التريك الناعم!!

تم نشره الإثنين 16 نيسان / أبريل 2012 04:22 مساءً
التريك الناعم!!
خيري منصور

عرف العرب في الماضي غير البعيد ما يمكن تسميته «التتريك الخشن» ثم أسدل الستار بعد تحولات جذرية غيرت التضاريس السياسية لهذه المنطقة، ولم تعد خطوط الطول والعرض مثلما كانت، لكن ما يحدث الآن وفي ذروة هذه العولمة هو ما يمكن تسميته «التتريك الناعم».

سياسياً.. كان موقف اردوغان عند انسحابه من دافوس بمثابة مقدمة لتتريك سياسي ناعم وعوقب عمرو موسى لأنه لم ينسحب عن المنصة احتجاجاً على خطاب شمعون بيريز وكان للرجل الذي كان يشغل منصب الامين العام للجامعة العربية مبرراته التي أتيح لي أن اسمعها منه في القاهرة، ثم تتالت مواقف تركيا من العدوان على غزة وحصارها الى ان بدت مذبحة السفينة مرمرة وكأنها تفك آخر ارتباط سياسي بين أنقرة وتل ابيب، واذكر ان الكثير من العرب أخذوا يقارنون بين مواقف تركيا ومواقف عواصمهم، بالطبع لصالح أنقرة، وبالتالي لصالح رئيس وزرائها، وهذا النفوذ الناعم سياسياً، كان لا بد ان يتزامن معه وبتناغم مقصود أو غير مقصود.. تتريك آخر من النوع الناعم، بل شديد النعومة والرومانسية، من خلال هذا الكم من المسلسلات التركية التي تجري دبلجتها بحيث تنطق بالعربية، وهذا ليس المقام المناسب لابداء آراء نقدية في المسلسلات أولاً ثم في اسلوب تعريبها، فالحكاية أكثر تعقيداً من ان نمر بها بعجالة.

هكذا انقسم التتريك الناعم الى رافدين احدهما سياسي يمثله زعيم تركي يتحدث عن غزة وجنين ونابلس وحصار الفلسطينيين بنبرة عالية ومشحونة بتوتر يراوح بين الديني والقومي.

ما من بيت عربي الآن لا يشغل حيزاً منه هذا النتاج التركي المتلفز، بحيث لم يعد ابطال الافلام والمسلسلات العربية ينافسون هذا الفريق من النجوم الذين اختيروا بعناية فائقة ليس فقط بمعيار المواهب.. بل بالوسامة أيضاً والجاذبية، فبالنسبة لربات بيوت متعلمات الى حد ما أو أميات، لم يعد أحمد زكي ينافس مهند، رغم انه جدير بمنافسة اهم وأشهر خمسة نجوم في هوليوود.

فهل ضجر العرب من أنفسهم ومن افلامهم وثقافتهم أم ان هذه الصناعات أصابها العطب؟.

وهل تعكس مسلسلات رومانسية ترى في الحب محوراً للتاريخ والكون والانفعالات واقعاً كهذا الذي يرشح الدم من كل خلاياه؟.

ان مفهوم القوة الناعمة الذي اصبح اليوم متداولاً بمعزل عن دلالاته العميقة والدقيقة ليس كما يتصوره البعض من صائدي المصطلحات الطائرة مرادفاً لمفهوم الدولة الرخوة.

انه بمعناه التاريخي ودلالاته قد يختصر أسباب تمدد لغات وثقافات على حساب أخرى ودون اللجوء الى القوة أو استخدام السلاح.. فاسبارطة كانت ثكنة أو أشبه بخوذة، لكن أثينا هي التي عبرت القرون منذ اكثر من خمسة وعشرين قرناً، ولا نزال نعيش بمصطلحاتها بدءاً من الديمقراطية حتى الاوتقراطية والثيوقراطية، ولا يزال أطباء العالم يرددون قسم أبقراطها.

ان ما يحدث الآن على الصعيدين السياسي والفني هو تتريك ناعم، مقابل ما فقده مفهوم التغريب من الخشونة والنعومة معاً، حيث تحول ثلث مليار عربي الى طابور لا آخر له من المستهلكين والمتسولين واللاجئين!!.

(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات