عن العزل السياسي والربيع العربي

تم نشره الأربعاء 18 نيسان / أبريل 2012 03:40 صباحاً
عن العزل السياسي والربيع العربي
عمر كلاب

اختصر أمس د. موسى بريزات المشهد الانتخابي العربي برمته وهو يشارك برأيه في قانون الانتخاب الاردني بقوله “ انه يضمن النتائج سلفا “ , فالانتخابات العربية , ما جرت وما ستجرى تحاول ضمان النتيجة سلفا , إما عبر قوانين العزل التي يصمت النشطاء عليها بشكل مريب , أو من خلال تكسير فرص فوز الخصوم بالقوانين الجائرة أو بالتهم الجاهزة والاستقواء بالربيع العربي بالنسبة لأحزاب المعارضة المستحدثة أو المزمنة .

هناك اغتيال جماعي للديمقراطية , وهدر دمها بين القبائل السياسية , وإن اعتاد العقل العربي اساليب الاغتيال التقليدية التي كانت تمارسها الأنظمة السياسية فإن عليه في زمن الربيع اعتياد اساليب جديدة للاغتيال , بدأت تترسخ في مفردات الخطاب السياسي الحديث أردنيا وعربيا , فما من عاصمة عربية لا تردد نفس التهم بلهجاتها المحلية “ بلطجي , أزعر , شبّيح ... , الخ “.

وما من نظام حديث خالف مبدأ العزل السياسي ولكن بتشريع نيابي وليس بسطوة الحكم, مخالفا بذلك كل الأعراف والتقاليد الحضارية للديمقراطية , وبشكل يعيدنا لمرحلة الخريف الأوروبي .

في العالم الآن احزاب متطرفة تغزو أوروبا تفوز ولا يحظر عليها الترشح , رغم ان مطالبها تخالف العقل العام والأعراف الإنسانية ومع ذلك لم نسمع عن نظام عزل سياسي , فاليمين الاوروبي يعود للواجهة , والحملات على الملونين والمهاجرين واصحاب العيون اللوزية والمسلمين تتكرّس وتحقق نجاحات شعبية , وكل ذلك مقبول في مجتمعات سبقتنا الى الديمقراطية بل يمكن القول إن فرنسا التي اخترعت عجلة الديمقراطية فقدت عقلها ذات انتخابات وفاز اليمين .

عربيا , نريد انتخابات تضمن فوز القوى الحديثة وإلا فالنتخابات مزورة , بالمقابل تسعى الحكومات والنواب القدامى لفرض نظام عزل مضاد , كما فعلنا اردنيا من خلال القائمة الحزبية التي تمنع او تحظر على صنّاع الزمن الجديد الاستفادة من نشاطهم وحراكهم وتفرض عليهم تجيير جهدهم وعرقهم للأحزاب القديمة أو من بلغت سن خروج الأسنان , وارتداء إزارها حتى لو كان على غير مقاس النشطاء .

العقل العربي يثبت انه ما زال أسيرا للعرفية , ويمكن التطرف والقول إنه مفتون بالسلطة فرديا وجماعيا , ولا يقبل الا بالديكتاتور الذي يلامس دواخل كل عربي او يحقق احلامه الصيفية والشتوية ويثبت أن العربي معاد للديمقراطية بالجينات, كما قالت دراسة غربية ذات انتصار يمين محافظ في عاصمة الشر الكونية وتراجعت على إثرها واشنطن عن دعم الديمقراطية في الوطن العربي أوائل العقد الماضي , بل دعمت التوريث السياسي في النظم الجمهورية في اليمن ومصر وسوريا .

يتحرك العقل العربي منذ عام في فضاء حر نسبيا, وللدقة في فضاء انعدام او قلة هيبة الدولة , فكشف العقل العربي عن تشظ مذهل واعراض انسحابية الى الدوائر الضيقة قبائليا ومناطقيا وعرقيا , وتثبت الامصار والتخوم العربية انها كانت مجذوبة لفكرة الوحدة والتوحد تحت راية الديكتاتور وليس راية الوطن المنصوبة على منصة الحرية والديمقراطية بل على منصة صواريخ او مدفع ثقيل .

في مرحلة التخبط أو البدايات يمكن ان تحدث انفلاتات ويمكن ان تمر الاقطار بمرحلة انعدام توازن اقتصادي واجتماعي ولكن لم نشهد كونيا ان دولة تخلصت من الاستبداد فصارت دويلات كما يحدث الآن من محاولات في ليبيا واليمن وحتى في مصر التي عرفت وحدة القطرين قبل خمسة آلاف سنة .

على القوى السياسية ان تستيقظ , وان تترك الانتهازية السياسية التي قد تكفل لها الفوز المؤقت لكنها لن تحفظ لها المقعد طويلا بل لن تحفظ لها الدولة التي ستحكمها , ولذا تراجع الوعي العربي حتى عن فكرة الديمقراطية طالما أن الهدف المنجز لها تفكيك الأقطار وانهيار الدول ووصول الخوف والجوع بدل الأمان والطعام بحسب الوعد الإلهي .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات