الحل هو الصوت الواحد!!

يُقال :»ما لَزَّني على المر إلاّ الذي أمرُّ منه» فهذه المداعبة البريئة التي لجأ إليها كثيرون وأنا منهم بالنسبة لمشروع قانون الانتخابات الذي أرسلته الحكومة ،وبالله المستعان، إلى مجلس النواب هي هروب من الصيغة التي يتمسك بها الإخوان المسلمون أي صيغة الـ»خمسين في المائة+خمسين في المائة» التي تدل على أنهم يسيرون على طريق إخوانهم في مصر ،رغم أن هناك فوارق موضوعية بين هؤلاء وأولئك، وأنهم يسعون للاستحواذ على كل شيء ولكن بدون امتلاك ما يمتلكه «الإخوان» المصريون!!.
كان بإمكان الإخوان المسلمين ،الذين لا يزال غير معروف ما الذي يريدونه بالضبط وهل أنهم يطالبون بالكثير من أجل الحصول على ما هو أقل منه، أن يركزوا على قانون العام 1989 الذي أعطاهم فوزاً استخدموه لاحقاً للمشاركة بنصيب أكبر كثيراً من قدراتهم في إحدى الحكومات السابقة وأن يتمترسوا عنده ويجروا حوارات «أخوية» مع هذه الحكومة التي أبدت في البداية انجذاباً ودياً تجاههم لم تبده أي حكومة أخرى في الأعوام العشرة الأخيرة مع استعداد لإمكانية «تَقْييفه» ليلائم أيضاً مقاسات أخرى غير مقاسهم.
لكنهم لم يفعلوا هذا وهُمْ أمضوا فترة شهر العسل مع هذه الحكومة في الولائم وفي «التبخير» المتبادل فأصبح ينطبق عليهم ذلك المثل القائل :»في الصيف ضيعت اللبن» ولعل ما يثير الاستغراب أنهم بقوا يلزمون أنفسهم بصيغة الـ»خمسين في المائة+خمسين في المائة» التي من غير الممكن أن يوافق عليها من خارج دائرتهم إلاّ إما مصاب بعمى البصر والبصيرة أو مصاب بداء السلبية السياسية ولا يهمه أين ستذهب الأمور في بلدنا الذي مثله مثل كل بلدان المنطقة يمر في مرحلة أقلُّ ما يمكن أن يقال فيها أنها مصيرية وتاريخية وخطيرة.
إن المؤكد انه لا توجد أي نيّة لاستبعاد الإخوان المسلمين لا من الحياة السياسية ولا من المشاركة في الانتخابات المقبلة وفقاً لأي قانون يتم الاتفاق عليه بل وأن هناك إصراراً على مثل هذه المشاركة إنْ كانت لديهم هُمْ رغبة تقابل هذه الرغبة وهذا يتطلب ألاّ يبقى «هؤلاء» يحلِّقون في هذه الارتفاعات العالية وأن عليهم أن يتواضعوا قليلاً وأن يقبلوا بالالتقاء مع مَنْ مِن المفترض أنهم الشركاء في مسيرة وطن ،هو بحاجة إلى جهد كل واحدٍ من أبنائه، في منتصف الطريق.
غير مغرٍ وعلى الإطلاق هذا «المشروع» الذي أعدته هذه الحكومة ،التي استنزفت وقتاً ثميناً بالمجاملات وبتبادل قصائد الغزل بينها وبين الإخوان المسلمين، وبالإمكان القول فيه أكثر مما قاله مالك في الخمر.. لكن ولأن البديل الذي يتمسك به «إخواننا» ،هداهم الله، هو صيغة الـ»خمسين في المائة+خمسين في المائة» التي يعني القبول بها تسليم البلاد والعباد لحزب واحد ليصوغ مستقبل أجيالنا وفقاً لسياساته وتوجهاته فإنه لم يكن هناك أي خيار سوى القبول مبدئياً بالمشروع الحكومي والسعي لـ»ترقيعه» وإجراء تعديلات تجميلية عليه بقدر الإمكان.
وهنا وهذا بات واضحاً وملموساً لدى غالبية الأردنيين فإنه إذا أردنا أن نؤسس لمستقبل تشريعي واعد يضع بلدنا على طريق الإصلاح المستمر فإن الخيار الذي لا أفضل منه خيار هو خيار الصوت الواحد على أساس تقسيم الأردن إلى دوائر مغلقة بعدد أعضاء المجلس النيابي فهذا ولمرة ثانية هو المعمول به في بريطانيا منذ فترة طويلة وهذا هو الذي يعطي لكل ذي حقٍّ حقه ومع ضرورة وضع حسابات خاصة للأقليات العرقية والمذهبية وللحصة النسائية.