.. مصر بلا ربيع!

يبدو أن التوتر في مصر وصل إلى نهاياته وبدأ ينحسر. وأن الناس ادركوا أن الصوت العالي لا يغيّر شيئاً، وأن المليونيات في ميدان التحرير لا تصنع ثورة جديدة كل يوم جمعة.
واضح الآن للجميع:
1-إن الدستور الانتقالي تم تعديله، وأخذ موافقة الشعب في استفتاء قبلته الأحزاب والقوى السياسية وأن القرار هو وضع دستور جديد.
2-إن مجلس الشعب ومجلس الشورى ليسا برلماناً، وإنما هما مجلساً تأسيسياُ له مهمة واحدة هي تشكيل لجنة وضع الدستور الدائم، ومناقشته، ووضعه بين يدي الاستفتاء الشعبي.
3-إن المجلسين لا يملكان سلطة تشكيل الوزارة، أو التصويت على الثقة بها أو نزعها منها، أو التصويت على الثقة بها أو نزعتها منها، أو وضع قوانين جديدة دون أن تكون مشروعاتها محوّلة من مجلس الوزراء.
4-إن السلطة كل السلطة هي الآن بيد المجلس العسكري. وقد نجح يوم الأحد في أخذ موافقة اجماعية من الأحزاب والقوى السياسية على أن الأولوية هي في وضع الدستور، يلي ذلك انتخاب رئيس الجمهورية. فإذا تقرّر أن يكون النظام رئاسياً.. أي أن يكون الرئيس منتخباً «رأساً» من الشعب، أو تكون الرئاسة برلمانية.. أيّ يقوم مجلس الشعب بانتخابه. وبذلك يصبح رئيس الوزراء والوزراء هم السلطة التنفيذية، ومجلس الشعب والشورى هما السلطة التنفيذية، ومجلس الشعب والشورى هما السلطة التشريعية ويكون رئيس الجمهورية رئيساً بروتوكوليّاً، كملكة بريطانيا!!.
5-إن الهتافات باسقاط حكم العسكر، لم تعد ذات قيمة. فالمصري العادي يعرف أن ذهاب المجلس الأعلى للجيش في هذه المرحلة يعني.. الفراغ. ويعني ان الدولة في مصر ستكون مثل دولة بريمر في العراق أو أسوأ. وقد يعني أيضاً أن الجيش كما حدث عام 1954 يعلن «الثورة» ويحل الأحزاب ويحكم بالديمقراطية الشعبية التي كانت في الاتحاد السوفياتي طيلة سبعين عاماً.
الصراخ في الشوارع ليست قوة تغيير في المجتمع والدولة.
وانه قد يكون قوة فوضى فمصر الان تعاني من انفلات امني مخيف لان ثورة الربيع استهدفت الامن ومؤسساته، فصارت هذه القوة قوة محسوبة على النظام البائد.. وثم حرق مقراتها، كما تم تسريح وحبس مئات من ضباطها، ومصر الان تعاني من تراجع في اقتصادها ومن هروب رؤوس الاموال الوطنية والاجنبية، واذا كان هناك من امل في المستقبل فانه ليست الاحزاب، وليس ثورة الربيع ولا حتى الديمقراطية والانتخابات، وانما هو الاستقرار والثقة بالدولة.
هناك رومانسية في قصة الاعتصامات والتظاهرات، والربيع، والاحزاب الدينية التي تبدأ وتنتهي «بمحاربة الفساد» و»الصالحين الذين يخافون ربهم» فبعد عام من هذه الفوضى وهذا الدم وهذه الحروب العدوانية الاجنبية، والحروب الداخلية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا, والوضع المشابه منذ عشر سنوات في العراق، صار من المطلوب اعادة النظر في الاساليب ولا نقول الاهداف.