الوطني لحقوق الانسان .. عتب على الغياب!

لا ادري اذا كان المركز الوطني لحقوق الانسان انتهى من “التحقيق في الاحداث التي وقعت قبل اسابيع في الطفيلة والدوار الرابع، لكن من المؤكد ان عشرة ايام قد مرت على البيان الذي اصدره المركز “وبثته وكالة انباء بترا” ووعد فيه بان الفريق الذي تم تشكيله لهذه الغاية سيصدر تقريرا نهائيا حول الموضوع.
طيلة الشهور الماضية لم نسمع صوت “المركز” لا فيما يتعلق بالتجاوزات التي جرت ضد الحراكات الشعبية، ولا فيما يتعلق “بالاخطاء” التي ارتكبت على صعيد حقوق الانسان، ولا –ايضا- فيما يتصل بمشروع قانون الانتخاب وقبله الاحزاب.. ومع اننا ندرك “محدودية” الدور الذي ينهض به المركز وتأثيره بالتالي على القرار الا ان ثمة واجبا اخلاقيا على الاقل يفترض ان يضطلع به.. واعتقد انه سيكون مؤثرا لاعتبارات عديدة اهمها ان ملف حقوق الانسان لم يعد شأنا داخليا للدول وانما شأن “عالمي” يُحسب له كل الحساب، ودور “المركز” هنا هو الدفاع عن هذه “الحقوق بكافة الاشكال بعيدا عن الحسابات والمخاوف السياسية وعن “سطوة” الحكومات ايضا.
كان اخر تقرير اصدره المركز حول “الاصلاح” في الاردن بتاريخ 3 شباط 2011 اي قبل اكثر من عام، وفيه اشارات واضحة الى تراخي الحكومات وغياب ارادة التنفيذ في الحريات العامة، ورغم بعض الملاحظات عليه الا انه منذ ذلك التاريخ “على ما اعرفه” ظل “صامتا” تجاه “استعصاء” مشروع الاصلاح وتجاه كثير من الاحداث التي تزامنت مع مطالبات الناس وحراكاتهم، وحتى حين تكلم واشهر بعض البيانات فانه ظل “مقيدا” لاعتبارات غير مفهومة اضفت على موقفه طابعا خجولا اكثر مما يجب.
لم افهم –بالطبع- سر “عزوف” المركز الوطني عن الخوض في قضايا كثيرة تتعلق بحقوق الانسان في الاردن، مثل قضية “الفوسفات” وجوازات النواب والاعتداء على “الاعلام”، كما انني لم افهم موقف المركز من قضية “الاعتقالات” التي جرت ومعنى تأخره عن اصدار تقريره في هذا الموضوع، ولو عدنا الى قانون المركز والى رسالته واهدافه لوجدنا ان مثل هذه القضايا وغيرها من صميم عمل المركز، خذ مثلا “مشروع قانون الانتخاب” الذي لم نسمع رأي المركز فيه مع انه يندرج ضمن “متابعة التطورات التي تطرأ على التشريعات الوطنية ذات العلاقة بحقوق الانسان”، وهو –بالنص- ذات الهدف الذي انشىء المركز من اجله، وخذ ايضا قضية “الاعتقالات” التي تندرج ضمن رسالة المركز “باتخاذ الاجراءات الادارية والقانونية اللازمة لمعالجة الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات والتجاوزات على حقوق الانسان للحد منها ووقفها وازالة آثارها..”، ترى ما هي الاجراءات التي قام بها المركز لتحقيق ما ورد في رسالته؟
صحيح ان الحراكات الشعبية قد نهضت للمطالبة بحقوق الناس والدفاع عن قضاياهم وصحيح ان لدينا هيئات مدنية تسهم في هذا المجال لكن من حقنا ان “نعتب” على المركز الوطني الذي سجل في سنوات مضت “بصمة” مؤثرة في حياتنا السياسية ومن حقنا ان نطالبه باستعادة دوره وعافيته وبالمشاركة في النقاش العام حول مختلف “الملفات” المتعلقة بحقوق الانسان –وما اكثرها- ونحن هنا نفتقده لاننا نحتاج الى حضوره فعلا.. والى تأثيره ايضا.
(الدستور)