سيكون لوجودها خطراً أيضاً على الأمن الوطني الأردني والاستقرار السياسي، وعليه فان علاقة الأحزاب بالاستقرار السياسي علاقة غير متزنة فتعدد الأحزاب السياسية في بلد لا يتجاوز عدد سكانه ستة ملايين نسمة، يشكل معضلة كبيرة بالنسبة للنظام نتيجة عدم وجود برامج واضحة أو حتى خطط مستقبلية للمشاركة السياسية السليمة وتوعية وتوحيد الرأي العام، و عدم قدرتها على ممارسة العمل السياسي، وتمثيل التطلعات السياسية والاقتصادية للمواطنين، إذ أنه لا يوجد أحزاب تعمل على خدمة مصالح الأمة ولا يوجد أحزاب قائمة ومؤهلة لتشكيل حكومة ، وهذا بالتالي سيشكل أسباب وعوامل تكون أكثر إعاقة لمشاركة المواطنين السياسية من خلال هذه الأحزاب مما يولد آثاراً سلبية على الأمن والاستقرار السياسي، أما في حالة الانفتاح لبعض الأحزاب على عملية الإصلاح السياسي والاجتماعي فسوف يعزز ذلك وجودها في الدولة ويظهر قدرتها على تحمل المسؤولية مستقبلا في حال كلفت أو انتخبت لتشكيل حكومة أما إذ بقيت على هذا الحال فهذا يدل على إصرارها على مواصلة الطريق الذي اختطته لنفسها بغض النظر عن النتائج .